الحكومة تُثبت استقلالية المؤسسات الحكومية والبرلمان ماليًا، مع وجود ضوابط.

الحكومة تُثبت استقلالية المؤسسات الحكومية والبرلمان ماليًا، مع وجود ضوابط.

كشفت الحكومة المغربية أنها حريصة على ضمان الاستقلالية المالية لمؤسسات الحكامة الدستورية، مشددة على أنها تنزل في إطار يحترم مبدأ فصل السلط ولا يعفيها من الالتزام بقواعد الشفافية المالية وخضوعها للقوانين المؤطرة للميزانية العمومية.

وأوضح الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، ردا عن سؤال كتابي تقدم به المستشاران البرلمانيان عن فريق التجمع الوطني للأحرار، المصطفى الدحماني ومحمد بن فقيه، أن مؤسسات الحكامة تقوم بإعداد ميزانياتها بشكل مستقل، كل حسب القانون المنظم له.

وتابع موضحا، في الجواب الكتابي الذي اطلعت جريدة “مدار21” على نظير منه، أن “المشرع أرسى آليات مستقلة لتحضير الميزانية، تتراوح بين تكليف الأمين العام للمجلس؛ كما هو الحال في القانون المتعلق بمجلس المنافسة، حيث يقوم الأمين العام بتحضير مشروع الميزانية الذي يعرض على موافقة المجلس. وبالنسبة للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، فيضطلع رئيس الهيئة باقتراح مشروع الميزانية السنوية للهيئة وعرضه على مجلس الهيئة للمصادقة عليه”.

أما بخصوص المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، يضيف لقجع، “فقد تم التنصيص على مهمة إعداد وتنفيذ الميزانية السنوية للمجلس، التي تحدد توقعات المداخيل والنفقات السنوية للمجلس ولهيئاته، ضمن المهام المسندة لرئيس المجلس”، مشيرا إلى أنه “في مؤسسة الوسيط يضطلع الوسيط بإعداد ميزانية المؤسسة باتفاق مع السلطة الحكومية المكلفة بالمالية. كما أن قانون المجلس الوطني لحقوق الانسان أسند لرئيس المجلس مهمة إعداد ميزانية المجلس باتفاق مع السلطة الحكومية المكلفة بالمالية”.

وذكر الوزير المكلف بالميزانية أن دستور 2011 حرص على دسترة عدد من هيئات الحكامة الجيدة، باعتبارها مؤسسات مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، لضمان فاعليتها ونزاهتها في أداء مهامها الرقابية أو الحقوقية أو التنظيمية.

وبخصوص الاعتمادات المالية، أشار المسؤول الحكومي إلى أن هناك مؤسسات لها فصول ميزانياتية خاصة داخل ميزانية الدولة، فيما تتلقى مؤسسات أخرى إعانات مباشرة، مع إمكانية توفرها على موارد ذاتية ناتجة عن نشاطها أو هبات ووصايا لا تمس باستقلاليتها.

وأبرز المصدر ذاته أن رؤساء هذه المؤسسات يعتبرون آمري صرف، ما يمنحهم حرية التصرف في مواردهم حسب حاجياتهم، مع إمكانية تعيين آمرين مساعدين، مؤكدا أن يتم في المقابل “تعيين محاسب عمومي ملحق بهذه المؤسسات لمراقبة تنفيذ الميزانية، بالإضافة إلى خضوعها لمراقبة المجلس الأعلى للحسابات”.

وعلاقة بالتنسيق المالي بين البرلمان والحكومة، ذكّر لقجع بقرار المحكمة الدستورية عدد 209/23، الذي أقر بشرعية تنسيق مكتب مجلس النواب مع الحكومة لتسجيل اعتمادات المجلس في الميزانية العامة، مؤكدا أن “هذا التنسيق لا يمس باستقلالية المؤسسة التشريعية، وإنما يندرج ضمن الاختصاصات الحصرية للحكومة في وضع الميزانية العامة”.

وأشار فوزي لقجع إلى أن خضوع مؤسسات الحكامة للقانون التنظيمي للمالية ينسجم مع مبدأ الشفافية وحكامة التدبير، مبرزا أن “عددا من هذه المؤسسات انخرطت طوعا في ورش نجاعة الأداء، مثل المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي”.

وطمأن الوزير بأن مشروع تعديل القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية “لا يتعارض مع مبدأ الاستقلالية المالية لهذه المؤسسات، بل يعزز دور البرلمان ويروم الرفع من فعالية الأداء العمومي واستدامة المالية العامة، فضلا على تقوية دور البرلمان في إعداد وتنفيذ قوانين المالية”.

وأكد الوزير أن المقاربة المغربية في ضمان الاستقلالية المالية لمؤسسات الحكامة تنسجم مع ما هو معمول به في عدد من التجارب المقارنة على الصعيد الدولي وخاصة الدول المنتمية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، مسجلا إذ أن إدراج ميزانيات المؤسسات الدستورية ضمن الميزانية العامة للدولة لا يتعارض مع مبدأ الاستقلالية، ما دامت هذه الميزانيات تعد من طرف المؤسسات المعنية نفسها، وتدمج في قانون المالية عبر قنوات رسمية تضمن احترام الفصل بين السلط، مع إخضاع تدبيرها لمراقبة خاصة تضمن الشفافية والنجاعة.

ولفت إلى أن التوازن يبرز في التجارب المقارنة مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، حيث تحترم الاستقلالية الوظيفية للمؤسسات الدستورية، مع خضوعها في الوقت نفسه لرقابة مالية مؤسساتية، مردفا أنه على الصعيد الإقليمي “فتعتمد دول كالأردن وتونس مقاربات مماثلة تقوم على تمويل مؤسسات الحكامة من الميزانية العامة وفق حاجيات تقترح من طرف هذه المؤسسات، بما يضمن استقلالها دون المساس بالتوازن المالي العام”.