قلعة نخل: تراثٌ عماني يعكس الفنون والتقاليد والابتكار

قلعة نخل: تراثٌ عماني يعكس الفنون والتقاليد والابتكار

نحل في ٢٤ مايو /العُمانية/ تُعدُّ قلعةُ نخل
التاريخية من المعالم السياحية البارزة على خارطة جنوب الباطنة، وقد حظيت خلال
السنوات القليلة الماضية باهتمام من قبل الأهالي والسواح أعاد إليها الحياة
والحركة الثقافية والسياحية، فقد شكّلت تجربة تشغيل وإدارة قلعة نخل قصة نجاح
للمجتمع المحلي إذ أسهمت في تمكين الشباب وإشراك المرأة ودعم الحرف المحلية وتنشيط
الحركة السياحية بالولاية.

وبدأ تشغيل القلعة منذ منتصف 2023 عندما وقّعت
وزارةُ التراث والسياحة اتفاقية إدارة القلعة مع شركة نخل الأهلية للاستثمار لمدة
25 عامًا، فبتلك الشراكة مُنحَت الشركة حقَّ تحويل القلعة إلى وجهة سياحية
وترفيهية تتلاءم مع تضاريسها وهويتها العُمانية. وقد حرص المشغلون منذ ذلك الحين
على إطلاق برامج وأنشطة متنوعة تهدف إلى جعل القلعة مزارًا سياحيًّا حيويًّا على
مدار العام.

وحققت برامج
القلعة نتائج ملموسة في تنشيط السياحة الثقافية وتعزيز الهوية العُمانية حيث أسهمت
الفعاليات في استقطاب أعداد متزايدة من الزوار، لا سيما عشاق التاريخ والتراث من
داخل البلاد وخارجها، ووفرت للزائر تجربة متكاملة بين زيارة مبنى أثري وتجربة
ترفيهية وتثقيفية.

ويتحدث سعود بن
خلفان الكندي نائب الرئيس التنفيذي بـ”نخل الأهلية للاستثمار” لوكالة
الأنباء العُمانية بأن المشروع حقق نتائج ملموسة انعكس على زيادة عدد الزوار للقلعة
حيث بلغ عددهم خلال الربع الأول من العام الحالي ١١٢٧٤ زائرًا من داخل وخارج سلطنة
عُمان حتى نهاية شهر مارس الماضي. من بينهم ١٧٣١ من العمانيين و ٩٥٤٣ من جنسيات
أخرى. إضافة الى ٥٩٨٦ من الأطفال دون السابعة من العمر، وكذلك طلبة وطالبات
المدارس من الذين يدخلون للفعاليات مجانًا.

كما بلغ عدد
الفعاليات المنفذة ١٠ فعاليات متنوعة غطت كافة البرامج المجتمعية حتى نهاية شهر
مارس الماضي استفاد منها أكثر من ٣٨ أسرة منتجة و١٤ مؤسسة صغيرة من أهالي الولاية.

وأوضح الكندي
أنه وبعد توقيع تلك الاتفاقية سرعان ما تحوّلت ساحةُ قلعة نخل إلى فضاء للمهرجانات
والاحتفالات الشعبية والثقافية، فبعد انتهاء أعمال الترميم استقبلت القلعة «ملتقى
قلعة نخل الأول». وشمل الملتقى سوقًا تقليديًّا بمشاركة الأسر المنتجة وجمعية المرأة
العُمانية والحرفيين، إضافةً إلى ركنٍ للألعاب الترفيهية، وعروضٍ مسرحية للأطفال،
وبرامج شعرية ومسابقات ترفيهية، وركوب الخيل والجمال، إلى جانب إدخال تقنيات
مبتكرة داخل أروقة القلعة مثل التلسكوب والواقع الافتراضي وألعاب الليزر وأداء
الفنون التقليدية.

وأكد بأنه لم
يقتصر نشاط القلعة على الفنون الشعبية فقط، بل شمل برامج تعليمية تفاعلية للشباب
والأطفال. فقد شهدت القلعة تنظيمَ «ملتقى المواهب» ضمّ الملتقى معرضًا خاصًا للفنان التشكيلي حمد بن سيف السليمي، إضافةً إلى حلقة للتلوين وأخرى للنقش
والزخرفة تُشرك الطلبة ومحبي الفن، وركنًا لفرق «نخل آرت» للفنون التشكيلية يتضمن
لوحاتٍ ومشغولات فنية ورسم الوجوه. كما أُقيمت دورة تدريبية لفن الكاراتيه قدمها
مدربان محليّان، وأمسيات مسرحية للأطفال تخللتها مسابقات ترفيهية على خشبة مسرح
القلعة.

