الحوارات يكتب: ثروتنا الوطنية – بقلم: سمير الحوارات

الشريف الحسين بن علي قاد ثورة، والثورة فعل انساني تاريخي جبار، والثورة أوسع بكثير من مصطلح “النهضة” وسابقة في دفق التاريخ عليها. لا نهضة في ظل القيود، ولا تنمية تحت نير الاستعمار، ولا وحدة تتحقق دون تحرر الإرادة والقرار… ما من مجاملة في رواية التاريخ، أو هكذا يفترض. وردّ فعل من آلمته هذه الثورة، وهددت مصالحه، والمالات التي سعت اليها، والوقائع التي عملت على إرسائها وتجذيرها، يُثبت ثوريّة جوهرها… وإلا كيف لنا أن نفسر حالة العداء التي واجهتها هذه الثورة منذ اللحظات الأولى من قبل الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس والطورانية العثمانية والصهيونية المبكرة؟.لقد كان تعريب قيادة الجيش العربي خطوة حاسمة ومفصليّة لإتمام مسيرة الاستقلال الوطني، وبناء وطن سيّد مستقل. فلا إرادة حرة، ولا استقلال ناجز دون قيادة وطنية للجيش والقوات المسلحة الأردنية. من المعروف أن الجيش الوطني في دول العالم قاطبة، وفي دول العالم الثالث تحديداً، يحقق جملة واسعة من الأهداف التي لا تقدر بثمن، فهي قيم كبرى بذاتها، اذكر منها اثنتين: أن الجيش والقوات المسلحة عموما، تُمثل واحدة من أهم آليات الاندماج والصهر والوحدة الوطنية، فهي تجمع وتوحد وتآخي بين أبناء الوطن الواحد من شماله الى جنوبه، ومن شرقة الى غربه، ومن بواديه الى قُراه ومدنه، وبكافة عائلاته ومشاربه الروحية والإثنية. وثانياً، أن الجيش والقوات المسلحة تمثل شبكة أمن وأمان اجتماعي اقتصادي وطنية لا يجوز التفريط أو المغامرة بالمساس بها أبداً، ولهذا يجب أن تكون في المراتب العليا في سلم الانتماء الوطني لكل الأردنيين.ولا تستقيم الثورة، ولا يُصان الاستقلال ومؤسساته، الا بالاستمراريّة والديمومة، ومن هنا، كما اعتقد، تبرز أهميّة احتفال الأردنيون بالذكرى السنوية السادسة والعشرين لجلوس جلالة الملك عبدالله الثاني على العرش. حيث يمثل هذا الاحتفال احتفاء بالاستمراريّة والاستقرار، وتمسك بقيم الثورة والتعريب والاستقلال، ورغبة جماعيّة للحفاظ على المنجزات التي تحققت، وتوق عميق للبناء والمراكمة على تلك المنجزات والحفاظ عليها مهما كانت المصاعب متعبة والمغريات الزائفة براقة.ختاماً، ما أتمنى أن يًفهم مما قلت: لدينا الكثير من المنجزات التي نفخر بها، وتستحق منّا الدفاع عنها بكل ما اوتينا من قوة ووعي، خصوصاً وأن وطننا موجود في محيط تسوده الفوضى وتشتعل الحرائق في معظم اركانه، وفي إقليم وعالم يشهد مخاضاً صعباً وقاسياً لا يرحم. والحفاظ على الوطن ومنجزاته لا يعني أبداً الدخول في حالة من الركون والمساكنة، أو التشاؤم وفقدان الإرادة… بل التمسك بما أنجز وتحقق، والعمل الجاد والمخلص والدؤوب والمنتمي لإضافة مداميك جديدة في الصرح الوطني، والمراجعة الدائمة لاستخلاص العبر والدروس، والتجاوز النقدي للأخطاء لا تعميتها، والحرص العميق من الجميع على عقدنا الاجتماعي، منجزنا الرئيسي لما سبق، ورأس مالنا الحقيقي لما هو آت.