معهد إسباني: إنهاء الجزائر لعلاقتها بالبوليساريو شرط للتقارب مع الولايات المتحدة

أكد معهد “كورديناداس” للحكامة والاقتصاد التطبيقي، في تحليل حديث صدر بتاريخ 11 يونيو 2025، أن حلّ نزاع الصحراء المغربية بات يقترب من نهايته، في ظل تغير المعادلات الدولية وتعزيز المغرب لموقعه الجيوسياسي والدبلوماسي، وبدعم مباشر من الإدارة الأمريكية التي عادت إلى تبني خيار الحكم الذاتي كحل وحيد واقعي وعملي للنزاع.
وأشار المعهد إلى أن عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، أعادت الزخم إلى الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهو القرار التاريخي الذي تم اتخاذه خلال ولايته الأولى، والذي شكل حينها انتصارًا دبلوماسيًا بارزًا للمملكة. واليوم، تتحرك الإدارة الأمريكية نحو بلورة خارطة طريق نهائية تسرّع التوصل إلى حل سياسي دائم، يستند إلى مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
ويبرز التقرير أن واشنطن تضغط بقوة على الجزائر لدفعها نحو الانخراط الجاد في المسار السياسي، من خلال إجراءات حازمة تشمل احتمال تقليص أو وقف تمويل بعثة الأمم المتحدة “المينورسو”، وتوجيه رسائل واضحة بشأن عدم جدوى الاستمرار في دعم جبهة البوليساريو، التي تُطرح اليوم داخل أروقة صنع القرار الأمريكي ككيان قد يُصنف منظمة إرهابية أجنبية، بناءً على معايير قانونية واضحة.
وفي هذا الإطار، أشار التحليل إلى مقالة منشورة حديثًا في معهد “هدسون” بعنوان: “الأسس الاستراتيجية لتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية”. ووفقًا للمعهد، فإن البوليساريو تستوفي الشروط الثلاثة المنصوص عليها في التشريعات الأمريكية بشأن الإرهاب الدولي، وهو ما يعزز فرضية سحب الغطاء السياسي والمالي عنها نهائيًا.
وفي المقابل، تعرض الولايات المتحدة على الجزائر فرصة تاريخية لتحديث شراكتها الاقتصادية مع الغرب، عبر دعم الاستثمارات الأمريكية في قطاع الطاقة الجزائري، وتسهيل الوصول إلى تقنيات متطورة لاستكشاف واستغلال المحروقات، شريطة تخليها عن دعم المشروع الانفصالي والدخول في تسوية سياسية مسؤولة. وهي معادلة وصفها معهد “كورديناداس” بأنها “عرض يصعب رفضه”، إما لحصد مكاسب استراتيجية أو تفادي عزلة إقليمية وقانونية محتملة.
من جهة أخرى، أكد التحليل أن المغرب يُنظر إليه من قبل الولايات المتحدة كدولة محورية في استراتيجيتها الإفريقية، وخاصة في منطقة الساحل التي تواجه تحديات أمنية معقدة، مشددًا على أن الرباط تمثل نموذجًا في الاستقرار والقدرة على لعب دور الوسيط بين الشمال والجنوب، بفضل استراتيجيتها في التنمية، وانخراطها الفعّال في قضايا القارة.
وفي خضم السباق الدولي على الموارد الطبيعية الحيوية مثل اليورانيوم، الذهب، والمعادن النادرة، يرى المعهد أن استمرار النزاع يمثل عائقًا أمام الاستقرار المطلوب لجذب الاستثمارات وتأمين سلاسل الإمداد، وهو ما يفسر استعجال واشنطن لحل الملف، ضمن رؤية جيوسياسية شاملة تهدف إلى تعزيز الحضور الأمريكي في إفريقيا ومواجهة التغلغل الصيني المتزايد، رغم أن بكين لا تدعم مطالب الانفصال.
واعتبر “كورديناداس” أن سنة 2025، التي توافق الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، قد تمثل منعطفًا تاريخيًا لإنهاء النزاع، في حال تفاعل جميع الأطراف بجدية مع المبادرة المغربية، المدعومة أمريكيًا، والداعية إلى حل نهائي يحفظ وحدة المغرب الترابية، ويضمن في الآن ذاته تنمية مستدامة وشراكة إفريقية حقيقية.
وفي ختام تحليله، دعا المعهد الاتحاد الأوروبي إلى الخروج من موقف المتفرج والانخراط الفعّال في العملية الجارية، تحسبًا لأي إعادة تشكيل محتملة للنفوذ الدولي في القارة، مؤكداً أن “أي تسوية مستقبلية للصحراء الغربية ستكون لها تداعيات استراتيجية على مجمل النظام الإقليمي والإفريقي”.