الجغبير يكتب: دعونا نرتقي معًا من خلال الفكر، وليس الانقسام! ـ من تأليف: يوسف أحمد الجغبير

في كل مجتمع حيّ، تتقدّم الأوطان وتزدهر الأمم حين تتوحّد الإرادات، وتتعانق القلوب، وتعلو المصلحة العامة فوق النزوات الشخصية والمصالح الضيّقة.لكن المؤسف أننا نواجه أحيانًا من يسلك دربًا مغايرًا، يجعل من انتقاد الآخرين وسيلةً للبروز، ومن مخالفة الآراء سُلّمًا للتميّز، ولو على حساب الحقيقة والاحترام.يظن أن المجد يُنال بالمخالفة، وأن الشهرة لا تأتي إلا برفع الصوت وتهميش الآخرين، متناسيًا أن قيمة المرء بما يضيف، لا بما يهدم.وهذا لا يُعدّ خلافًا محمودًا، بل هو سلوك مشوّه يُضعف نسيج المجتمع، ويزرع بذور الفرقة، ويعطّل مسيرة التقدّم، ويُفرغ مفهوم “الاختلاف” من جوهره النبيل.فالاختلاف في الرأي سُنّة من سنن الحياة، ودليل نضج فكري، أما تحويله إلى خصومة، وتسخيره للتجريح والتشهير، فهو انحدار لا يليق بأصحاب العقول والرسالات.إن من يتخذ النقد الهدّام منهجًا، دون نيّةٍ للإصلاح، يشبه من يهدم جدارًا في ورشة بناء، ظنًّا أن الخراب سيمنحه مكانة، بينما هو في الحقيقة يزيد التشققات ويُضاعف العزلة.ومن هنا، نُخاطب كل صاحب فكر، وكل مؤثّر، وكل مواطنٍ غيور:اجعل من صوتك منبرًا للوعي، لا وقودًا للعداوة…واعلم أن كل كلمة تُقال، وكل موقف يُتخذ، يترك أثرًا يتجاوز اللحظة… إما يُباهي به الوطن، أو نندم عليه في وقتٍ لا ينفع فيه الندم.? فلنُحسن الكلمة، ونتقن النصيحة، ونرتقِ بأساليب الحوار.? ولننشر ثقافة البناء، ونُحاصر السلبية بالوعي، لا بالصمت.? ولْنَكُن قُدوةً في احترام الآراء، وتقدير الآخر، والانتصار للحق بحكمةٍ ورفق.فالمجتمع الراقي لا يسمو بكثرة الأصوات، بل بنُبل المقاصد، ووحدة النوايا.والنهضة لا تحتاج لمزيدٍ من المنتقدين، بل إلى مزيدٍ من المشاركين… الصادقين.والله وليّ التوفيق.