خبيرةٌ اقتصاديّةٌ تتوقّع نموّ اقتصادات الشرق الأوسط دون التأثير المباشر للرسوم الأمريكية

خبيرةٌ اقتصاديّةٌ تتوقّع نموّ اقتصادات الشرق الأوسط دون التأثير المباشر للرسوم الأمريكية

مسقط في 3 مايو
/العُمانية/ يرى عدد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين عند تقييم التأثير المباشر
للرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على التجارة في اقتصادات منطقة الشرق الأوسط
بأن تكون محدودة؛ فالمنطقة تحوّلت خلال السنوات الماضية شرقًا وأصبحت شريكًا
تجاريًّا أكبر للصين وآسيا مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية.

وقالت كارلا
سليم، خبيرة اقتصادات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وباكستان في بنك “ستاندرد
تشارترد”: إنها لا تتوقع حدوث ركود اقتصاد عالمي خلال الفترة القادمة وإنما
تباطؤ في النمو الاقتصادي لاسيما بالولايات المتحدة الأمريكية والصين، فيما ستحافظ
بعض اقتصادات الشرق الأوسط على نموّها دون تغيير.

ووضحت أن البنك
أجرى دراسة غطت الدول الخليجية وعددًا من الدول العربية (الأردن والعراق ولبنان
ومصر) ووجدت أن إجمالي صادرات هذه الدول لأمريكا يبلغ 55 مليار دولار أمريكي
ويتركز نصفها في مجال الطاقة كالنفط والغاز والمعادن الحيوية والتي هي مستثناة من
الرسوم الجمركية الجديدة، والنصف الآخر صادرات غير نفطية بإجمالي يبلغ نحو 25
مليار دولار أمريكي وستخضع للرسوم بنسبة 10 بالمائة، وبالتالي سيكون تأثير الرسوم
ضئيلًا.

وأكدت في حديثها
لوكالة الأنباء العُمانية على أن الدراسة التي أجراها البنك لم تغير توقعات النمو
لمنطقة الشرق الأوسط، بل على العكس، فالممرات التجارية للمنطقة مع آسيا تنمو بنسبة
تتراوح بين 10 إلى 15 بالمائة سنويًّا، وقد تضيف هذه الرسوم الجديدة زخمًا
إضافيًّا لهذا النمو.

وفيما يتعلق
بمعدلات التضخم في المنطقة، أكدت على أن الدراسة حافظت على التوقعات السابقة دون
تعديل مشيرة إلى أن قطاع الألمنيوم والحديد، يواجه رسومًا أعلى من 10 بالمائة وقد
يتأثر سلبًا بهذه الرسوم، كما أن هناك تأثيرًا غير مباشر إذا أعادت الصين توجيه
صادراتها من الحديد والصلب والألمنيوم (المخصصة لأمريكا) إلى دول مجلس التعاون
لدول الخليج العربية بأسعار مخفضة؛ ما يشكل تحديًا للمصنعين المحليين المتضررين من
الرسوم الأمريكية.

وحول تأثير
الرسوم على أسواق الأسهم وأسعار النفط في المنطقة، وضحت أن الأسعار تعكس عدم
اليقين بشأن تطورات هذه الرسوم الجمركية بين أمريكا والصين، متوقعة عودة أسعار
النفط إلى 70 دولارًا أمريكيًّا للبرميل في النصف الثاني من العام الجاري، لتصل
إلى 80 دولارًا أمريكيًّا للبرميل بحلول عام 2026؛ نتيجة ارتفاع الطلب العالمي
واستمرار تحكم منظمة “أوبك” في المعروض، بالإضافة إلى تقليص الإمدادات
من المنتجين الرئيسين جراء العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران وروسيا، ما
سيدفع اقتصادات آسيا كالصين والهند للاعتماد النفط من المنطقة.

أما أسواق
الأسهم والسندات، أشارت كارلا سليم إلى أن هذه “الأسواق تشهد تقلبات حادة
نتيجة انهيار العلاقات التاريخية بين المؤشرات؛ ما يتطلب إعادة ضبط النماذج
التحليلية، ونعتقد بأن الأسواق ستستعيد توازنها مع ظهور بوادر حلول بنهاية الربع
الثالث من هذا العام”.

