أسلوب التحفيز الإيجابي – تأليف: سلامة الدرعاوي

أسلوب التحفيز الإيجابي – تأليف: سلامة الدرعاوي


يمثل قرار مجلس الوزراء الأخير بإعفاء القضايا الجمركية المكتشفة أو المنظَّم بها ضبوطات قبل تاريخ 1 كانون الثاني 2025 من الغرامات، وبنسب تصل إلى 90 %، خطوة إستراتيجية تعكس توجه الحكومة نحو تصويب الأوضاع الاقتصادية وتحفيز الاستثمار، حيث يأتي هذا القرار ضمن سلسلة إجراءات إصلاحية تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال وتخفيف الأعباء عن المستثمرين والتجار والمواطنين، بما ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي ومحركاتها.أهمية هذا القرار تكمن في تفعيله لمنهج الحوافز الإيجابية بدل التركيز على العقوبات وحدها، فبدلا من الإبقاء على القضايا مفتوحة وتراكم الغرامات، يقدم القرار فرصة عملية لتسوية الملفات العالقة، من خلال دفع أصل المبلغ المستحق والإعفاء من معظم الغرامات، بل وحتى من نفقات التحصيل الإداري، فهذا النهج يُعيد بناء الثقة بين الإدارة الضريبية والمكلّفين، ويشجع على الامتثال الطوعي، ويمنح المكلّف تأكيدا بالنهج الحكومي لتحفيز الاستثمار.ومن خلال هذا القرار، يتم منح الفرصة لأصحاب القضايا الجمركية لتسوية أوضاعهم القانونية، وإنهاء القضايا العالقة، مع الاستفادة من نسب الإعفاء الكبيرة التي تصل إلى 60 % في حال عدم وجود رسوم وضرائب مستحقة على البضائع، و90 % إذا كانت هناك رسوم وضرائب مترتبة، كما يشمل الإعفاء الكامل من غرامة نفقات التحصيل الإداري عند دفع أصل المبلغ، وهي خطوة تعكس توجها عمليا نحو التسهيل وتقليل الكلف على المكلّفين، دون المساس بحقوق الدولة المالية.القرار يحفز على إجراء المصالحات وإنهاء الملفات العالقة، ويدعو جميع المعنيين إلى المبادرة بالاستفادة من هذا الإجراء قبل نهاية العام، إذ إن القرار ساري حتى 31 كانون الأول المقبل، كما أن الإعفاء لا يؤثر على أي حقوق قائمة لأصحاب القضايا لدى دائرة الجمارك، ما يضمن توازن القرار بين التسهيل من جهة، وحفظ الحقوق من جهة أخرى.إن التوسع الزمني لشمول القضايا حتى نهاية عام 2024 يعكس فهما مرنا للواقع الاقتصادي، ويمنح فرصة حقيقية للتجار والمستثمرين لتصويب أوضاعهم ضمن مهلة واقعية، ومن شأن هذا القرار أن يسهم في زيادة نسبة الامتثال، وتقليص النزاعات، وتعزيز التحصيل دون الحاجة إلى إجراءات قضائية مرهقة.القرار يُعد نموذجا عمليا لتوظيف الحوافز في معالجة التحديات المالية والجمركية، فالحلول التوافقية التي تراعي مصالح جميع الأطراف، وتُشجّع على السداد الطوعي، هي الطريق الأمثل لبناء بيئة اقتصادية مستقرة ومستدامة.