المنتخب المغربي ينتقم من هزيمته في 2019 بانتصار رمزي على بنين

نجح المنتخب الوطني المغربي في رد الاعتبار والثأر الرمزي من هزيمة 2019، بعد فوزه الصعب بهدف دون رد على نظيره البنيني، مساء الإثنين، في ثاني مبارياته الودية التحضيرية لنهائيات كأس أمم إفريقيا “المغرب 2025″، التي احتضنها الملعب الكبير بفاس، وسط حضور جماهيري مغربي لافت.
وجاء هذا الانتصار ليُعيد شيئًا من الاعتبار للكرة المغربية، بعدما كان منتخب “السناجب” قد أقصوا “أسود الأطلس” من دور ثمن نهائي كأس إفريقيا 2019، في مباراة لا تُمحى من ذاكرة الجماهير، والتي انتهت بالتعادل، قبل أن تُحسم بركلات الترجيح لصالح البنين.
وشهد الشوط الأول من المواجهة الودية، بداية نشطة وحماسية من جانب “الأسود”، الذين دخلوا اللقاء بعزيمة واضحة لفرض إيقاعهم منذ الدقائق الأولى، وسط دعم جماهيري غفير من الجماهير الفاسية التي لم تتوقف عن التشجيع والهتاف.
ومع انطلاقة المباراة، مارس لاعبو المنتخب الوطني ضغطًا متقدّمًا على دفاع المنتخب البنيني، مما أسفر عن أولى الفرص في الدقيقة الثانية، حين كاد المهاجم أيوب الكعبي أن يستغل ارتباكًا في الخط الخلفي للضيوف ويباغت الحارس مارسيل داندجينو، لولا تدخل هذا الأخير في الوقت المناسب.
وبعدها بثوانٍ، أتيحت فرصة أخرى لكتيبة وليد الركراكي عبر تسديدة من إسماعيل الصيباري، لكن تسديدته لم تقلق راحة الحارس البنيني كثيرًا.
وتواصل الزخم الهجومي المغربي خلال الدقائق الخمس الأولى، إذ بدا واضحًا أن الكرة نادرًا ما غادرت نصف ملعب منتخب البنين، بفعل الضغط المتقدم الذي فرضه رفاق سفيان أمرابط.
وفي الدقيقة السادسة، أعلن الحكم التونسي ملكي محرز عن ضربة خطأ قريبة من منطقة الجزاء لصالح “الأسود”، بعد عرقلة تعرض لها سفيان رحيمي، الذي تولى تنفيد الركلة، غير أن كرته مرّت بمحاذاة المرمى دون أن تهز الشباك.
ومع حلول الدقيقة السابعة، بدأ لاعبو المنتخب البنيني في كسر الضغط المغربي والخروج من مناطقهم، عبر تمريرات قصيرة وتحركات على الأطراف، في محاولة لتنظيم هجمات معاكسة.
لكن رغبتهم في تهديد مرمى الحارس منير المحمدي اصطدمت بيقظة الدفاع المغربي، وبصافرات استهجان متواصلة من الجماهير الحاضرة، التي لم تتوقف عن ممارسة الضغط النفسي على المنافس.
وبين الدقيقة السابعة والسابعة عشرة، غابت الفرص الحقيقية من كلا الطرفين، إذ انحصر اللعب في وسط الميدان، مع محاولات محتشمة لم ترقَ إلى مستوى الخطورة المطلوبة.
وفي الدقيقة الثامنة عشرة، حاول المنتخب البنيني تنفيذ هجمة مرتدة سريعة، إلا أنها انتهت دون أثر يذكر بفعل التمركز الجيد لعناصر الدفاع المغربي.
ثم عاد منتخب “السناجب” ليظهر في الدقيقة الثانية والعشرين بمحاولة هجومية قادها اللاعب دوسو جوديل، الذي اخترق الدفاع المغربي بسرعته، غير أن تسديدته لم تكن بالقوة والدقة الكافيتين، ليستلمها منير المحمدي بسهولة، منهيًا بذلك أبرز فرص الفريق البنيني في الشوط الأول.
وتراجع نسق المباراة بشكل ملحوظ خلال الدقائق الست التالية، حيث هدأ إيقاع اللعب قليلًا بعد الاندفاع الذي طبع النصف الأول من الشوط.
