اللغز الجغرافي: هل سيتغير الوضع الراهن؟.. مصر تتغلب على الكراهية بجهود سرية وإرادة قوية.

لقد كشفت الأحداث الأخيرة، من ظهور سعد العولقي إلى ديناميكيات ميليشيا ياسر أبو شباب، مروراً بتحركات أحمد الشرع (الجولاني)، وصولاً إلى الاستفزازات الأمنية في المثلث الحدودي بين مصر وليبيا والسودان، عن مشهد إقليمي شديد التعقيد، تتقاطع فيه أيادي الإرهاب مع أجندات معادية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة، وفي قلب هذه التحديات تقف مصر. إن ما تكشفه هذه الأحداث يُرسم صورة واضحة لـ”إفلاس الإرهاب” من جهة، وقوة مصر وصمودها الاستثنائي من جهة أخرى، مما يجعلها درع المنطقة الأول في مواجهة عاصفة التهديدات.
إفلاس الإرهاب: وجوه متعددة لتهديد واحد
إن ظهور زعيم القاعدة في جزيرة العرب، سعد العولقي، بوجهه لأول مرة والدعوة الصريحة لاستهداف مصر والأردن، ليس مجرد حادث عابر. إنه “مؤشر صارخ على حالة الإفلاس الفكري والعملياتي” الذي وصل إليه هذا التنظيم بعد الضربات المتتالية التي استهدفت قياداته. هذا الظهور اليائس هو محاولة لإعادة إحياء جسد خارت قواه، وفي الوقت نفسه، تصويب مباشر لسهام الإرهاب نحو محور الاعتدال العربي الذي تمثله مصر والأردن، لأنهما شوكة في حلق هذه التنظيمات.
يتقاطع هذا “الإفلاس” مع ما كشفه الفيديو عن ميليشيا ياسر أبو شباب في غزة. هذه الميليشيا، التي تُوصف بأنها “خطيرة على الأمن القومي المصري” ومدعومة إسرائيليًا، تمثل وجهًا آخر للتهديد. إن وجودها على حدود مصر، في ظل دعم خارجي، يُشير إلى محاولة خلق بؤرة توتر جديدة أو استغلال فاعلين محليين لتعريض الأمن المصري للخطر. هنا تتكشف براغماتية الإرهاب المتطرفة: تارة يظهر بوجه أيديولوجي كلاسيكي (العولقي)، وتارة أخرى يتخذ أشكالاً محلية مدعومة من قوى لها أجندات معادية (ياسر أبو شباب)، وكل ذلك بهدف واحد: زعزعة استقرار مصر.
مخططات وأجندات معادية: استغلال الفوضى واستهداف مصر
إن هذه التحركات ليست بمعزل عن مخططات وأجندات أوسع. ففي ظل التوترات الإقليمية، تسعى هذه التنظيمات لاستغلال أي فراغ أو ضغط لإعادة ترتيب أوراقها وتجنيد الأتباع. السؤال الأهم هنا، والذي يطرح نفسه هو: “مدى وجود أجندات خفية تستغل هذه التنظيمات كأدوات لتحقيق مصالح معينة؟”
هذه الأجندات تهدف إلى بقائنا في حالة دائمة من الفوضى وعدم الاستقرار. فعندما يدعو العولقي صراحةً لاغتيال قادة عرب، وعندما تُدعم ميليشيات خطيرة على حدود مصر، وعندما نرى تحركات مثل التي يقوم بها أحمد الشرع (الجولاني) في سوريا، فإن الصورة تتضح:
أحمد الشرع (الجولاني) وخطر الجنسية للإرهابيين: محاولة الجولاني “غسل سمعته” عبر وسائل الإعلام الغربية وتقديم هيئة تحرير الشام كـ”سلطة أمر واقع” هي بحد ذاتها مظهر من مظاهر البراغماتية الخطيرة للإرهاب. لكن الأخطر هو ما تلوح به هذه التحركات من منح الجنسية للمقاتلين الأجانب وإدخالهم في الجيش السوري. هذا الأمر يمثل كارثة على المنطقة بأكملها، لأنه يشرعن وجود عناصر إرهابية ويمنحها غطاءً قانونيًا وعسكريًا. هذا يمثل خطرًا جسيمًا على مصر بشكل خاص، لوجود عدد كبير من الإرهابيين المصريين الفارين الذين يحاولون مرارًا وتكرارًا إقامة أفرع إرهابية لهم. منح هؤلاء جنسيات أخرى أو دمجهم يزيد من تعقيد مهمة مكافحتهم ويُمكن أن يُستخدم كـ”مفتاح” لإدخالهم.
