ما هي أعراض كوفيد الطويل؟ ولماذا يشعر البعض بالتعب المستمر؟

ما هي أعراض كوفيد الطويل؟ ولماذا يشعر البعض بالتعب المستمر؟

منذ ظهور فيروس كورونا، واجه الأطباء تحديات كبيرة في تفسير أعراض ما يُعرف بـ”كوفيد الطويل“، خاصة تلك المتعلقة بالجهاز العصبي، فقد اشتكى ملايين المتعافين من مشاكل في التركيز، بطء التفكير، والتعب المزمن، دون وجود تفسير عضوي واضح، ولكن دراسة أمريكية جديدة، نُشرت في مجلة PLOS One، فتحت نافذة أمل جديدة عبر رصد تغيّرات بيولوجية ملموسة قد تفسر هذه الأعراض.

12 مليون أمريكي يعانون من أعراض عصبية بعد التعافي

بحسب بيانات وكالة “يونايتد برس”، يُقدّر عدد المصابين بـ”كوفيد الطويل” الذين يعانون من أعراض عصبية في الولايات المتحدة وحدها بحوالي 12 مليون شخص، تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا:

ضباب الدماغضعف التركيزالتعب المزمنالتشوش الذهنيالنسيان المتكرر

ويؤكد الباحثون أن هذه الأعراض ليست نفسية فقط، بل لها جذور بيولوجية تؤثر على وظائف الدماغ والجهاز العصبي.

ما الذي كشفته الدراسة؟ نقص بروتين حيوي مرتبط بالذاكرة

الدراسة التي أجراها فريق من مركز “كورويل هيلث” الطبي بولاية ميشيغان، تعتبر الأولى من نوعها التي تقيس مؤشرات الالتهاب العصبي مباشرة لدى مرضى كوفيد الطويل.

وأظهرت النتائج أن هؤلاء المرضى يعانون من انخفاض واضح في مستويات بروتين عامل نمو الأعصاب (NGF)، المسؤول عن دعم الخلايا العصبية وتحفيز وظائف الذاكرة.

وأضاف الدكتور مايكل لورانس، أخصائي علم النفس العصبي والمشارك في الدراسة، بأن المرضى الذين خضعوا للاختبارات أظهروا أداءً طبيعيًا في أغلب المؤشرات، لكنهم واجهوا صعوبة ملحوظة في اختبارات “الطلاقة اللفظية”، مما يشير إلى تضرر الوظائف التنفيذية للدماغ.

البيانات تدعم المرضى: “المعاناة حقيقية وليست توهّمًا”

يؤكد لورانس أن العديد من المرضى يشعرون بأن المجتمع الطبي لا يأخذ أعراضهم على محمل الجد، نظراً لغياب التفسيرات العضوية، لكن الدراسة الحالية توفر، ولأول مرة، أدلة علمية موضوعية تثبت وجود خلل بيولوجي حقيقي.

ويضيف أن هذه النتائج قد تفتح الباب أمام تدخلات علاجية متعددة التخصصات تشمل الطب العصبي والمناعي والنفسي.

 الالتهاب العصبي والتلف مستمر بعد التعافي

لم تتوقف الأبحاث عند هذا الحد، فقد رصدت دراسات إضافية من الولايات المتحدة وكندا مؤشرات بيولوجية أخرى، منها:

ارتفاع مستوى بروتين pNfL في الدم، والذي يُستخدم كمؤشر على تلف في الألياف العصبية.وجود بروتين GFAP المرتبط بالتلف الدماغي، والذي ارتفع أيضًا لدى بعض المرضى الذين اشتكوا من التعب وضباب الدماغ.خلل في استجابة الخلايا التائية المناعية، وهو ما يشير إلى وجود التهابات عصبية مزمنة حتى بعد الشفاء من العدوى الحادة.

كم يدوم “كوفيد الطويل”؟ ومن الأكثر عرضة؟

تشير البيانات إلى أن حوالي 6% من البالغين في أمريكا أبلغوا عن أعراض مستمرة لعدة أشهر بعد الإصابة بكوفيد-19، وقد تطول لدى البعض لعام أو أكثر.

ويبدو أن النساء، والأشخاص فوق سن الأربعين، وكذلك من لم يحصلوا على تطعيم كامل، هم الأكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة المعقدة.

هل يساعد التطعيم في الوقاية من كوفيد الطويل؟

بحسب منظمة الصحة العالمية ومراكز مكافحة الأمراض CDC، فإن الحصول على اللقاح يقلل من خطر تطور أعراض كوفيد الطويل بنسبة تصل إلى 50%.

كما أن الوقاية الأولية من العدوى، عبر الكمامات وغسل اليدين، تظل فعالة أيضًا في تقليل فرص الإصابة.

ماذا بعد؟ الأبحاث مستمرة والأمل قائم

هذه النتائج العلمية تُشكّل خطوة كبيرة نحو فهم طبيعة “كوفيد الطويل” بشكل أعمق، وتساهم في كسر حاجز “عدم التصديق” الذي يواجهه الكثير من المرضى.

كما تمثل انطلاقة جديدة لتطوير بروتوكولات علاجية تستند إلى الأدلة البيولوجية، وتُعيد الأمل لمن عانوا طويلاً في صمت.

“كوفيد الطويل” ليس توهمًا أو عرضًا نفسيًا عابرًا، بل هو حالة عصبية حقيقية موثقة بالتغيرات البيوكيميائية في الدماغ.

مع تزايد الدراسات واكتشاف المؤشرات البيولوجية، يبدو أن الأمل في العلاج أصبح أقرب من أي وقت مضى.