النادي الثقافي يرفد المكتبة العُمانية بعدد من الإصدارات الحديثة

النادي الثقافي يرفد المكتبة العُمانية بعدد من الإصدارات الحديثة

مسقط
في 14 أبريل /العُمانية/ أعلن النادي الثقافي (ضمن البرنامج الوطني لدعم الكتاب)
إصدار مجموعة من إصداراته الجديدة من الكتب العُمانية لعام 2025، التي تشكل رافدًا
ثقافيًّا مهمًّا للمكتبة الثقافيّة في سلطنة عُمان.

وتمكّن
البرنامج الذي انطلق منذ عام 2009، من تقديم قائمة إصدارات واضحة أسهمت في دعم
حركة النشر والتوزيع للكتاب العُماني، من خلال تعاون النادي الثقافي مع مؤسسات
تقوم بنشر وطباعة وتوزيع المؤلفات داخل سلطنة عُمان وخارجها.

وحول
ما ستضيفه هذه الإصدارات الأدبية النوعية للمكتبة الثقافية العُمانية، يعتبر الدكتور
محمد بن علي البلوشي، رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي، النادي الثقافي إحدى أبرز
المؤسسات التي حفظت جزءا كبيرا من الذاكرة الثقافية العمانية وقدمت الدعم عبر
الزمن لأجيال من المبدعين العمانيين، فالنادي لم يكن يومًا مجرد منصة لإقامة
الفعاليات، بل كان – ولا يزال – مشروعًا متجدّدًا يحتفي بالإبداع، ويرسّخ مكانة
الثقافة وأهميتها في حاضر الإنسان العُماني ومستقبله. ومن بين المبادرات التي
تُجسد هذه الرؤية، يبرز “البرنامج الوطني لدعم الكتاب”، الذي أطلقه
النادي منذ عام 2009، والذي لم يكتفِ بدعم نشر المؤلفات، بل أسّس تقليدًا مؤسّسيًّا
راسخًا يؤكد على أن نشر المنجز الإبداعي
بمختلف صنوفه يجب أن يكون في مقدمة أولويات المؤسسات القائمة على الثقافة.

ووضح
أن هذا البرنامج، الذي اتخذ عبر السنوات الماضية طابعًا تصاعديًّا من حيث الكمّ
والنّوع، لا يمكن قياس نجاحه بعدد العناوين، بل بقدرته على إبراز الإبداعات
الأصيلة، والغوص في التضاعيف العميقة للذاكرة الأدبية، وفتح كل المسارات الممكنة
أمام المبدعين للتعبير والتأمل.

وقال
البلوشي: يرى النادي الثقافي أن الكتب التي يتبنى إصدارها -عبر مشروعه
“البرنامج الوطني لدعم الكتاب” منذ العام 2009 حتى اليوم – ليست مجرد
منتجات مادية تتم إضافتها إلى رفّ المكتبة، بل هي تعبير عن طاقات مبدعة يحرك
مبدعيها أسئلة وجودية وجمالية ولغوية عميقة، إنها لبنات جديدة تضاف إلى ذاكرة
الثقافة العُمانية.

وأكد
على أن ما ستضيفه هذه الكتب للمكتبة العُمانية يمثّل إسهامًا يقدّمه النادي
بالتوازي مع إسهامات جهات أخرى تسعى لتأكيد عمق ورصانة المنجز الثقافي العُماني
الراسخ منذ القدم؛ فهذه الكتب تتناول الإبداع العُماني عبر الأزمنة، وتعيد قراءة
مراحل مهمّة من التاريخ العُماني. إنها تضيف مشروعًا ثقافيًّا مستمرًّا، يؤمن بأن
الثقافة ليست ترفًا، بل شرطًا من شروط التقدّم الإنساني. إن كُتب هذا العام تعكس
عمق وخصوصية المنجز الإبداعي العُماني، وترسّخ الهُوية الثقافية العُمانية من خلال
سردية المجتمع عن نفسه، ومن خلال رغبة المجتمع في الحفاظ على ذاكرته الجمعية. وفي
جانب آخر، أرى أن هذا النوع من مشروعات دعم النشر يعدُّ جزءًا من دعم الاقتصاد
الثقافي ودعم منظومة الصناعات الإبداعية، إذ إن له أثر مباشر على تنشيط الحراك
الثقافي المحلي، ويقدم أشكالًا مختلفة من الدعم لكل من الكُتّاب، والمُصمّمين،
والمُترجمين، والقُرّاء.

