الخليفة: ذاكرة الوطن تُدوّن لتقدير الحاضر وفهم الماضي، وليست مجرد ترف

أكد الوزير السابق والقيادي الاستقلالي البارز، مولاي امحمد الخليفة، أن ما يكتبه لا يندرج ضمن خانة المذكرات الشخصية التي تمجّد الذات، بل هو جهد صادق لمقاومة النسيان وتثبيت شهادات حية في الذاكرة الجماعية، مشددًا على ضرورة احترام حرمة الموتى ونضالهم عند الاقتراب من وقائع التاريخ.
الخليفة تحدث بصراحة عن بداياته الأولى، حيث اختلطت عليه طفولته بين الرحبة القديمة بمدينة مراكش وأجواء شهر رمضان، قبل أن ينتقل إلى معهد ابن يوسف في سن مبكرة، مشيرًا إلى أن استحضار هذه اللحظات ليس ترفًا شخصيًا، بل مسؤولية تجاه الأجيال القادمة التي تحتاج إلى مرجعيات حقيقية لفهم الماضي وتقدير الحاضر.
وأوضح الوزير الأسبق، مولاي امحمد الخليفة، أن الدافع الأساسي الذي شجعه على الكتابة، رغم تردده، كان الذكرى المئوية لدخول العلامة محمد المختار السوسي إلى مدينة مراكش، وهو حدث شكل لحظة استرجاع جماعية لذاكرة وطنية غنية.
وفي شهادة اعتزاز، توقف النقيب الأسبق، مولاي الخليفة، خلال تقديمه الجزء الثاني والثالث ضمن سلسلته “ذاكرة تأبى النسيان”، وذلك بعنوان “صوت الشعب القوي في البرلمان”، ليضاف إلى الجزء الأول الذي حمل عنوان “يراع الذاكرة”،بالمدينة الحمراء مراكش، عند الدور البارز الذي لعبه المختار السوسي في مدينة فاس، حيث بدأ اسمه يبرز كرمز للعلم والثقافة والنبوغ.
واعتبر أن انطلاقة الحركة الوطنية المغربية ارتبطت بثلاثة أسماء أساسية: المختار السوسي، وإبراهيم الكتاني، وعلال الفاسي، والذين آمنوا مبكرًا بأن بعث الروح الوطنية يمر عبر الثقافة واستعادة التاريخ. ولأجل ذلك، أسسوا جمعية ديوان الحماسة، التي اعتمدت على قراءة قصائد البحتري في المساجد كوسيلة لإيقاظ الوعي الوطني.
وأشار الخليفة إلى أن المختار السوسي لم يكن فقط مؤلفًا ومؤرخًا، بل فاعلًا ميدانيًا ساهم بعد الاستقلال في بناء المؤسسات الثقافية والتعليمية، حيث أسس مدارس حرة، وساهم في تعميم التعليم، حتى أصبح اسمه اليوم حاضرًا في المؤسسات، والمعاهد، وحتى الكتائب العسكرية، بما يجعله رمزًا يتجاوز الذاكرة إلى الفعل.
وسجل في كلمته، أن هذا الامتداد الرمزي ليس مجاملة، بل نتيجة طبيعية لمسار رجل آمن بالفعل التربوي والثقافي كوسيلة لتغيير المجتمع، موجها رسالة قوية إلى الجيل الجديد، دعاهم فيها إلى عدم الاستصغار من قدراتهم، والعمل يوميًا على تقديم ما ينفع الناس ويثري الذاكرة الوطنية.
وختم الوزير السابق والقيادي الاستقلالي البارز، مولاي امحمد الخليفة، بالقول إن التاريخ لا يخلّد الأشخاص إلا من خلال ما يقدّمونه من خير وصالح عام، لأن “فعل الخيرات”، في نهاية المطاف، هو الذي يمنح الإنسان مكانته في سجل الأمة.