وبينت الخبيرة
الاقتصادية أن الولايات المتحدة الأمريكية تحدّد معدل التعريفة الجمركية على كل
اقتصاد بناءً على الميزان التجاري بينها وبين ذلك الاقتصاد، إلا أن الشرق الأوسط
في وضع فريد لأن الولايات المتحدة لديها فائض تجاري مع العديد من اقتصادات
المنطقة، بما في ذلك سلطنة عُمان ودول مجلس التعاون الأخرى.

وأكدت على أن
قرار فرض هذه الرسوم لا يرتبط بالتحالفات السياسية أو الدبلوماسية أو اتفاقيات
التجارة الحرة التي لم تحمِ تلك الاقتصادات من التعريفات المرتفعة، لكن التوقف
المؤقت لمدة 90 يومًا جعل الجميع يلتزمون بمعدل الرسوم التعريفة البالغ 10
بالمائة.

وحول زيادة
التبادل التجاري مع آسيا، قالت الخبيرة الاقتصادية إن الدول الآسيوية تسعى لتصدير
مزيد من بضائعها إلى المنطقة بدلًا من الولايات المتحدة، ما ستعود هذه الأنشطة
التجارية بالفائدة لاسيما في سلطنة عُمان عبر ميناء الدقم الذي يعمل على تعزيز
وتنمية ممراته التجارية مع آسيا، وعلى اقتصادات الشرق الأوسط الأخرى عبر موانئها
أيضًا.

وتوقعت أن تتجه
اقتصادات المنطقة نحو التوقيع على اتفاقيات التجارة الحرة مع أطراف أخرى في أوروبا
وآسيا، وأن يتكيف السوق مع هذه الأزمة ويعتبرها فرصة لإعادة توجيه التجارة نحو
مناطق أخرى لا تزال أسواقًا ديناميكية سريعة النمو يمكنها الاستفادة من هذا
التحول.

وأعربت عن
تفاؤلها بالنظرة الإيجابية إلى مستقبل الاقتصاد العُماني، نظرًا للإصلاحات
الهيكلية والتشريعات وتسهيل ممارسة الأعمال التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة
الماضية والتي خفضت سعر التعادل المالي للنفط من مستوى 80 دولارًا أمريكيًّا إلى
65 دولارًا أمريكيًّا للبرميل.

وبسعر نفط برنت
عند 65 دولارًا أمريكيًّا للبرميل، توقعت الخبيرة أن يحافظ كلٌّ من اقتصادات سلطنة
عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر على موازناتها المالية لتحقق
فائضًا ماليًّا طفيفًا.

وأكدت على أن
هناك جهودًا كبيرة بذلت لدمج سلطنة عُمان في سلاسل التوريد العالمية، رابطةً بين
آسيا شرقًا وأفريقيا والغرب، وهو أمر في غاية الأهمية، كما أن التكامل الإقليمي
بين دول مجلس التعاون والدول العربية سيكون أساسيًّا لمشروعات مشتركة مثل
“قطار الاتحاد” أو غيرها من المشروعات التي تعزّز الربط اللوجستي والنقل
داخل المنطقة.

وقالت إن هذه
العوامل ستشكل فرصةً محوريةً لتعزيز مسيرة سلطنة عُمان أما على صعيد الإصلاحات
الهيكلية والتشريعات وتسهيل ممارسة الأعمال فقد حققت مزيدًا من الانفتاح الاقتصادي،
وتسهيل بيئة الأعمال، وتسريع الإجراءات لتعزيز التنافسية، وهو ما يمكن تحقيقه.

وأشارت إلى أنه
بعد إعلان الرئيس الأمريكي عن حزمة الرسوم الجمركية الجديدة في أبريل الماضي، خفض
بنك “ستاندرد تشارترد” توقعاته بشأن النمو الاقتصادي العالمي من نسبة 3
بالمائة التي توقعها في بداية العام الجاري إلى نسبة 2.5 بالمائة بناء على التأثير
المحتمل من فرض هذه الرسوم، أما في الشرق وخاصة الصين وآسيا، فتوقع انخفاضًا في
معدل التضخم جراء خفض أسعار هذه الاقتصادات وإعادة توجيه تجارتها لزيادة الصادرات
نحو الأسواق الناشئة.

/العُمانية/

محمد السيفي/
مسلم المهري

انتهت النشرة
الاقتصادية