وعلى الرغم من هذا الانخفاض في الحدة، تواصلت المحاولات الهجومية من كلا المنتخبين، إذ تبادل الطرفان الأدوار في محاولة لبناء هجمات منظمة، غير أن جميع هذه المحاولات بقيت دون فعالية تذكر، ولم ترتق إلى مستوى التهديد الحقيقي على المرميين، بفعل التمركز الدفاعي الجيد لكلا الخطين الخلفيين، حيث بدا واضحًا أن المدافعين كانوا في يومهم، سواء من جانب المنتخب المغربي أو نظيره البنيني.
وفي الدقيقة الثالثة والثلاثين، كاد “الأسود” أن يفتتحوا التسجيل بعد تمريرة طولية هوائية مميزة من متوسط الميدان سفيان أمرابط، الذي وجّه كرة دقيقة نحو زميله سفيان رحيمي المتقدم في الرواق الأيسر، غير أن الكرة افتقدت بعض القوة والدقة، ولم تشكّل الخطورة الكافية لتتحول إلى هدف محقق، رغم تحركات رحيمي الذكية داخل منطقة الجزاء.
الضغط المغربي تواصل مباشرة بعد هذه اللقطة، وتمكن “أسود الأطلس” من كسب ركلة ركنية نفذت في الدقيقة نفسها، أسفرت عن فرصة واعدة للمهاجم أيوب الكعبي الذي ارتقى داخل منطقة العمليات وسدد كرة قوية، غير أن تسديدته جاءت قريبة جدًا من الحارس لكنها افتقدت التوجيه الجيد، لتمر بجانب القائم الأيسر لمرمى الحارس البنيني، مهدرة بذلك فرصة سانحة كانت لتمنح التقدم لأصحاب الأرض.
وفي الجهة المقابلة، لم يلتزم لاعبو منتخب البنين بالدفاع فقط، بل سعوا بدورهم إلى الرد عبر هجمات سريعة وخاطفة، حاولوا من خلالها استغلال المساحات في ظهر الدفاع المغربي.
غير أن يقظة الخط الخلفي بقيادة آدم ماسينا أجهضت تلك المحاولات مبكرًا، إذ أظهر اللاعبون المغاربة تركيزًا كبيرًا في التغطية والرقابة الفردية، ما حال دون تمكن “السناجب” من تشكيل خطر فعلي على مرمى منير المحمدي.
واستمر عجز المنتخب المغربي عن فك شيفرة الدفاع البنيني طيلة 38 دقيقة من عمر الشوط الأول، رغم سيطرته النسبية على مجريات اللعب، إذ أظهرت الإحصائيات امتلاك “أسود الأطلس” للكرة بنسبة استحواذ بلغت 57% مقابل 43% لصالح منتخب “السناجب”، وهو ما يعكس أفضلية ميدانية دون ترجمة حقيقية على مستوى النتيجة.
وفي الدقيقة الأربعين، اضطر الحكم التونسي محرز ملكي إلى إشهار البطاقة الصفراء في وجه لاعب الوسط البنيني يوهان روش، إثر تدخل خشن على عز الدين أوناحي، الذي تألق بتحركاته السريعة وتمركزه الجيد في وسط الميدان.
هذا التدخل العنيف أثار احتجاجات داخل أرضية الملعب، في وقت بدأ فيه نسق المباراة يميل إلى التوتر.
كما شهدت الدقيقة الرابعة والأربعون تصاعد وتيرة الاحتجاجات من جانب الطاقم التقني للمنتخب البنيني، بعد سلسلة من الأخطاء التي احتسبها الحكم لصالح المغرب.
وقد بدا الغضب واضحًا على ملامح دكة بدلاء “السناجب”، الذين عبّروا عن استيائهم من بعض القرارات التحكيمية التي اعتبروها مجحفة في حق فريقهم.
وأعلن الحكم التونسي عن إضافة ثلاث دقائق كوقت بدل ضائع للشوط الأول، وهي الدقائق التي كانت كافية ليحسم أصحاب الأرض النتيجة المؤقتة لصالحهم.
