انسحاب غير متوقع للقوات الأمريكية من موقعين رئيسيين شرق سوريا

انسحاب غير متوقع للقوات الأمريكية من موقعين رئيسيين شرق سوريا


11:52 ص


الثلاثاء 03 يونيو 2025

وكالات

أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس الاثنين، استنادًا إلى مصادره، بأن القوات الأمريكية نفذت خلال الساعات الماضية انسحابًا مفاجئًا من قاعدتين عسكريتين بارزتين في ريف دير الزور الشرقي، ضمن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

ووفقًا لمصادر المرصد، بدأت عملية الانسحاب تدريجيًا في 18 مايو، ثم تسارعت خلال اليومين الأخيرين، حيث شوهدت أرتال أمريكية، تضم عربات مصفحة ومعدات لوجستية تغادر مواقعها في حقل العمر النفطي ومعمل كونيكو للغاز.

وأشار المرصد إلى أن قاعدة حقل العمر تُعد الأكبر للقوات الأمريكية في سوريا، وقد تعرضت كلتا القاعدتين لهجمات من قبل قوات موالية لإيران خلال العامين الماضيين.

في أعقاب الانسحاب، تمركزت قوات “قسد” في المواقع التي أخلتها القوات الأمريكية.

وأكدت مصادر المرصد أن العمليات العسكرية المشتركة ستستمر في حال وجود حملات أمنية أو أهداف لتنظيم “الدولة الإسلامية”، على أن يتم دعمها من قبل التحالف الدولي انطلاقًا من قاعدة الشدادي جنوب الحسكة، حيث لا تزال القوات الأمريكية تحتفظ بوجودها.

يُعتبر هذا الانسحاب من أبرز التحركات العسكرية الأمريكية في شمال شرق سوريا، مما أثار مخاوف من احتمال حدوث فراغ أمني في منطقة تعاني من هشاشة أمنية وتحديات متفاقمة.

تجدر الإشارة إلى أن توماس باراك، السفير الأمريكي في تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، كان قد أعلن أن الرئيس دونالد ترامب كلف الجيش الأمريكي في سوريا بهدف واحد هو مكافحة تنظيم داعش، مؤكدًا أن القوات الأمريكية أنجزت 99% من هذه المهمة بنجاح.

وفي سياق متصل، صرح باراك بأن الولايات المتحدة وافقت على خطة طرحتها القيادة السورية الجديدة للسماح لآلاف من المتشددين الأجانب، الذين كانوا في السابق ضمن المعارضة، بالانضمام إلى الجيش الوطني، شريطة أن يتم ذلك بشفافية.

وذكر ثلاثة مسؤولين دفاعيين سوريين أن الخطة تنص على انضمام نحو 3500 مقاتل أجنبي، معظمهم من الويغور من الصين والدول المجاورة، إلى وحدة مشكلة حديثًا، وهي الفرقة 84 من الجيش السوري، والتي ستضم سوريين أيضًا.

وردًا على سؤال من وكالة “رويترز” في دمشق حول موافقة واشنطن على دمج المقاتلين الأجانب في الجيش السوري الجديد، قال باراك، الذي يشغل أيضًا منصب السفير الأمريكي لدى تركيا: “أعتقد أن هناك تفاهما وشفافية”.

وأضاف أنه من الأفضل إبقاء هؤلاء المتشددين ضمن مشروع للدولة بدلاً من إقصائهم، ووصف كثيرين منهم بأنهم “مخلصون للغاية” للإدارة السورية الجديدة.

وكان مصير الأجانب الذين انضموا إلى هيئة تحرير الشام خلال الحرب التي استمرت 13 عامًا بين المعارضة والرئيس السابق بشار الأسد، من أكثر القضايا الشائكة التي تعيق التقارب مع الغرب، منذ أن أطاحت الهيئة، وهي فرع سابق لتنظيم القاعدة، بالأسد واستولت على السلطة العام الماضي.