وتحدّث
البلوشي عن المؤشر التصاعدي لمشروع طباعة الكتاب الثقافي بالنادي الثقافي خلال
السنوات الماضية وقال: حين نتأمل المسار المتصاعد لبرنامج طباعة الكتاب في النادي
الثقافي منذ انطلاقه عام 2009، فإننا لا ننظر إليه بوصفه تراكمًا رقميًّا في عدد
الإصدارات، بل نقرأه بوصفه مؤشرًّا يؤكد على ضرورة نمو الوعي الثقافي المؤسسي،
وتطور العلاقة بين الكاتب، والمؤسسة، والمجتمع. ولابد من الإشارة في هذه السانحة
إلى أن هذا المشروع لم يكن ممكنًا لولا الدعم الكبير الذي تم تقديمه لطباعة هذه الكتب
من قبل وزارة الإعلام؛ إذ مكّن هذا الدعم النادي الثقافي مواصلة هذا المشروع
الحضاري عبر السنوات. ويمثل هذا البرنامج واحدًا من الأوجه التي يتعهد فيها النادي
الثقافي بصفته إحدى المؤسسات الثقافية الرائدة في سلطنة عُمان بدعم المبدعين
ورعايتهم وتذليل الصعوبات التي تقف في سبيل إبراز إبداعاتهم. فتطور هذا البرنامج
ليس فقط في الكمّ – وإن كان لافتًا – بل هو تطوّر في معايير اختيار الكتب التي تم
اصطفاؤها للنشر، وفي شكل الطباعة والإخراج، وفي البحث عن أمثل السبل لإيصال تلك
الكتب إلى مختلف الجغرافيات المحلية والإقليمية الدولية.

وأضاف:
نحن اليوم أمام مشروع لم يَعُد فقط معنيًّا بدعم الكتب، بل أصبح ينظر إلى النشر
كـمسؤولية أخلاقية تجاه الثقافة الوطنية؛ مسؤولية في التحكيم، في اختيار ما يستحق،
وفي تقديم ما هو نادر وأصيل وجديد، وفي الحفاظ على الهوية البصرية والرمزية
للإصدارات. وهناك تركيز كبير على جودة الكتب من حيث الموضوعات التي تتناولها، وما
تضيفه من إبداع ومعرفة للإنسانية جمعاء وما تضيفه للمنجز الثقافي العُماني بشكل
خاص. وعلى صعيد جودة الطباعة فقد أصبحت الكتب تحمل هُوية موحدة من حيث التصميم
والإخراج ونوعية الورق المستخدم، وأصبح بالإمكان فعلا تمييز الكتب التي ينشرها
النادي الثقافي عن غيرها من الكتب. وفيما يتعلق بتحكيم الكتب فقد ارتأى مجلس إدارة
النادي تشكيل لجنة من عدد من المثقفين العُمانيين البارزين لفرز الكتب المقدمة
للنشر وتحكيمها واختيار المناسب منها للنشر.

وتطرق
البلوشي في سياق حديثه إلى الأسس والثوابت التي يتبعها النادي الثقافي في طباعة
الإصدارات الثقافية في سلطنة عُمان وقال: منذ انطلاق “البرنامج الوطني لدعم
الكتاب”، وضع النادي لنفسه مجموعة من الأسس والثوابت التي تمثل بوصلة أخلاقية
وفكرية وفنية في التعامل مع كل عمل تتم طباعته ونشره. وتأتي الجودة الإبداعية والمعرفية في مقدمة هذه
الثوابت؛ فالنادي ينحاز للأعمال البحثية الأصيلة، وللنصوص الأدبية والثقافية التي
تجدّد الأسئلة، وتضيف للمكتبة العُمانية ما لم يكن موجودًا من قبل. لهذا السبب
شُكّلت لجنة متخصصة تضم نخبة من المثقفين العُمانيين المتحققين، ممن يمتلكون قدرة
على التقييم الموضوعي والرؤية النقدية المتوازنة، بالإضافة إلى الاستعانة بمحكّمين
خارجيين حين تستدعي الحاجة.

