يوم عرفة عندهم الجمعة: هل سيصوم المسلمون في هذه الدول اليوم؟… عالم شرعي يوضح

يوم عرفة عندهم الجمعة: هل سيصوم المسلمون في هذه الدول اليوم؟… عالم شرعي يوضح

كتب- علي شبل:

يوم مبارك، فيه من البركات والنفحات ما ينزل على جميع الخلق وليس على حجاج بيت الله فقط؛ ولذلك يقول الرسول لنا: “خير الدعاء دعاء عرفة وخير ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله”، فهذا يوم ختام الصوم، وصيامه سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويستحب الإكثار فيه من ذكر الله وقول لا إله إلا الله.

وبينما يصوم اليوم ملايين المسلمين في شتى بقاع الأرض يوم عرفة سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، دخل مسلمو 7 دول اختلفت مع السعودية ومعظم الدول الإسلامية، في مطلع ذي الحجة- هي “الهند، وبنجلاديش، بروناي، وماليزيا، باكستان، والمغرب، وموريتانيا”- دخلوا في جدل حول صيام يوم عرفة، الذي يحل عندهم غدا الجمعة، فما رأي الشرع في تلك المسألة.

هل يصح صيام جميع المسلمين يوم عرفة اليوم رغم اختلاف مطالع شهر ذي الحجة؟.. سؤال طرحه مصراوي على الدكتور عبدالرحمن الفخراني، الباحث الشرعي في العلوم الإسلامية، ليرد موضحا أنه وجب التفريق بين معيارين يكثر فيهما الخلط : المعيار الزماني: يوم عرفة (التاسع من ذي الحجة) ، وبين المعيار المكاني (وقفة الحجيج بعرفة).

وتابع الفخراني، في حديثه الخاص لمصراوي: بمعلومية أن اختلاف المطالع معتبر شرعا، وأن ملابسات الترائي (القياسات والحسابات الفلكية التي يرى فيها الهلال) تختلف من بلد لآخر ، وأن المرجعية في إعلان دخول الشهور هو تحقق رؤية الهلال .. بمعلومية ما سبق، فقد تختلف بعض البلدان مع بلد المنسك (مكة المكرمة) في بداية شهر ذي الحجة، ومن ثم في تعيين يوم عرفة، لكنه في كل الأحوال هو يوم التاسع من ذي الحجة.

وأضاف الباحث الشرعي في العلوم الإسلامية: إذن عرفة علم على الزمان، لا المكان ، فهو اليوم التاسع من ذي الحجة، سواء وافق هذا اليوم وقفة الحجيج بعرفة أم لم يوافق. فالزمان مختلف، المكان واحد، والعبرة فيه برؤية المسلمين للهلال في بلاد الحرمين، أما ما يتعلق بالعبادات التي يفعلها المسلمون في بلادهم، كالصيام، فهي مرتبطة برؤيتهم للهلال لا برؤية بلاد الحرمين إن اختلفت الرؤية.

والدليل العمدة في هذه المسألة- يقول الفخراني- ظاهر قول عائشة رضي الله تعالى عنها فيما رواه عبد الرزاق في مصنفه ( 4 / 157 ) عن مسروق : أنه دخل هو ورجل معه على عائشة يوم عرفة ، فقالت عائشة : يا جارية ! خوضي لهما سويقاً وحليةً فلولا أني صائمة لذقته ، قالا : أتصومين يا أم المؤمنين ! ولا تدرين لعله يوم النحر ، فقالت : إنما النحر إذا نحر الإمام ، وعظم الناس ، والفطر إذا أفطر الإمام وعظم الناس ، وفي رواية البيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 252 ) وحسن الشيخ الألباني إسناده في السلسة الصحيحة ( 1 / 389 ): ( النحر يوم ينحر الناس ، و الفطر يوم يفطر الناس ) وفي رواية عنها عند البيهقي في شعب الإيمان والطبراني في الاوسط قالت : إنما عرفة يوم يعرف الإمام ، ويوم النحر يوم ينحر الإمام .

ويلفت إلى أنه قد ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه ”إنباء الغمر بأبناء العمر” كلاما ظاهره أن هذه المسألة كانت مشتهرة عند الناس أنها راجعة إلى اختلاف المطالع ، فقد قال في أحداث عام ثمان وعشرين وثمانمائة : .. وفي الثالث والعشرين من ذي الحجة وصل بالمبشر من الحاج وأخبروا بالرخاء الكثير في الحجاز، وأنه نودي بمكة أن لا تباع البهار إلا على تجار مصر، وأن لا يكون البهار إلا بهار واحد ، وأخبر بأن الوقفة كانت يوم الاثنين وكانت بالقاهرة يوم الأحد، فتغيظ السلطان ظناً منه أن ذلك من تقصير في ترائي الهلال ، فعرفه بعض الناس أن ذلك يقع كثيراً بسبب اختلاف المطالع.

وذكر ابن تيمية في فتاويه في جواب سؤال في نفس المضمار أن على الناس أن يصوموا التاسع في الظاهر المعروف عند الجماعة، وان كان في نفس الأمر قد يكون عاشراً، ولو قدر ثبوت تلك الرؤية. قال : فإن في السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: “صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون” [أخرجه أبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه] وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله: “الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضح الناس” [ رواه الترمذي] وعلى هذا العمل عند أئمة المسلمين كلهم. فإن الناس لو وقفوا بعرفة في اليوم العاشر خطأ أجزأهم الوقوف بالاتفاق، وكان ذلك اليوم يوم عرفة في حقهم. ولو وقفوا الثامن خطأ ففي الأجزاء نزاع. والأظهر صحة الوقوف أيضاً، وهو أحد القولين في مذهب مالك، ومذهب أحمد وغيره. قالت عائشة رضي الله عنها: “إنما عرفة اليوم الذي يعرفه الناس” وأصل ذلك أن الله سبحانه وتعالى علق الحكم بالهلال والشهر فقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}.

وختم الدكتور عبدالرحمن الفخراني، حديثه لمصراوي، قائلًا إنه إذا تقرر هذا فلا لوم على المسلمين في أن يختلفوا في بداية الصوم ونهايته، وفي تحديد يوم عرفة ويوم العيد ما دامت مطالعهم مختلفة، لأن العبرة في دخول الشهر بالرؤية أو بإتمام الشهر ثلاثين يوماً، ويكون يوم عرفة ويوم العيد بالنسبة لمن بمكة غير يوم عرفة ويوم العيد بالنسبة لغيرهم ممن يختلف مطلعهم عنهم، وهذا ما حدث هذا العام؛ إذ اختلف دخول الشهر في سبعة من الدول عن بلد المنسك.

اقرأ أيضًا:

قلت لزوجتي أنت طالق ولم أكن أقصد الطلاق فهل يقع؟.. عالم أزهري يجيب

الإفتاء توضح حكم طهارة من وجد الماء بعد التيمم: هل يجب عليه إعادة الصلاة؟

زوجي طلقني وينكر اليمين.. ماذا أفعل؟.. عالم أزهري يجيب

عالم أزهري يكشف عن سورة من القرآن تطرد الشياطين والجن من البيت