قضايا وأفكار في الإعلام العالمي

قضايا وأفكار في الإعلام العالمي

عواصم في 29 مايو /العُمانية/ رصدت وكالة الأنباء العُمانية عينة من الآراء حول قضايا متنوعة تناولتها
الصحف العالمية عبر مقالات نُشرت في صفحاتها، وتطرقت إلى الصحة العامة العالمية
وضرورة وجود ميثاق عالمي للبيئة إضافةً إلى حق فلسطين في الوجود.

فقد نشرت منصة “بروجيكت سينديكت” الإعلامية مقالًا بعنوان: (مفتاح
الصحة العامة العالمية) بقلم الكاتبة “نادية كالفينيو”.

وقالت الكاتبة في مستهل مقالها إنه إذا لم ينجح قادة اليوم في ضمان حصول
جميع البلدان على الموارد اللازمة لتحديد كيفية تفشي الأمراض الجديدة والاستجابة
السريعة، فسنكون جميعًا في خطر.

وأضافت أن جائحة كوفيد-19 أظهرت بالفعل ما يجب القيام به من حيث التأكيد
على تأسيس شراكات عابرة للحدود والقطاعات.

وأوضحت الكاتبة أن أزمة كوفيد-19 علمت العالم دروسًا جوهرية حول أهمية
التعاون العالمي لمكافحة الأمراض، لكن هذا التعاون يتعرض لضغوط، منها الشكوك حول
استدامة التمويل المستقبلي للصحة والعلوم، مؤكدة أن مفتاح النجاح يكمن في بناء
شراكات جديدة قوية ومبتكرة بين المنظمات متعددة الجنسيات ومؤسسات القطاعين العام
والخاص والمجتمع المدني.

وأفادت بأن هذه الشراكات قد حققت نجاحًا في الاستجابة الشاملة لجائحة
كوفيد-19، وتغلبت على احتكار الإمدادات المحدودة خلال السنوات الخمس الماضية.

وأضافت أنه، من بين أمثلة هذا النجاح قيام التحالف العالمي للقاحات
والتحصين “جافي” بتأسيس شراكة مع مجموعة بنك الاستثمار الأوروبي.

وقالت إن هذا التحالف (وهو الذراع التمويلي للاتحاد الأوروبي) تمكن من جمع
600 مليون يورو (720 مليون دولار) كجزء من تمويل الجهات المانحة لمبادرة
“كوفاكس”.

وأضافت أنه، لولا هذا التمويل، لما تمكنت “كوفاكس” من تحقيق
السرعة اللازمة في توفير ما يقرب من ملياري جرعة لقاح استفادت منها أكثر من 100
دولة، معظمها دول فقيرة.

وبينت الكاتبة أنه، إدراكًا لضرورة الاستعداد بشكل أفضل للجائحة القادمة،
فإن بنك الاستثمار الأوروبي قام بتقديم مليار يورو للتحالف العالمي للقاحات
والتحصين بغرض تسريع الحصول على لقاحات الفيروسات التي قد تتحول إلى أوبئة (مثل
الإيبولا)، ودعم التطعيم الروتيني ضد الأمراض التي يمكن الوقاية منها مثل الحصبة
والملاريا وفيروس الورم الحليمي البشري (HPV)،
وهو مسبب رئيسي لسرطان عنق الرحم، بينما يتواصل العمل على إنتاج لقاح جديد ضد السل
قيد التطوير في المستقبل القريب.

ولفتت الكاتبة إلى أن هذا النهج المبتكر ألهم جهات أخرى وحفّزها، من بينها
على سبيل المثال، مؤسسات تمويل التنمية التابعة لـ(مجموعة جي سفن) ومؤسسة “ميد
أكسس” ومؤسسة التمويل الدولية، التي عملت معًا على إنشاء أداة تمويل طارئة
جديدة لتوفير اللقاحات والعلاجات ووسائل التشخيص وغيرها من المستلزمات الطبية التي
ستحتاجها البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل لمواجهة الأوبئة المستقبلية.