التهديدات الحدودية المباشرة (مثل الاستفزازات في المثلث الحدودي): في خضم هذه التحديات، يبرز التهديد المباشر على الحدود. فالاستفزازات الأمنية في المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا، والتي تُشير إلى محاولات لزعزعة الاستقرار الأمني في المنطقة، تمثل خرقًا صارخًا للقانون الدولي وانتهاكًا لسيادة الدول. هذه التحركات، التي تهدف إلى إثارة الفوضى واستنزاف قدرات دول الإقليم، ليست مجرد صراع محلي، بل هي جزء من محاولات أوسع لتعريض الأمن القومي المصري للخطر في نقاط تماس حيوية.
مصر أقوى: صمود ومرونة لا تُقهر
رغم هذه المخاطر الجسيمة والأجندات المتعددة، تظل مصر، بفضل الله وبفضل جهود أبنائها المخلصين، أقوى. فنفوذ مصر المستمر في غزة، ودورها المتوازن في العلاقات الإقليمية والدولية، يُعد دليلاً على مرونة دبلوماسية وقوة سياسية تُمكّنها من إدارة الملفات المعقدة بفاعلية.
إن صلابة مصر وتمسكها بسيادتها ووحدة شعبها، كما أشار مقالك، يمثل عائقًا رئيسيًا أمام كل هذه المخططات التخريبية. الجيش المصري العظيم ومؤسساته الأمنية تعمل ليل نهار لإحباط هذه المحاولات، وتلاحق الإرهابيين الفارين، وتُفشل مخططاتهم لإقامة أفرع إرهابية. هذا الصمود ليس فقط عسكريًا، بل هو صمود شعبي وفكري أيضًا، حيث يُدرك المصريون أن “أكذوبة تحرير القدس واستغلال القضايا المقدسة” هي مجرد غطاء لتبرير الدمار والفوضى. إن قدرة مصر على التصدي للتهديدات المتعددة الأوجه، سواء كانت إرهابية تقليدية، أو ميليشيات مدعومة، أو استفزازات حدودية، تُبرهن على قوتها الاستراتيجية ووعيها العميق بحجم المخاطر المحيطة.
خاتمة: وعي ودفاع شامل وعين ساهرة في “الظل”
إن تحليلنا المتكامل يُظهر أن المخاطر المحدقة بمصر من الإرهاب والمخططات والأجندات المعادية ليست مجرد تهديدات منفصلة، بل هي شبكة معقدة من التحديات المترابطة. هذه الشبكة تحاول استغلال أي نقاط ضعف أو توترات إقليمية لتحقيق أهدافها. لكن وعي القيادة والشعب المصري، وتكاتف جهود الأجهزة الأمنية والعسكرية، ومرونة السياسة الخارجية المصرية، هي كلها عوامل تجعل مصر قادرة على مواجهة هذه التحديات المتعددة الأوجه بصلابة وقوة.
وما يؤكد هذه القدرة الاستثنائية، ويعكس عمق الاستراتيجية المصرية في حفظ الأمن القومي، هو الدور المحوري الذي تلعبه “أجهزة الظل” المصرية ورجالها المخلصون. ففي صمتٍ وبعيداً عن الأضواء، تعمل هذه الأجهزة بكفاءة واحترافية على القضاء على كافة التهديدات في أماكنها الأصلية، قبل أن تتمكن من الوصول إلى الأراضي المصرية. هذا العمل الاستباقي والعميق يعكس عقيدة دفاعية متطورة، تُدرك أن أمن مصر يبدأ من خارج حدودها، ويُجسّد استراتيجية دفاع شاملة لا تكتفي برد الهجمات، بل تستبقها وتقتلع جذورها.
إن “مستقبل المنطقة سيُكتب بأيدي أبنائها المخلصين، وليس بأيدي دعاة الكراهية والدمار، أو صانعي الفوضى”، وهذه العبارة من مقالك تلخص ببراعة الإرادة المصرية في بناء مستقبل أفضل، بعيدًا عن مخططات الإرهاب والخراب، تحت عين ساهرة لا تنام.