نهاية قريبة لانتعاش النفط الصخري في الولايات المتحدة

نهاية قريبة لانتعاش النفط الصخري في الولايات المتحدة

واشنطن في 27 مايو /العُمانية/ تواجه الطفرة غير المسبوقة في إنتاج النفط الصخري التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية على مدار العقد الماضي ضغوطًا ناجمة عن تراجع أسعار الخام والارتفاع في التكاليف نتيجة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي على دول العالم.

ودفعت هذه الأسباب بالمديرين التنفيذيين إلى التحذير من أن الطفرة على وشك الانتهاء، فيما عززت قرارات “أوبك+” بضخّ المزيد من النفط المخاوف من حرب أسعار جديدة، ودفع المحللين إلى خفض توقعاتهم للإنتاج.

وقال كلاي غاسبار، الرئيس التنفيذي لشركة «ديفون إنرجي» في أوكلاهوما سيتي، للمستثمرين هذا الشهر: «نحن في حالة تأهّب قصوى في الوقت الحالي. كل الخيارات مطروحة بينما ندخل في بيئة أكثر اضطراباً».

وتوقعت “ستاندرد آند بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس»، أن ينخفض إنتاج النفط في الولايات المتحدة بنسبة 1.1% العام القادم ليصل إلى 13.3 مليون برميل يوميًّا، مع إيقاف منتجي النفط الصخري –الذين جعلوا من الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم– منصاتهم نتيجة الأسعار المتدنية الناجمة عن مخاوف فائض المعروض وحرب الرسوم الجمركية.

ويعد هذا التراجع أول انخفاض سنوي منذ عقد، باستثناء عام 2020 حين أدى انهيار الطلب بسبب الجائحة إلى هبوط أسعار النفط إلى ما دون الصفر، ما تسبب في موجة إفلاسات واسعة في ولايات مثل تكساس وداكوتا الشمالية.

وكانت أسعار النفط الأمريكي قد اختتمت الأسبوع على تراجع يوم الجمعة، مسجلة 61.53 دولارًا للبرميل، بانخفاض يقارب 23 بالمائة عن أعلى مستوياتها هذا العام، ويحتاج منتجو النفط الصخري إلى سعر يبلغ 65 دولارًا للبرميل لتحقيق نقطة التعادل بحسب المسح الفصلي للبنك الفدرالي في دالاس.

وسيعمل تراجع إنتاج النفط على إنهاء الفترة الذهبية في قطاع الطاقة الأمريكي، حيث أسهمت «ثورة النفط الصخري» في تدفق كميات متزايدة من النفط والغاز الرخيصين لدعم الاقتصاد، وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي وسوق العمل، إضافة إلى زيادة في الصادرات ساهمت في تحسين الميزان التجاري للولايات المتحدة.

وتسبب الارتفاع الكبير بإنتاج النفط الصخري في تقليص اعتماد أمريكا على الموردين الأجانب مثل أعضاء منظمة «أوبك» كما أتاح للبيت الأبيض حرية فرض العقوبات على مصدّرين كبار مثل إيران وروسيا وفنزويلا.

وبينما تعهّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالمزيد من عمليات الحفر والإنتاج سعيًا لتحقيق «هيمنة طاقوية» للولايات المتحدة، فإن الإنتاج –الذي بلغ مستويات قياسية في عهد سلفه جو بايدن– قد يواصل الهبوط إذا استمر تراجع الأسعار.

وقال سكوت شيفيلد، الرئيس التنفيذي السابق لشركة «بايونير ناتشورال ريسورسز» المتخصصة في النفط الصخري، لصحيفة «فايننشال تايمز» إنه إذا هبط سعر الخام إلى 50 دولارًا للبرميل، فإن الإنتاج الأمريكي قد ينخفض بما يصل إلى 300 ألف برميل يوميًّا –أي أكثر من إجمالي إنتاج بعض أعضاء «أوبك» الصغار.

ورأى شيفيلد بأن قرار السعودية بضخ مزيد من النفط في الأشهر الأخيرة يمثّل تهديدًا مباشرًا لحصة المنتجين الأمريكيين في السوق العالمية، قائلاً: «السعودية تحاول استعادة حصتها السوقية، ومن المرجّح أن تنجح في ذلك خلال السنوات الخمس المقبلة».

يشار إلى أن عدد منصات الحفر النشطة في البرّ الأمريكي بلغ 553 منصة الأسبوع الماضي، بانخفاض 10 منصات عن الأسبوع السابق، وبتراجع 26 منصة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي ،وذلك بحسب شركة «بيكر هيوز» لخدمات حقول النفط.

وبدأ بعض كبار منتجي النفط في تقليص الوظائف بالفعل وسط ضغوط الأسعار. فقد أعلنت شركتا «شيفرون» و«بي بي» عن إلغاء نحو 15 ألف وظيفة على مستوى العالم، رغم أن التوظيف في القطاع داخل الولايات المتحدة لا يزال مستقرًا نسبيًّا هذا العام، بحسب مكتب إحصاءات العمل الأمريكي.

وأظهرت شركة «إنفيرس» للأبحاث في مجال الطاقة، خفّض أكبر 20 منتجًا للنفط الصخري في الولايات المتحدة –باستثناء «إكسون موبيل» و«شيفرون»– ميزانيات الإنفاق الرأسمالي لعام 2025 بمقدار 1.8 مليار دولار تقريبًا، أي ما يعادل 3%.

وقالت فيكي هولوب، الرئيسة التنفيذية لشركة «أوكسيدنتال بتروليوم» التي خفّضت عدد منصاتها بمقدار اثنتين في الربع الأول من العام: «بوصفنا مشغّلين، لا يمكننا التحكّم في العوامل الكلية، لكن يمكننا التحكّم في كيفية استجابتنا لها».

ومن المتوقع أن تلجأ العديد من الشركات إلى مزيد من التقليصات إذا ما هبط سعر الخام إلى 50 دولارًا للبرميل، وهو المستوى الذي يراه مسؤولو إدارة ترامب بأنه سيساهم في كبح التضخم.

وقال ترافيس ستايس، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «دايموندباك إنرجي» التي حذّرت المستثمرين مؤخرًا من أن إنتاج النفط الأمريكي ربما بلغ ذروته: «في مثل هذا الوضع، نُوقف الحفر ونُعيد شراء الأسهم… كل محادثة أخوضها تؤكد أن هذا السعر لا يمكن تحمّله».لكن سياسات الرئيس الأخرى تلقي بظلالها على القطاع أيضًا.

فقد أدّت الرسوم الجمركية إلى رفع أسعار الفولاذ والألمنيوم –وهما عنصران أساسيان في عمليات النفط. وارتفع سعر أنابيب التغليف المعدنية المستخدمة في تبطين الآبار– وهي أكبر تكلفة في عمليات الحفر –بنسبة 10% خلال الربع الماضي وحده.

/العُمانية/

أسماء