وبيّن
أنّ النادي يولي الجوانب المرتبطة بالسياق العُماني أولوية عند اختيار الكتب
للنشر؛ فالنادي ينشد النص الذي ينبع من التربة العُمانية، مع الإيمان العميق
بضرورة الانفتاح على التجارب الإبداعية القادمة من سياقات ثقافية وجغرافية أخرى.
ويعد كلّ من التنوع والانفتاح من بين أهم الجوانب التي يوليها النادي الثقافي
اهتمامًا من خلال برنامجه الوطني لدعم الكتاب؛ فهذا البرنامج ليس محصورًا بجنس
أدبي، أو جيل، أو منطقة، بل يسعى إلى أن يكون منصة جامعة قادرة على التفاعل
بإيجابية مع التعددية والاختلاف.

وتشمل
إصدارات النادي الثقافي لعام 2025، دراسات تعيد قراءة الشعر والنثر العُماني في
سياقات زمنية وفنية متعددة، وهي: “الأجناس النثرية العُمانية في عصر دولة
اليعاربة” للباحث يونس القنوبي، و”تطور الإيقاع والصورة في النص الشعري
العُماني الحديث” للدكتور محمود حمد، و”الشعر العُماني في العصر
البوسعيدي” للدكتور محمد بن سعيد الحجري، إضافة إلى “الدهر في شعر أبي
مسلم البهلاني” لعلي سالم المسعودي. كما تشمل الإصدارات العديد من الدواوين
الشعرية وهي: “رواقي حذر” لعبد الله البلوشي، و”يا قلب
الغريب” لحمود الحجري، و”للمدينة وحدها كل العتاب” لعبد العزيز
السعدي، و”آية أنتِ في أحلام الطائر” لسالم الهاشمي، و”نجمة
الصباح” لعلي سعيد العامري، و”سديم أزرق فوق جبل شمس” للشاعر هاشم
الشامسي.

وصدر
عن النادي كتاب “ندوب خلدون” للكاتبة زكية الشبيبية، وهو كتاب قصصي
موجّه للأطفال، تم إنتاجه بالتعاون مع دار الثعلب الأحمر، وهي دار نشر عُمانية
متخصصة في أدب الطفل. ويأتي هذا التعاون انطلاقًا من حرص النادي الثقافي على أن
تخرج كتب الأطفال في صورة فنية وإخراجية ملائمة للفئة العمرية المستهدفة، تعزّز
قدرتها على التلقّي، وتفتح أمام الطفل العُماني نوافذ قرائية جذابة وغنية بالمحتوى
والقيم.

وفي
سياق اهتمام النادي بالتاريخ والهوية، صدر كتاب “الوجود البرتغالي في بحر
العرب وانعكاساته على إقليم ظفار العُماني” لسالم الكثيري، الذي يتناول مرحلة
تاريخيّة مهمّة من التفاعل الإقليمي والدولي في السواحل العُمانية.

وتحضر
في قائمة الإصدارات عناوين جاءت نتاجًا مباشرًا لفعاليات ثقافيّة نظمها النادي،
أبرزها كتاب “نزهة القناص”، الذي يوثّق المعرض الفني الذي أقامه النادي
احتفاءً بفوز الروائي زهران القاسمي بجائزة البوكر للرواية العربية عن روايته
“تغريبة القافر”. وقد تولّى تصويره وإعداده وتصميمه الكاتب والمصور
البحريني حسين المحروس، جامعًا بين عدسة فن التقاط الأمكنة وسرديتها في روايات
القاسمي ونصوصه.

أما
كتاب “ندوة المأثورات الشعبية الشعرية في ظفار”، فهو ثمرة ندوة علمية
أقيمت في مدينة صلالة، بمشاركة نخبة من الباحثين والكُتّاب من داخل سلطنة عُمان
وخارجها.

وتأتي
هذه الندوة في إطار اهتمام النادي الثقافي بتوثيق وتصنيف ودراسة المأثورات
الشعبية، بوصفها إرثًا ثقافيًّا وأدبيًّا وفكريًّا عميق الجذور، يحمل في طيّاته
معارف وخبرات ومعلومات متوارثة، تشكل وثيقة اجتماعيّة وتاريخيّة تحفظ الهُوية
العُمانية وتُبرز تنوع بيئاتها الثقافية.

جديرٌ
بالذكر أن إصدارات النادي الثقافي لهذا العام ستكون حاضرة في معرض مسقط الدولي
للكتاب في دورته التاسعة والعشرين.

/العُمانية
/ النشرة الثقافية/

خميس
الصلتي