اجتماع إقليمي يوصي بتعزيز الشفافية والمشاركة الفعالة للمواطنين

اجتماع إقليمي يوصي بتعزيز الشفافية والمشاركة الفعالة للمواطنين

نظمت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بشراكة مع جمعية “من أجل الشباب”، اللقاء الجهوي الثاني ضمن سلسلة ندوات وطنية وإقليمية تروم تحفيز الالتزام المواطن وتعزيز قيم المواطنة الفاعلة والشفافية في تدبير الشأن العام.

وشدد أحمد العمومري، الأمين العام للهيئة الوطنية للنزاهة، في كلمة افتتاحية أول أمس السبت بالقنيطرة، على أهمية هذه اللقاءات التشاركية باعتبارها جزءا من الجهود الوطنية لمحاربة الفساد وتفعيل مشاركة المواطن في اتخاذ القرار العمومي، مؤكدا أن هذه المعركة لا يمكن أن تخاض إلا بانخراط جماعي يشمل كل المكونات: مؤسسات الدولة، المجتمع المدني، الإعلام، والقطاع الخاص، علاوة على عموم المواطنين.

وخصصت الجلسة الأولى لمناقشة الالتزام المواطن كدعامة للحكامة الرشيدة، حيث استعرض ممثل الهيئة الإطار القانوني والتنظيمي الذي يحدد اختصاصات الهيئة (القانون 46.19 والفصلين 36 و167 من الدستور)، وأبرز أن إشراك المواطنين في صياغة وتتبع السياسات العمومية يعد شرطا أساسيا لتعزيز الشفافية وإعادة بناء الثقة في المؤسسات.

وتناولت مداخلة ممثل جمعية “من أجل الشباب” دور الشباب في الدفع بدينامية المشاركة، من خلال أدوات كالرقمنة، العرائض، والمبادرات المدنية. كما اقترح جملة من الإجراءات لتجاوز تحديات ضعف الوعي وغياب القنوات المؤسسية، من بينها إدماج التربية على النزاهة في المنظومة التربوية، وتسهيل إجراءات العمل الجمعوي.

كما تناول منسق اللجنة المحلية لدعم العرائض بالقنيطرة آلية العرائض باعتبارها جسرا بين المواطن والمؤسسة، مما يجعل منها أداة فعالة لتحقيق المواطنة الفاعلة وتعزيز الشفافية، رغم ما تواجهه من تحديات على مستوى التفعيل والوعي.

أما منسق لجنة التشاور العمومي، فقد شدد على ضرورة مأسسة آليات التشاور وتنويع قنواتها بين الرقمية والميدانية لضمان مشاركة فعالة لجميع الفئات، وتحقيق تواصل دائم بين المواطنين وصناع القرار المحليين.

وتميزت الجلسة الثانية بمشاركة فعالة من مسؤولي جماعة القنيطرة، حيث أكدت رئيسة الجماعة، حكيمة حروزة، أن الحوار مع فعاليات المجتمع المدني يساهم في تجويد العمل الجماعي ومحاربة الفساد، داعية إلى انخراط المواطنين في مسار التنمية المستدامة.

كما أبرز ممثل الجماعة جهود الرقمنة كمقاربة حديثة لتقليص البيروقراطية وتقوية الشفافية، من خلال توفير خدمات إلكترونية للمواطنين وتخطيط أيام أبواب مفتوحة لشرح هذه الخدمات.

وتحدث ممثل هيئة تكافؤ الفرص والمساواة عن دور هذه الهيئات في تفعيل مشاركة المواطنين، خصوصا في إدماج مقاربة النوع وتعزيز الديمقراطية المحلية، رغم بعض التحديات المرتبطة بتمثيلية الكفاءات داخل هذه الهيئات.

وسلط الكاتب العام لجمعية “من أجل الشباب”، وعضو لجنة إشراف برنامج انفتاح جماعة القنيطرة، الضوء على تجربة الجماعة في تعزيز الانفتاح والشفافية من خلال مأسسة المشاركة وإشراك المواطنين في وضع السياسات، داعيا إلى تجاوز الشكلية في التشاور نحو تمكين حقيقي للمواطنين.

وعرفت كل جلسة نقاشا تفاعليا مع الحاضرين، الذين عبروا عن اهتمامهم البالغ بمواضيع النزاهة والشفافية، داعين إلى إشراك فعلي للمجتمع المدني والمواطنين في بلورة السياسات العمومية وتدبير الشأن المحلي.

وأوصى اللقاء الجهوي الثاني بضرورة إيلاء أهمية خاصة لتكوين الأطفال والشباب في قيم المواطنة والنزاهة، ودعم المبادرات الشبابية وتعزيز آليات الديمقراطية التشاركية، والتركيز على المناطق القروية التي تعاني من ضعف الوعي وهشاشة البنيات، إضافة إلى دمج التربية على القيم في المنظومة التعليمية لمحاربة تراجع القيم المجتمعية، وتشجيع الكفاءات في عضوية الهيئات الاستشارية لضمان الفعالية، وتفادي التعميم في الأحكام حول الفساد لتفادي الإحباط الجماعي.

وتأتي هذه الندوة استكمالا لمحطات سابقة ضمن هذا الورش الوطني، من أبرزها الندوة الوطنية بالرباط يوم 5 فبراير 2025، والندوة الجهوية الأولى بمدينة الجديدة يوم 10 ماي من السنة نفسها، في سياق انخراط المغرب في مسار تعزيز الديمقراطية التشاركية وترسيخ مبادئ الحكامة والنزاهة. حضر الندوة ممثلون عن جمعيات المجتمع المدني بعدد من مدن جهة الغرب، إلى جانب منتخبين وممثلين عن الجماعات الترابية، وعلى رأسهم حكيمة حروزة، رئيسة جماعة القنيطرة، وعدد من الفاعلين المهتمين بقضايا المشاركة المواطنة والتدبير المحلي.