الشباب والسياسة: الحاضر الذي يشكل المستقبل – مقال بقلم مصطفى مهيب الشناق

في زمن تتسارع فيه التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تبرز قضية مشاركة الشباب في السياسة كإحدى القضايا الجوهرية التي تستحق التوقف عندها. فالشباب، الذين يشكلون النسبة الأكبر من السكان في معظم الدول العربية، هم القوة الحيوية التي تمتلك القدرة على إحداث التغيير وصياغة المستقبل. ومع ذلك، ما زالت مشاركتهم في الحياة السياسية محدودة، وهو ما يثير تساؤلات حول الأسباب والمعوقات، ويدعو إلى البحث عن حلول عملية لدمجهم بشكل حقيقي في المشهد السياسي. غياب الشباب عن الساحة السياسية لا يعود إلى نقص في الوعي أو الاهتمام، بل كثيرًا ما يكون نتيجة شعور بالإقصاء أو عدم الثقة في المؤسسات القائمة. فالشباب اليوم يمتلكون أدوات غير تقليدية للتعبير عن آرائهم، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت منصات للنقاش السياسي وطرح القضايا العامة. ومع ذلك، فإن المشاركة عبر هذه المنصات لا تعوّض غيابهم عن مواقع صنع القرار أو ضعف تمثيلهم في البرلمانات والأحزاب السياسية.إن الأمل في بناء مجتمعات أكثر عدلًا وازدهارًا يبدأ من إشراك الشباب في العملية السياسية بشكل فعّال، لا شكلي. فتمكين الشباب يعني الاستماع إلى أصواتهم، وتوفير المساحات التي تسمح لهم بالتعبير بحرية، وتقديم الدعم اللازم لتأهيلهم لتولي المسؤوليات. كما أن تطوير التعليم وتعزيز الوعي السياسي منذ مراحل مبكرة يسهم في خلق جيل واعٍ بحقوقه وواجباته، ومؤمن بأهمية دوره في تحسين واقعه.المعادلة واضحة: لا مستقبل لأي عملية ديمقراطية دون حضور فاعل للشباب فيها. فحين يشعر الشاب بأنه جزء من القرار، فإنه يصبح شريكًا حقيقيًا في التنمية، لا مجرد متفرج أو ناقم على الأوضاع. ومن هنا، فإن إعادة بناء جسور الثقة بين الشباب والمؤسسات السياسية باتت أولوية وطنية، يجب أن تُترجم إلى سياسات واضحة وبرامج ملموسة تعيد لهم مكانتهم التي يستحقونها.في النهاية، لا يمكن الحديث عن مستقبل مشرق دون أن يكون الشباب في قلب المعادلة السياسية. فهم ليسوا فقط وقود الحاضر، بل هم أيضًا صناع الغد.خاتمةإن تمكين الشباب سياسيًا ليس مجرد خطوة نحو العدالة الاجتماعية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر إشراقًا واستقرارًا. فالشباب هم من يحملون أحلام الغد، وإذا ما تم تمكينهم وتوجيه طاقاتهم بشكل إيجابي، فإنهم قادرون على بناء أوطان أكثر عدلاً وازدهارًا.