كما قامت “نخل الأهلية” بتعزيز جهود
القلعة عبر شراكات مع مؤسسات تعليمية وتراثية، فقد وقّعت في أبريل من العام الجاري
اتفاقية تعاون مشترك مع مركز ذاكرة عُمان لإطلاق معرض دائم في القلعة يسلط الضوء
على سير نخبة من أعلام ولاية نخل. يعرف الزوار على أكثر من ١٠٠ شخصية بارزة من
ولاة وقضاة وعلماء ونساخ للكتب من الذين تركوا بصماتهم في الولاية عبر القرون
الماضية في خدمة التراث الوطني. ويُعرّف المعرض بآثارهم من مخطوطات ووثائق
ومقتنيات ثمينة، مستخدمًا شاشات تفاعلية وتقنيات عرض حديثة تقرّب هذا التاريخ من
الزائرين صغارًا وكبارًا.

كما تعاونت
القلعة مع مؤسسات فنية، فاستضافت المهرجان السينمائي الدولي الخاص بالباطنة، الذي
نظمته الجمعية العُمانية للسينما، ونظمّت معارض فنون تشكيلية بالتنسيق مع فنانين
محليين وإقليميين مثل معرض (ظلال) للفنانة لارا. كل تلك الفعاليات تعكس نهجًا تعاونيًّا بين القطاع الخاص والمجتمع المدني والجهات الرسمية لإثراء برامج القلعة
وتوظيفها بالشكل المناسب.

من جانب أخر
حظيت المرأة بمشاركة فاعلة مع كافة أفراد المجتمع المحلي في مختلف برامج ومناشط
القلعة، فقد شاركت جمعية المرأة العُمانية بأركان ودعم للسوق التراثي التقليدي
ومشاركتها في مهرجانات الأفراح بالقلعة، حيث نظمت الجمعية العديد من المعارض في
القلعة استفاد منها ٢٣ مجموعة غطت ٢٣ أسرة منتجة، إضافة إلى فريق عفة التطوعي التابع
لصندوق نخل للزكاة والصدقات واستفادت من تلك المبادرة الخيرية ١٨ مشاركة.

وكان المهرجان
فرصة لإشراك الفرق الفلكلورية المحلية والفرق الموسيقية، كما تم استقطاب الأسر
المنتجة بعرض سلعها اليدوية ما أكسب الأهالي شعورًا بالمسؤولية والتمكين.

وأشار الكندي
إلى أن مشروع قلعة نخل يعد نموذجًا قابلًا للتطوير، إذ تعتزم الشركة توسيع الأنشطة
عبر طرح مبادرات ثقافية جديدة فبالإضافة إلى المتاحف والمعارض المتناوبة، يتم
تخطيط تنظيم حلقات عمل فنية وندوات وملتقيات دورية تشمل مختلف الفئات العمرية،
ويتوقع أن تستفيد من التجربة قلاع تراثية أخرى عبر تبادل الخبرات، مع الإبقاء على
خصوصية كل موقع.

كما تشمل الرؤية
المستقبلية تعزيز عنصر التفاعل عن طريق تطبيقات الواقع المعزز والألعاب التعليمية
وتقنيات الذكاء الاصطناعي وربط البرامج التربوية بزيارات المدارس والجامعات
المحلية، كل ذلك لتحقيق توازن دائم بين الحفاظ على المعلم التاريخي وجذب الجمهور،
بإدخال التقنيات الحديثة وتطبيق أساليب إدارة متطورة دون المساس بالهوية العُمانية
للقلعة.

جدير بالذكر أن
إدارة القلعة تحرص على استثمار مختلف أنواع الكفاءات حيث يتم إشراك الطلاب
والمعلمين في أعمال الإرشاد للقيام بدور المرشدين السياحيين، فضلًا عن مشاركة عدد
من الشباب في مراحل التنظيم والإشراف. كل ذلك عززَ الدور الاجتماعي للقلعة،
فاستفاد المجتمع من فرص تشاركية تسويقية وحرفية مباشرة.

/العُمانية/

سيف الكندي /
شيخة الفليتية