لتحقيق رأسمال وطني متين من زاوية ضريبية

لتحقيق رأسمال وطني متين من زاوية ضريبية

تزامنًا مع اجتماع رئيس الكونفدرالية الملكية لكرة القدم مع رجال الأعمال المغاربة لعرض المنجزات والآفاق استعدادًا لاحتضان المغرب كأس إفريقيا وكأس العالم، جاء في مضمون تدخل فوزي لقجع أن “الشركات المغربية يجب أن تنخرط بقوة في المشاريع الكبرى بمناسبة هذه الملتقيات. إنها دعوة وطنية لهذه الشركات لأخذ نصيب كبير من هذه المشاريع. ومع ذلك، لا بد من التذكير بأن الاقتصاد المغربي منفتح ويرحب بالاستثمارات الأجنبية في إطار ميثاق الاستثمار. هذه المناسبة لن تغيب عن رؤوس الأموال الأجنبية، فهي فرصة اقتصادية لجني الأرباح وتحويلها إلى بلدانها بعد خضوعها للضريبة وفقًا للقانون الجبائي المغربي. لكن بالمقابل، يجب على الشركات المغربية أن تستغل الإمكانيات المتاحة لديها من تحفيزات مالية وتشجيعات جبائية تهم الاستثمار، بالإضافة إلى الاستفادة من اليد العاملة المؤهلة والمتوفرة بكثرة.

لطالما شكلت الدولة المغربية قاطرة للاستثمار العمومي، حيث تعرف المدن وضواحيها، التي ستحتضن هذه الملتقيات الدولية، نشاطًا اقتصاديًا كبيرًا لا شك أنه سيعود بالنفع على الاقتصاد الوطني.

هناك العديد من الامتيازات في إطار ميثاق الاستثمار التي تجذب المستثمر الأجنبي، إذ يدخل السوق المغربية بقوة، إلا أن الرأسمال الوطني ما زال يفتقر إلى القوة التنافسية الكبرى التي تجعله فاعلًا رئيسيًا في العروض الاستثمارية. ورغم وجود العديد من التحفيزات ذات الطابع الجبائي، مثل الضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة، فإن تقوية الرأسمال الوطني تتطلب إصلاحًا ضريبيًا يهم الشركات، بهدف تمتين الرأسمال الذي يشكل دعامة أساسية للاستثمار.

من منظور جبائي، وبهدف تقوية الرأسمال الوطني، أطرح بعض الملاحظات التالية

غياب تشريع جبائي خاص بتجمع الشركات

حتى الآن، لا يوجد إطار قانوني ينظم تجمع الشركات، بل هناك مقتضيات متفرقة في القانون العام للضرائب، مثل عمليات الاندماج أو تحويل بعض الأصول بين الشركات التي لها مصالح مشتركة. السبب وراء ذلك هو غياب مفهوم قانوني واضح لتجمع الشركات في التشريع المغربي. يمكن معالجة هذا الأمر من خلال توحيد هذه التجمعات جبائيًا، عبر سن قوانين تقضي في النهاية بتضريب النتيجة الموحدة الصافية لمجموع الشركات المنضوية تحت هذا التجمع، بدلًا من تضريب كل شركة على حدة. لا شك أن هذا الإصلاح الجبائي الجديد سيكون حافزًا لتجميع رؤوس الأموال المتفرقة، بهدف تقويتها ودفع الشركات المنضوية إلى المساهمة بشكل أكبر في العمليات الاقتصادية من موقع قوة.

إطار قانوني للهولدينغ (الشركات القابضة)

يشكل الهولدينغ تجمعًا ماليًا يهدف إلى تدبير الاشتراكات في رأسمال مجموعة من الشركات، وغالبًا ما يكون مكونًا من شركات عائلية في المغرب. هذا النوع من التجمعات لا يملك إطارًا قانونيًا محددًا في التشريع المغربي، رغم الاعتراف به جبائيًا وخضوعه للقانون العام دون فصول خاصة، كما هو الحال في الدول المتقدمة. يُعدّ الهولدينغ أداة فعالة وكبيرة للتدبير المالي للشركات المنضوية تحته، لذا ينبغي وضع إطار قانوني ينظم هذه التجمعات، دون حصرها في الشركات العائلية فقط. لا شك أن هذه التجمعات ستساهم في تقوية بنية الرأسمال الوطني، وتمكن الشركات المنضوية تحتها من إيجاد آفاق واضحة للاستثمار.

تشجيع تحويل الحسابات الجارية للمساهمين إلى رأسمال الشركات

كما كان معمولًا به في السنوات السابقة، يجب إعادة التفكير في وضع آليات جبائية تحفّز الشركات على تحويل جزء أو كامل المبالغ المسجلة في الحسابات الجارية للمساهمين إلى رأسمالها المسجل، مع الاستفادة من تخفيض الضريبة على الشركات. هذه العملية تقنية بالأساس، لكنها ستعزز من بنية الرأسمال لهذه الشركات.

الاقتصاد الوطني مقبل على أنشطة اقتصادية كبيرة في جميع المجالات، وينبغي أن تكون مساهمة الشركات الوطنية كبيرة لما لها من تأثير بالغ على الحركة الاقتصادية الدائمة، بالإضافة إلى دورها في تشغيل الشباب والخريجين من المدارس والجامعات ومراكز التكوين. ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تقوية الشركات الوطنية عبر تعزيز رؤوس أموالها، حتى تتمكن من مواجهة الشركات الأجنبية الضخمة، المنظمة قانونيًا، والمنافسة في الأسواق بقوة.

محلل اقتصادي-