المغرب يعزز قدراته الطاقية من خلال التركيز على الصحراء في خطته الجديدة.

المغرب يعزز قدراته الطاقية من خلال التركيز على الصحراء في خطته الجديدة.

يعمل المغرب حاليا على ربط مشاريعه الغازية المختلفة بين ثلاثة موانئ استراتيجية هي ميناء الناظور غرب المتوسط والمحطة الأطلسية (الجرف الأصفر أو المحمدية) وميناء الداخلة الأطلسي ضمن خارطة الطريق 2024–2030، التي تركز على هيكلة مشاريع الغاز الطبيعي وتنويع مصادر الطاقة.

وتحمل هذه الخطوة دلالات استراتيجية واقتصادية وسياسية عميقة وتمهد لاندماج المغرب في شبكة الغاز الإفريقية بما يعزز السيادة الطاقية والأمن الطاقي للمملكة.

وتعتمد الرباط في الوقت الراهن على استيراد معظم احتياجاته من الطاقة. وربط هذه الموانئ سيمكنه من استقبال الغاز الطبيعي المسال (LNG) من مختلف المصادر العالمية عبر محطات الاستيراد، مما يقلل من اعتماده على مصدر واحد ويزيد من أمنه الطاقي.

ويهدف المغرب إلى ربط أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي بميناء الناظور والمحمدية، مما يوفر مرونة في نقل الغاز وتوزيعه محليا، مستفيدا من البنية التحتية القائمة ولاحقا من البنية المستقبلية، حيث يشهد تحولات عميقة في هذا المجال.

وتخطط المملكة لاستخدام الغاز الطبيعي كوقود انتقالي لتقليل انبعاثات الكربون والتحول نحو الطاقات المتجددة مثل الهيدروجين الأخضر.

ويعتبر مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب محورا أساسيا في هذه الاستراتيجية. وسيمتد الأنبوب لأكثر من 5600 كيلومتر وسيعبر 13 دولة إفريقية قبل الوصول إلى المملكة ومن ثم يمكن ربطه بالسوق الأوروبية. وهذا يضعها في موقع استراتيجي كبوابة رئيسية لنقل الغاز الإفريقي إلى القارة الأوروبية.

ويعكس المشروع التزام المغرب بتعزيز التعاون مع الدول الإفريقية ويساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان التي سيمر عبرها الأنبوب من خلال توفير الطاقة لحوالي 400 مليون شخص ضمن قاعدة رابح رابح وتعزيز التعاون جنوب-جنوب.

ويساهم ربط الموانئ بالمشاريع الغازية الكبرى في تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول غرب إفريقيا والمغرب، مما يخلق فرصًا استثمارية جديدة ويعزز الاستقرار الاقتصادي في المنطقة.

ويتيح ذلك أيضا تعزيز المكانة الجيوسياسية للمملكة التي تتمتع بموقع جغرافي فريد يطل على واجهتين بحريتين (المتوسط والأطلسي)، مما يمنحها ميزة استراتيجية في الممرات البحرية والتجارية العالمية.

ويهدف ربط ميناء الداخلة الأطلسي بمشاريع الغاز إلى تعزيز التنمية في الأقاليم الجنوبية للمغرب، مما يدعم السيادة المغربية على الصحراء ويساهم في تنميتها الاقتصادية.

ويشارك المغرب في هذا المشروع الضخم مع نيجيريا ودول غرب إفريقيا، بدعم من مؤسسات دولية مثل البنك الإسلامي للتنمية وصندوق “أوبك” للتنمية الدولية، مما يعزز مكانته كشريك موثوق ومحوري في القارة.

وستساهم المشاريع المرتبطة بالبنية التحتية للغاز في خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة إضافة إلى تحفيز الاستثمار بحيث سيزيد توفر الطاقة بأسعار تنافسية من جاذبية دول غرب إفريقيا للمستثمرين، مما يدعم التنمية الصناعية والاقتصادية.

وتتضمن هذه المشاريع تطويرا هائلا للبنية التحتية اللوجستية والمينائية والغازية في المغرب والبلدان الأفريقية المشاركة.

وتعكس خطة المملكة لربط هذه الموانئ الاستراتيجية مساعيها لتحول إلى مركز إقليمي رائد للطاقة، ليس فقط لتأمين احتياجاتها، بل لتكون جسرا حيويا لنقل الغاز الإفريقي إلى الأسواق الدولية، مما يعزز مكانتها الاقتصادية والجيوسياسية في القارة والعالم.

يمتلك المغرب طموحات كبيرة ويبذل جهودا حثيثة لتطوير بنيته التحتية للطاقة، مدفوعا بالرغبة في تحقيق الأمن الطاقي وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتعزيز مكانته كمركز إقليمي للطاقات المتجددة.

ويعمل راهنا على زيادة حصة الطاقات المتجددة في مزيج الكهرباء لتصل إلى 52 في المئة بحلول عام 2030، مع خطط لزيادة قدرة الطاقة المتجددة بنحو 1.5 جيغاوات سنويا.

ولتحقيق الأهداف المعلنة تتبع الممملكة استراتيجية شاملة لتطوير بنيتها التحتية للطاقة، ترتكز على التحول نحو الطاقات المتجددة وتنويع مصادر الغاز وتعزيز النجاعة الطاقية، ودعم الاستثمار، بهدف تحقيق الأمن الطاقي ودعم التنمية المستدامة وتعزيز مكانتها كفاعل إقليمي ودولي في مجال الطاقة.