كما أشارت إلى تعزيز إنتاج اللقاحات إقليميًّا، خاصة بالنسبة لأفريقيا التي
تُمثل 20 بالمائة من سكان العالم، لكنها لا تُنتج سوى 0.1 بالمائة من إمدادات اللقاحات العالمية،
وأضافت أن بناء قاعدة تصنيع اللقاحات في القارة الأفريقية يُعد جزءًا أساسيًّا من
أي استراتيجية لتعزيز التأهب الشامل للجائحة.

وقالت الكاتبة في ختام مقالها إنه، إذا فشلنا في ضمان حصول جميع الدول على
الموارد اللازمة لتحديد أي تفشٍّ جديد والاستجابة السريعة، فسنكون جميعًا في خطر،
وأنه لا يمكننا حماية أنفسنا أو اقتصاداتنا دون تعاون عالمي، وشددت في هذا الصدد
على أهمية الاستثمار في شراكات صحية عالمية مبتكرة باعتبارها أفضل آلية دفاع ضد أي
تفشٍّ كبير قادم.

من جانبها، نشرت صحيفة “ذا نيتشر” البريطانية افتتاحية عنوانها
كان عبارة عن تساؤل مفاده: لماذا يحتاج العالم إلى ميثاق عالمي للبيئة؟

وأشارت الصحيفة في مستهل افتتاحيتها إلى التصاعد غير المسبوق للكوارث
البيئية من حرائق الغابات المدمرة إلى الفيضانات الكارثية وارتفاع درجات الحرارة
القياسية، بينما يجد المجتمع الدولي نفسه في مفترق طرق حاسم، مؤكدة على أنه قد حان
الوقت لتبني ميثاق عالمي ملزم قانونًا للبيئة يكون بمثابة إطار عمل شامل للحفاظ
على كوكبنا.

ولفتت إلى أن الوضع الراهن لم يعد مستدامًا، فاتفاقيات المناخ الحالية، رغم
أهميتها، تظل مجزأة وضعيفة التنفيذ، كما أن كلًا من بروتوكول كيوتو واتفاق باريس،
رغم كونهما خطوات مهمة، يعانيان من ثغرات كبيرة تسمح للدول بالتهرب من التزاماتها.
كما شددت الصحيفة على الحاجة إلى نهج أكثر شمولية يعالج ليس فقط تغير المناخ، بل
أيضًا تدهور التنوع البيولوجي، والتلوث البلاستيكي، واستنزاف الموارد الطبيعية.

وأوضحت أن المقترح الذي تطرحه ليس جديدًا تمامًا، ففي عام 2017، تبنت
الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا ببدء مفاوضات حول ميثاق عالمي للبيئة، إلا أن
هذه الجهود توقفت بسبب الخلافات السياسية ومصالح الدول قصيرة الأجل، واليوم، مع
تفاقم الأزمات البيئية، لم يعد لدينا رفاهية التأجيل.

وذكرت أن المبادئ التي تشمل هذا الميثاق أولًا، مبدأ المسؤولية المشتركة
ولكن المتباينة، حيث تتحمل الدول المتقدمة عبئًا أكبر نظرًا لمساهمتها التاريخية
في الأضرار البيئية، وثانيًا، مبدأ الاحتياط، الذي يوجب اتخاذ إجراءات وقائية حتى
في غياب اليقين العلمي الكامل، وثالثًا، مبدأ “الملوث يدفع”، الذي يجبر
الشركات على تحمل تكاليف الأضرار التي تسببها، ورابعًا، الحق الدستوري في بيئة
صحية، الذي يجب أن يعترف به عالميًّا.