ففي الدقيقة السادسة والأربعين، استغل أيوب الكعبي تمريرة طولية دقيقة من المدافع آدم ماسينا، الذي أرسل كرة هوائية محكمة من وسط الميدان باغتت الدفاع البنيني، ليتمكن الكعبي من التسلل بين المدافعين والانفراد بالمرمى، قبل أن يسكن الكرة الشباك بلمسة رأسية رائعة، مانحًا التقدم للمنتخب المغربي وسط فرحة عارمة من الجماهير الفاسية التي ملأت مدرجات المركب الرياضي بفاس.
وهكذا أسدل الستار على الشوط الأول بتقدم “الأسود” بهدف نظيف.
ودخل منتخب بنين الشوط الثاني برغبة واضحة في تعديل النتيجة، غير أن اندفاعه الهجومي لم يثمر كثيرًا.
وأتى الرد من يوسف بلعمري، الذي نفذ ضربة خطأ في الدقيقة 48، لكنها لم تشكل خطورة، وانتهت بخروج الكرة وتحولها إلى ضربة مرمى.
وشهدت الدقيقة ذاتها احتكاكًا بدنيًا بين جواد الياميق والبنيني حسن إيموران، نتج عن توتر لحظي دون تدخل عنيف، قبل أن يتدخل حكم اللقاء لفض الاشتباك دون إصدار بطاقات، ليستأنف اللعب بشكل طبيعي.
وتبادل المنتخبان بعد ذلك بعض المحاولات الهجومية، إلا أن فرص المغرب بدت أكثر خطورة، خصوصًا عبر الأجنحة، رغم غياب الفعالية في اللمسة الأخيرة، واستمر البحث عن هدف ثان يؤمّن التقدم.
وفي الدقيقة 55، بدأ الطاقم التقني الوطني تجهيز أوراقه البديلة، حيث شرع أشرف حكيمي وعدد من اللاعبين في التسخينات، تحضيرًا للدخول من أجل تجديد النسق وضخ دماء جديدة في وسط الميدان.
وشهدت الدقيقة 62 دخول أمين الزحزوح، في أول مشاركة له مع المنتخب الوطني الأول، بدلًا من أسامة الصحراوي، بينما دخل زميله أسامة ترغالين لتعويض سفيان أمرابط في محور الوسط.
أجرى مدرب بنين تغييرات هو الآخر في الدقيقة 67، بإقحام الوكو رودولفو ورشيدو رزاك، مكان دالميديا سيسي ودوسو جوديل، في محاولة لتقوية الأداء الهجومي ومجاراة نسق الأسود.
وتحسن أداء المنتخب المغربي عقب التغييرات، وتمكن من كسب ضربة خطأ في الدقيقة 68، إثر تدخل خشن على أمين الزحزوح، الذي أظهر حركية لافتة في أول ظهور له رفقة “الأسود”.
وواصل الناخب الوطني وليد الركراكي تعديلاته، حيث أخرج إسماعيل الصيباري وأشرك بلال الخنوس في الدقيقة 69، كما غادر سفيان رحيمي تاركًا مكانه لمروان سنادي، في إطار تعزيز الجبهة الهجومية.
وكثّف منتخب البنين من محاولاته الهجومية مع دخول الدقائق الأخيرة، لكن جميع تسديداته لم تجد طريقها إلى شباك منير المحمدي، الذي ظل متيقظًا في التعامل مع الكرات الطويلة والاختراقات من العمق.
وفي الدقيقة 80، كاد المنتخب المغربي أن يضيف الهدف الثاني بعدما سدد مروان سنادي كرة قوية من داخل منطقة الجزاء، لكن الحارس البنيني تصدى لها ببراعة، مُنقذًا مرماه من هدف محقّق.
وأجرى وليد الركراكي تغييرات جديدة في الدقيقة 82، حيث دخل أشرف حكيمي لتعويض زكرياء الوحدي، كما دخل أسامة العزوزي بديلاً لجواد الياميق، في خطوة لتعزيز المنظومة الدفاعية في الدقائق الأخيرة من اللقاء.
وأضاف الحكم ثلاث دقائق كوقت بدل ضائع، قبل أن يطلق صافرة النهاية، معلنًا فوز المنتخب الوطني بهدف دون رد، في مباراة اتسمت بندية كبيرة رغم طابعها الودي.