الاستقرار المالي للشركات المدرجة يتزامن مع تسارع مشروعات التنمية

سجلت الشركات المدرجة في بورصة الدار البيضاء، خلال الفصل الأول من سنة 2025، أداء إيجابيا، معززة بذلك النتائج المحققة خلال السنة المالية الفارطة، ومؤكدة الإقبال المتزايد على الاستثمارات في سوق الأسهم.
واستنادا إلى الأرقام التي كشف عنها مركز أبحاث “بي إم سي إي كابيتال غلوبال ريسيرش”، فإن الإيرادات التراكمية للشركات التي أعلنت عن نتائجها بلغت 81,1 مليار درهم في نهاية مارس الماضي، مسجلة ارتفاعا بنسبة 7,2 في المائة على أساس سنوي.
ويعكس هذا الأداء، المدعوم بتطور إيجابي لمعظم القطاعات، تحسنا في البيئة التشغيلية، حيث تميز، على الخصوص، بتكثيف الاستثمارات، ومواصلة تنفيذ أوراش البنية التحتية، وبتوجه إيجابي للنشاط البنكي.
البنوك في الصدارة صعود قوي لقطاع البناء والأشغال العمومية
أوضح مركز أبحاث ” بي إم سي إي كابيتال غلوبال ريسيرش ” في تقريره “Earning T1-2025″، أن القطاع المالي، ولاسيما البنوك، باعتباره أول محرك للنمو، سجل أداء قويا خلال الفصل الأول. وقد ارتفع الناتج البنكي الصافي للمؤسسات المالية بنسبة 10,9 في المائة، مستفيدا من الأداء الجيد للنشاط التجاري وسياق ملائم لأسعار الفائدة.
وساهمت المجموعات البنكية بنسبة 43 في المائة في نمو رقم المعاملات الإجمالي، معززة بذلك دورها المهيكل في الاقتصاد.
ومن بين أبرز الأداءات، برز “CFG Bank” بزيادة قدرها 45,7 في المائة، يليه ” CIH Bank” (زائد 15,8 في المائة)، والبنك الشعبي المركزي (زائد 14,9 في المائة)، ومصرف المغرب (زائد 12,6 في المائة)، وبنك إفريقيا (زائد 11,3 في المائة).
وتعكس هذه التطورات تأثيرا إيجابيا لحجم النشاط، ارتباطا بارتفاع الودائع واستئناف الطلب على القروض.
كما أكد قطاع البناء والأشغال العمومية صعوده القوي، بفضل المشاريع المهيكلة الكبرى التي يجري تنفيذها، والمرتبطة، على الخصوص، بتنظيم كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030 لكرة القدم.
وبالفعل، فقد سجلت إيرادات شركات قطاع البناء والأشغال العمومية ارتفاعا بنسبة 13,5 في المائة على أساس سنوي.
وفي ما يتعلق بقطاع التأمينات، فقد بلغت نسبة نمو إجمالي أقساط التأمين 5,9 في المائة، وتشمل نموا بالنسبة لأطلانطا سند (زائد 16,6 في المائة)، وتأمين الوفاء (زائد 5,4 في المائة)، وكذا انخفاضا بالنسبة لسنلام المغرب (ناقص 3,1 في المائة).
ومن جهة أخرى، كشف مركز الأبحاث أن قطاع العقارات كان دون مستوى الانتظارات، حيث حقق نموا معتدلا بنسبة 7,8 في المائة مقابل 27 في المائة المسجلة أوليا، وذلك بسبب المنهجية الجديدة لاحتساب رقم المعاملات التي دخلت حيز التنفيذ هذه السنة. وقد أثرت هذه المراجعة المنهجية بشكل كبير على قراءة أداء القطاع.
جهود استثمارية دؤوبة ووضعية مالية مستقرة
على مستوى الاستثمارات، حافظت الشركات المدرجة على وتيرة ثابتة، بغلاف مالي إجمالي بلغ 4,5 ملايير درهم خلال الفصل الأول من 2025، بزيادة نسبتها 17,3 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.
واستقطبت قطاعات التعدين نسبة 34,5 في المائة من هذه الاستثمارات، ويعزى ذلك بالأساس إلى مجموعة (مناجم) التي رفعت استثماراتها بنسبة 12,9 في المائة إلى أزيد من 1,5 مليار درهم. وخ صصت هذه الاعتمادات في مجملها لأشغال بناء مشروعي تيزرت بالمغرب وبوطو بالسنغال، التي توجد في مراحلها النهائية.
أما اتصالات المغرب (قطاع الاتصالات)، فقد مثلت 25 في المائة من الغلاف الاستثماري بما لا يقل عن 1,13 مليار درهم، على الرغم من انخفاض نسبته 11,4 في المائة. ومن المنتظر أن تكثف المجموعة استثماراتها خلال الفترة المقبلة من أجل تسريع نشر البنيات التحتية للأنترنت الثابت والهاتف النقال عالي السرعة، سواء داخل المغرب أو على المستوى الدولي.
وبخصوص قطاع النقل، وبالأخص مجموعة “مرسى المغرب”، فقد ضاعف استثماراته ب 13 مرة لتبلغ 890 مليون درهم، خصص معظمها لاقتناء معدات موجهة لنشاط الحاويات بالأرصفة الجديدة لميناء الناظور غرب المتوسط.
وعلى الصعيد الميزانياتي، ظل الدين الصافي للشركات المدرجة (باستثناء المؤسسات المالية) شبه مستقر عند 63,5 مليار درهم، مما يعكس تدبيرا حذرا للاستدانة في سياق يشهد انتعاش الاستثمارات.
ويستحوذ قطاع الاتصالات على حوالي ثلث إجمالي الدين بحصة بلغت نسبتها 33 في المائة، متبوعا بقطاع المناجم (19 في المائة) والعقار (10 في المائة).
آفاق مشجعة رغم الطابع الموسمي لإيرادات بعض الصناعات
بإجراء مقارنات متسلسلة، سجلت الإيرادات الإجمالية تراجعا طفيفا بنسبة 0,5 في المائة مقارنة بالفصل الرابع من 2024، وبالأساس نتيجة الطابع الموسمي المعتاد للصناعات التي تسجل عموما إيرادات أكبر في نهاية السنة.
غير أن هذا التراجع تم تعويضه إلى حد كبير بنمو القطاع المالي (زائد 4,9 في المائة)، والقفزة القوية لقطاع التأمينات (زائد 41,7 في المائة) بارتباط مع تجديد أقساط التأمين في بداية السنة.
وفي المجمل، فإن 51 شركة من أصل 65 التي أعلنت عن نتائجها، سجلت نموا في إيراداتها الفصلية، مقابل 13 شركة فقط سجلت انخفاضا، وهو ما يعكس المتانة العامة للنسيج الاقتصادي المدرج.
ويضع هذا الأداء الإجمالي، المدفوع بمتانة القطاع البنكي وتسريع وتيرة المشاريع الكبرى للبنية التحتية، الشركات المدرجة في موقع جيد لما تبقى من سنة 2025، في سياق اقتصادي يظل واعدا بالنسبة للاستثمارات المنتجة.