وكانت الولايات المتحدة حتى مطلع مايو تطالب القيادة الجديدة باستبعاد المقاتلين الأجانب من قوات الأمن.

لكن نهج واشنطن تجاه سوريا شهد تغيرًا كبيرًا منذ جولة ترامب في الشرق الأوسط الشهر الماضي، حيث وافق ترامب خلال هذه الجولة على رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عهد الأسد، والتقى بالرئيس السوري المؤقت **أحمد الشرع** في الرياض، وعيّن باراك مبعوثًا خاصًا له.

وقال مصدران مقربان من وزارة الدفاع السورية لـ”رويترز” إن الشرع والمقربين منه حاولوا إقناع محاورين غربيين بأن ضم مقاتلين أجانب إلى الجيش سيكون أقل خطورة على الأمن من التخلي عنهم، الأمر الذي قد يدفعهم إلى الانضمام مجددًا لتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية.

ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية ولا متحدث باسم الحكومة السورية بعد على طلبات للتعليق.

انضم آلاف من السنة الأجانب لجماعات معارضة سورية مسلحة منذ مرحلة مبكرة في الحرب الأهلية التي دارت على مدى 13 عامًا بهدف القتال ضد الأسد، الذي تلقى بدوره مساعدة من جماعات شيعية مسلحة مدعومة من إيران.

واكتسب المقاتلون الأجانب داخل هيئة تحرير الشام سمعة باتسامهم بالولاء والانضباط والخبرة العسكرية، وشكلوا العمود الفقري لوحدات النخبة في الجماعة. وحاربوا ضد تنظيم الدولة الإسلامية وضد فروع من تنظيم القاعدة اعتبارًا من 2016، عندما نأت الجماعة بنفسها عن تنظيم القاعدة الذي أسسه أسامة بن لادن.

والمقاتلون الأويغور من الصين ووسط آسيا هم أعضاء في الحزب الإسلامي التركستاني، وهي جماعة تصنفها بكين على أنها إرهابية. وقال مسؤول سوري ودبلوماسي أجنبي إن الصين سعت لتحجيم نفوذ تلك الجماعة في سوريا.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: “الصين تأمل في أن سوريا ستعارض كل أشكال قوى الإرهاب والتطرف استجابة لمخاوف المجتمع الدولي”.

وقال عثمان بوغرا، وهو مسؤول سياسي في الحزب الإسلامي التركستاني، لـ”رويترز” في بيان مكتوب، إن الجماعة حلت نفسها رسميًا واندمجت في الجيش السوري.

وأضاف أن الجماعة تعمل حاليًا بالكامل تحت سلطة وزارة الدفاع، وتلتزم بالسياسة المتبعة في البلاد، وتحافظ على عدم الارتباط بأي كيانات أو جماعات خارجية.

وفي ديسمبر، تسبب تعيين عدد قليل من المتشددين الأجانب السابقين، الذين كانوا من أبرز قيادات هيئة تحرير الشام، في مناصب عسكرية بارزة، في إثارة قلق حكومات غربية، مما زاد من المخاوف المتعلقة بتوجهات القيادة الإسلامية الجديدة لسوريا.

وظلت مسألة المطالبة بتجميد تلك التعيينات وطرد المقاتلين الأجانب من النقاط الأساسية الحساسة مع واشنطن ودول غربية أخرى، لحين الاجتماع المهم الذي جمع بين ترامب والشرع.

وقال الشرع إن المقاتلين الأجانب وأسرهم قد يحصلون على الجنسية السورية لدورهم في محاربة الأسد.

وقال عباس شريفة، وهو خبير في الجماعات المتشددة مقره دمشق، إن المقاتلين الذين جرى ضمهم للجيش أظهروا الولاء لقيادة سوريا وخضعوا لما وصفه بتنقيح أيديولوجي.

لكنه تابع قائلاً إنهم قد يصبحون فريسة سهلة لتنظيم الدولة الإسلامية وجماعات متطرفة أخرى في حال التخلي عنهم.