دور صناعة الصيد البحري في تعزيز الدعم الدولي لمغربية الصحراء

لطالما احتلّ المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط مكانة مهمة في العلاقات الخارجية للمغرب، وعلى وجه الخصوص، أنشطة الصيد البحري، وذلك عبر جميع مراحل تاريخ المغرب.
وهذه الأهمية تعود من جهة إلى البعد الجغرافي للمغرب الذي يتوفر على واجهتين بحريتين بطول 3500 كم، بالإضافة إلى البيئة الهيدرولوجية التي تتسم بها السواحل المغربية، والتي تؤثر على توافر وانتشار موارد مصايد الأسماك، مثل التيارات التي تساهم في تدفق مياه الشمال الأطلسي نحو الجنوب، وأيضًا، هيمنة ظاهرة ‘’upwelling’’ في الأطلسي، والتي من خلالها يتم صعود الماء في الأعماق، حاملاً أملاحًا معدنية تساهم في ارتفاع منسوب الإنتاجية لدى الأسماك السطحية.
هذا كله، وبالإضافة إلى مساحة وعرض الجرف القاري المغربي، جعلا من المياه المغربية واحدة من المياه الغنية بالأسماك على مستوى العالم. وأيضًا؛ ورقة لتعزيز الدبلوماسية الموازية للملكة، والتوافد الدولي لدعم القضية الوطنية.
اتفاقيات الصيد البحري: الحجر الأساس للوحدة الترابية للمغرب
تلعب اتفاقيات الصيد البحري دوراً محورياً في إطار الدبلوماسية الموازية المغربية. بالإضافة إلى ذلك، شكّل اتفاق الصيد البحري الذي وقعه المغرب مع إسبانيا في فاس بتاريخ 4 يناير 1969 ورقة تفاوضية ساهمت في استرجاع المغرب لمدينة سيدي إفني من السلطات الإسبانية، التي تنازلت عنها بموجب اتفاق تم توقيعه في نفس اللحظة.
بعيداً عن الماضي البعيد وسنوات الاستقلال الأولى، وفي ظِّل الجهود المستمرة التي يبذلها المغرب لدعم قضيته الوطنية وحشد المزيد من الدعم الدولي لها، تبرز اتفاقيات الصيد البحري كأداة بارزة لتعزيز المقترح المغربي للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية. وفي هذا السياق، وقع المغرب مع الاتحاد الأوروبي عام 2019 اتفاقيتين، إحداهما في مجال الصيد البحري والأخرى في مجال الفلاحة، وقد شملتا الأقاليم الجنوبية كجزءٍ لا يتجزَّأ من التراب المغربي. هذا الأمر جعل هاتين الاتفاقيتين، وخاصة اتفاقية الصيد البحري، أداة فعَّالة لخدمة القضية الوطنية أكثر من كونهما مجرد اتفاقيتين تجاريتين، لا سيما أن عائدات اتفاقية الصيد البحري لا تتجاوز 50 مليون يورو.
في أكتوبر من العام الماضي، أصدرت محكمة العدل الأوروبية حكماً قضى برفض الطعون المقدمة من المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، وإلغاء اتفاقيتي الصيد البحري والزراعة، بزعم أنهما تم إبرامهما دون استشارة ما يُسمى ب”الشعب الصحراوي”.
بما أن الاتفاق كان يحمل طابعاً دبلوماسياً، وخلال الفترة الممتدة بين توقيع الاتفاق عام 2019 وحتى إلغائه، شهد مقترح الحكم الذاتي دعماً غير مسبوق من أعضاء دائمين في مجلس الأمن، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، ومن فاعلين رئيسيين داخل الاتحاد الأوروبي، كفرنسا وإسبانيا وبلجيكا وألمانيا. ونظراً لتأثير التغيرات المناخية على نقص المخزون السمكي، والتحديات المتعلقة بالتركيز على السوق الداخلية والتصدير، إضافة إلى تبني المغرب لسياسة تنويع الشركاء الخارجيين، فإن المغرب ليس الطرف الخاسر في هذه المعادلة.
معرض ٱليوتيس.. نافذة لتعزيز حضور الصحراء المغربية على الساحة الدولية
يُعدّ معرض أليوتيس، الذي ينظمه المغرب، حدثًا عالميًا بارزًا في مجالات الصيد البحري، تربية الأحياء المائية، والبحث العلمي. يُتيح المعرض منصة لتبادل المعلومات بين المؤسسات والمهنيين في القطاع. بالإضافة إلى ذلك، يلعب معرض أليوتيس دورًا مهمًا في تعزيز الدبلوماسية الموازية في قطاع الصيد البحري، مع التركيز على دعم القضية الوطنية. شهدت الدورة الأخيرة، التي انعقدت في أكادير خلال شهر فبراير من هذا العام، مشاركة 54 دولة، من بينها ست دول شاركت لأول مرة، مثل كوريا الجنوبية، التي أعربت عن دعمها لمقترح الحكم الذاتي في الشهر الماضي، وذلك بعد ثلاثة أشهر من مشاركتها الأولى. والمملكة المتحدة، صاحبة العضوية الدائمة داخل مجلس الأمن، والتي تقدمت بخطوات كبيرة، وأعلنت يوم الأحد الموافق لفاتح يونيو، عن دعمها لمقترح الحكم الذاتي للصحراء المغربية معتبرة إياه “الأساس الأكثر مصداقية وواقعية وعملية” لتسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية”، وجاء إعلان المملكة المتحدة بعد أقل من أربعة أشهرمن مشاركتها الأولى في الدورة الماضي لمعرض ٱليوتيس.
على غرار الدورة قبل الأخيرة لمعرض أليوتيس لعام 2023، التي شهدت مشاركة إسبانيا كضيفة شرف، تقديرًا لدعمها لمبادرة الحكم الذاتي في عام 2022، جرى اختيار فرنسا كضيفة شرف للدورة الماضية لهذا العام، عرفانًا لموقفها الإيجابي تجاه القضية الوطنية في عام 2024.