مواجهتنا التالية | مصراوى

مواجهتنا التالية | مصراوى


جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في العقدين الأخيرين انتقلت الاستراتيجية الإسرائيلية من الحفاظ على بقاء الدولة العبرية المنبوذة المزروعة بالقوة في وسط المنطقة، وتعزيز مجالات استمرارها بكل السبل، لاستراتيجية أخرى أكثر طموحا تهدف إلى التحول لدولة مسيطرة تتحكم في مآلات المنطقة، تسير أمورها وترسم خريطة التوازنات فيها بما يضمن لها الغلبة والهيمنة كاملتين.

بعيدا عن كل التفسيرات والتقديرات، لا يمكن أن نفهم الحرب الدائرة الآن بين إسرائيل وإيران إلا كخطوة كبيرة ضمن هذه الاستراتيجية، وقد تكون عملية السابع من أكتوبر التي نفذتها حماس، عجلت بهذه الخطوة بالقوة التي نشهدها، إلا أنها في كل الأحوال كانت قادمة لا محالة، لا سيما مع حالة التطرف الجامح التي تجتاح إسرائيل على المستويات الأمنية،السياسة، المجتمعية، وشخصية نتنياهو الذي يسعى لكتابة اسمه باعتباره بطلا قوميا يهوديا إلى جوار المؤسسين.

قطعا لم يتضح المدى النهائي للمواجهة العسكرية الإيرانية – الإسرائيلية المندفعة بقوة، ولا يمكن رسم سيناريو واحد ستسير إليه لا محالة.

هل يمكن التوصل لصيغة ما لوقف الحرب تسمح لكل طرف بإعلان انتصاره؟ هل تتسع المواجهة حتى يمكن لأحدهما كسر إرادة الآخر وقدرته على التهديد ولو لفترة طويلة؟ هل يتحول موقف الولايات المتحدة دراماتيكيا للتدخل عسكريا وإنهاء الملف النووي الإيراني للأبد، بل والقضاء على النظام الإيراني ذاته؟

كلها سيناريوهات قائمة، فالأوراق متشابكة والحسابات معقدة، ليس لطرفي المواجهة فقط، وإنما أيضا للقوى الإقليمية والدولية، والحسم في الغرف المغلقة حاضرا بنفس قدرة البارود على الحسم.

ولكن السيناريو الوحيد الذي لن تتنازل عنه إسرائيل هو تركيع إيران ومحو أي قدرات نووية قد تشكل تهديدا مستقبليا، فإن لم تحققه في المواجهة الحالية فسيكون هناك جولات لاحقة، لن يوقفها إلا اخترق نووي إيراني حقيقي وإعلان بزوغها كقوة نووية.

إن كان هذا فيما يتعلق بإيران وإسرائيل، فما يعنينا نحن كمصر أولا، وكدول عربية ثانيا، هو الاستيعاب الكامل لتحول استراتيجية إسرائيل في المنطقة، وأن تركيع إيران هو جزء ومرحلة من هذه الاستراتيجية سيتبعها مراحل أخرى. ما علينا ثانيا: هو التحضر للقادم لأنه لن يكون سهلا أو عاديا.علينا الاستعداد والتأهب لمباراتنا القادمة.