كليك مجاني.. ولكن كلفته عالية – للكاتب: علاء القرالة

أصبح ما يسمى بـ”خدمة كليك” التي تتيح للمستخدمين إجراء عمليات تحويل الأموال بسهولة وسرعة مجانيا دون الحاجة إلى زيارة “فروع البنوك” و “محال الصرافة”والتعامل مع موظفيها، مصدرا لتهديد آلاف الموظفين العاملين في القطاع المصرفي، فهل ستبقى هذه الخدمة مجانية؟ وإلى متى؟ وماذا عن ديمومة الخدمة؟.في الوقت الذي يتجه فيه العالم نحو “التحول الرقمي” لتقليل التكاليف ورفع الكفاءة، تواجه شريحة كبيرة من الموظفين في مختلف القطاعات “خطر الإقصاء” من سوق العمل، نتيجة لانخفاض الحاجة للعاملين في تقديم الخدمات التقليدية، ولعل “خدمة كليك” إحدى أبرز صور هذا التحول الجذري، الذي لم يعد معه العميل بحاجة للذهاب إلى البنك لتحويل مبلغ بسيط وبأقل من دينار أو حتى مبلغ كبير.اليوم، بضغطة زر عبر “كليك”، يمكن لأي شخص إتمام معاملاته المالية من منزله أو مكتبه، وهذا بالتأكيد قلل من حجم العمل داخل البنوك ومحال الصرافة، بل بدأ يؤثر على “مبررات استمرار” وجود بعض الفروع وأعداد الموظفين فيها، ما سيضطر البنوك لإغلاق بعضها وتسريح موظفيها عاجلا أم اجلا، وهذا يستدعي تحركا فوريا لتخفيف حدة تأثير هذه الخدمة وتاثيرها المستقبلي السلبي على الموظفين في هذا القطاع.وهنا لا بد من تساؤل مشروع: هل من المنطقي أن تستمر هذه الخدمة بشكل مجاني؟ ولماذا لا تفرض رسوم عليها بشكل متدرج، تبدأ بمبالغ بسيطة ترتفع تدريجيا حسب قيمة التحويل؟ فعلى سبيل المثال فقط، إذا كانت قيمة الحوالة أقل من ألف دينار، يمكن فرض خمسة دنانير على العملية، على أن “ترتفع الرسوم” كلما ارتفعت قيمة المبلغ المحول.عندما تقدم خدمة رقمية بهذا التأثير مجانا، فإنها لا تشكل تحديا اقتصاديا فحسب، بل تهدد التوازن الاجتماعي والاقتصادي لمجموعة كبيرة من الأفراد والأسر التي تعتمد على هذه الوظائف كمصدر رزق رئيسي، ولهذا فإنه من الضروري إعادة النظر في آلية تسعير الخدمة، أو على الأ قل “فرض رسوم” رمزية تسهم في دعم استمراريتها وتطويرها.هذه الخدمة تم إطلاقها مجانا من قبل البنك المركزي وبالتعاون مع البنوك بشكل تجريبي، ويجب ان لا تعتبر او تصبح حقا مكتسبا ودائما للمستخدمين وبشكل مجاني، فإجمالي الحركات المنفذة بالدفع الفوري “كليك” بلغت خلال العام الماضي نحو 83.9 مليون حركة، وبقيمة 12.1 مليار دينار أردني.خلاصة القول، لست ضد التطور، لكنني مع التطور المسؤول، الذي يأخذ في الحسبان كل الأبعاد الإنسانية والاجتماعية، فالتقدم الحقيقي لا يقاس فقط بالتقنيات التي نستخدمها، بل بقدرتنا على إدارة هذا التقدم بعدالة وشمولية، دون أن يقصى أحد من المعادلة، فليس من العدل أن نحصل على خدمة مجانية ونتمسك بها، إذا ما كان استمرارها قد يؤدي إلى قطع أرزاق غيرنا، لمجرد أننا بتنا نراها “حقا مكتسبا”.