إبراهيم يناقش: تطوير التعليم المهني والتقني كخطوة نحو تعزيز التنمية الاقتصادية في الأردن – بقلم الأستاذ الدكتور ماجد محمود إبراهيم

يشكل قرار تحديث هيئة الاعتماد وضمان الجودة نقلة استراتيجية في سياسات إصلاح التعليم الأردني، حيث تأكد بيانات البنك الدولي أن الدول التي ركزت على التعليم التقني شهدت انخفاضاً في معدلات البطالة بلغت 40% مقارنة بنظيراتها. كألمانيا مثلاً، التي يعتمد نظامها التعليمي على نموذج يعرف بالتلمذة الصناعية، والتي لا تتجاوز بطالة الشباب فيها 5.8% وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD ,2023)، بينما تصل النسبة إلى 23% في الأردن حسب دائرة الإحصاءات العامة.يواجه القرار الجديد تحديات جوهرية تتطلب معالجة دقيقة، حيث تظهر دراسة أجرتها جامعة الحسين التقنية أن 65% من أرباب العمل يفضلون خريجي البرامج التقنية على الأكاديميين التقليديين. ومن ناحية أخرى تعد تجربة الجامعة الألمانية الأردنية التي تشير إلى أن 87% من خريجي برامجها المهنية يحصلون على فرص عمل خلال ستة أشهر من التخرج (تقرير الجامعة 2023). بالمقابل، هذه النتائج تؤكد أهمية التنسيق الفعال بين المؤسسات التعليمية وقطاعات الصناعة المختلفة.من الناحية العملية، يتطلب تنفيذ القرار توفير بنية تحتية تدريبية متطورة، حيث تشير بيانات اليونسكو إلى أن الاستثمار في التعليم التقني يعود بعائد يصل إلى 8 دولارات لكل دولار ينفق. في سنغافورة، التي تحتل المرتبة الأولى عالمياً في جودة التعليم المهني حسب المنتدى الاقتصادي العالمي، يخصص 60% من ميزانية التعليم للبرامج التقنية. هذه النماذج تقدم دروساً قيمة للأردن في مسيرته للإصلاح.تمثل هذه الخطوة فرصة تاريخية للأردن، فوفقاً لدراسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD)، كل زيادة 10% في خريجي التعليم التقني تؤدي إلى نمو 1.5% في الناتج المحلي الإجمالي. النجاح في هذا المسار سيمكن الأردن من سد الفجوة المهنية التي تقدرها غرفة الصناعة الأردنية بـ 54 ألف فرصة عمل سنوياً في القطاعات التقنية، مما يعزز مكانة المملكة في اقتصاد المعرفة العالمي، وهنا لا بد من طرح مقترح يتضمن إنشاء صندوق استثماري لدعم برامج التلمذة الصناعية لضمان ربط التعليم بالصناعة بشكل آمن وفعال، تطوير منصة وطنية للتنبؤ بالمهارات المستقبلية بالتعاون مع مراكز الدراسات الاقتصادية، وأخيراً إشراك القطاع الخاص في وضع إطار التعليم المهني وإقرار حوافز ضريبية للشركات المشاركة في تصميم البرامج التدريبية.