في ذكرى ولادة “سلطانة الطرب” منيرة المهدية .. رائدة حطمت الحواجز

تحل اليوم الجمعة ١٦ مايو ذكرى ميلاد إحدى أعظم رموز الطرب في مصر والعالم العربي، المطربة الراحلة منيرة المهدية، المعروفة بلقب “سلطانة الطرب”، والتي كانت واحدة من أوائل السيدات اللاتي رسمن ملامح الفن العربي وأسّسن لمكانة المرأة على خشبة المسرح وساحة الطرب.
منيرة المهدية
بدأت منيرة مشوارها الفني بالمصادفة البحتة، حين لفت صوتها انتباه صاحب مقهى في القاهرة، فعرض عليها الغناء أمام رواد المقهى، لتوافق وتبدأ رحلتها الفنية، مغيرة اسمها من زكية حسن إلى “منيرة المهدية”، نسبةً إلى المدينة التي تنتمي إليها، لم تكتف بالغناء في المقاهي، بل أسّست لاحقًا مقهاها الخاص الذي حمل اسم “نزهة النفوس”، وتحول إلى واحد من أهم المنتديات الثقافية والفنية آنذاك، يجتمع فيه كبار المفكرين والفنانين والساسة.
أول سيدة مصرية تنشئ مسرح
في عام 1917، خطت خطوة جريئة وغير مسبوقة بتأسيسها مسرحًا خاصًا بها، لتصبح أول سيدة مصرية تنشئ مسرحًا تنافس به عمالقة المسرح في ذلك العصر، وحققت من خلاله نجاحات كبيرة على مستوى العروض الغنائية والمسرحية، لم تكتف بالنجاح لنفسها، بل ساهمت أيضًا في دعم واكتشاف المواهب، ولعل أبرزهم الموسيقار محمد عبد الوهاب، الذي منحته أول فرصة حقيقة في عالم الفن، حين أسندت إليه تلحين الفصل الثالث من أوبريت “كليوباترا” بعد وفاة سيد درويش، كما منحته دور البطولة.
وكانت منيرة رائدة أيضًا في وصول الأغنية المصرية إلى القرى والأرياف، إذ كانت أول مطربة توزع أسطواناتها مجانًا على الفلاحين، بهدف نشر الفن خارج حدود المدن.
الاعتزال نهائيًا
ورغم مسيرتها اللامعة، ابتعدت منيرة المهدية عن الأضواء لفترة طويلة، ثم عادت في عام 1948 لتقدم حفلًا غنائيًا، لكنه لم يحقق النجاح المنتظر بسبب تغيّر الذوق العام وتأثر صوتها بسبب التدخين، قررت بعدها الاعتزال نهائيًا، وابتعدت عن الحياة الفنية، لتقضي ما تبقى من عمرها في عوامتها، تمارس هوايتها في تربية الحيوانات، محتفظة بذكريات مجدها الكبير وأوسمتها التي حصلت عليها من زعماء عرب تقديرًا لمشوارها الفني.
منيرة المهدية لم تكن مجرد مطربة، بل كانت حالة فنية وإنسانية فريدة، سبقت عصرها وفتحت أبوابًا كانت مغلقة أمام النساء، لتبقى بصمتها خالدة في وجدان الفن العربي.