وبينت الصحيفة أن هذا الميثاق يواجه تحديات سياسية هائلة؛ فالدول الغنية
تتهرب من التزاماتها المالية، بينما ترفض الدول النامية تقييد نموها الاقتصادي،
كما أن قطاع الصناعة، وخاصة شركات الوقود الأحفوري، يمارس ضغوطًا هائلة لعرقلة أي
تقدم، لكن تجربة بروتوكول مونتريال على سبيل المثال، الذي نجح في التخلص التدريجي
من المواد المستنفدة لطبقة الأوزون، تثبت أن التعاون العالمي ممكن عندما تكون
الإرادة السياسية موجودة، حيث يقوم الدور العلمي بدور حاسم في هذا الميثاق ويجب أن يعتمد على أحدث الأدلة
العلمية، مع آليات مراجعة دورية للتكيف مع المستجدات، كما يجب أن يضمن حماية
العلماء والنشطاء البيئيين الذين يتعرضون بشكل متزايد للتهديدات والاعتقالات في
بعض البلدان.

وطرحت الصحيفة بعضًا من الفوائد الاقتصادية المحتملة لهذا الميثاق،
فالانتقال إلى الاقتصاد الأخضر يمكن أن يوجد ملايين الوظائف الجديدة في مجالات
الطاقة المتجددة، والزراعة المستدامة، والتكنولوجيا النظيفة، كما أن تجنب الكوارث
البيئية سيوفر تريليونات الدولارات التي تنفق سنويًّا على مواجهة آثار التغير
المناخي.

وترى الصحيفة أن العام الجاري يجب أن يكون العام الحاسم لهذا الميثاق، ومع
انعقاد قمة الأرض +30 في البرازيل العام المقبل (2026)، لدينا فرصة تاريخية لإعادة
تشكيل نظام الحوكمة البيئية العالمية، حيث إن هذا الميثاق ليس خيارًا، بل ضرورة
وجودية للبشرية جمعاء.

واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالتأكيد على أهمية الوقت في هذا السياق، حيث إن كل تأخير يعني المزيد من الأرواح المفقودة، والمزيد من الأنواع المنقرضة،
والمزيد من الدمار الذي لا يمكن إصلاحه، فالتاريخ سيحكم علينا ليس بنوايانا، بل
بأفعالنا، فلنعمل معًا لضمان مستقبل يمكن لجميع أشكال الحياة على هذا الكوكب أن
تزدهر فيه.

من جانب آخر، نشرت صحيفة “ديلي صباح” التركية مقالًا بعنوان
“حق فلسطين في الوجود” بقلم الكاتبة “هلاله كابلان”.

وقالت في مستهل مقالها “في عالم يزداد انقسامًا، تبرز القضية
الفلسطينية كواحدة من أكثر القضايا الدولية إلحاحًا وإثارة للجدل، لقد عانى الشعب
الفلسطيني لعقود من الاحتلال والنزوح وانتهاك الحقوق الأساسية ولقد حان الوقت لأن
يعترف المجتمع الدولي بشكل واضح وصريح بحق فلسطين غير القابل للتصرف في الوجود
وتقرير المصير”.

وأضافت الكاتبة أن التاريخ يشهد على التمسك الفلسطيني الثابت بأرضهم رغم كل
الصعاب، فمنذ النكبة عام 1948، التي شهدت تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين قسرًا
من ديارهم، وحتى يومنا هذا، يواصل هذا الشعب الصمود في وجه محاولات طمس هويته، كما
أن الوثائق التاريخية والأدلة الأثرية والشهادات الحية جميعها تؤكد الوجود
الفلسطيني المتجذر في هذه الأرض منذ قرون عديد.

ولفتت إلى أن من وجهة نظر القانون الدولي، فإن الموقف واضح لا لبس فيه،
فقرارات الأمم المتحدة المتتالية، بما في ذلك القرار 181 الخاص بتقسيم فلسطين والقرار
242 الداعي إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، تؤكد جميعها على حقوق الشعب
الفلسطيني المشروعة، كما أن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية عام 2004 بشأن
الجدار العازل أكد مجددًا على وضع الأراضي الفلسطينية كأراضٍ محتلة بموجب القانون
الدولي.

ومع ذلك، تواصل إسرائيل انتهاكاتها المنهجية لهذه القرارات الدولية من خلال
التوسع المستمر في بناء المستوطنات، وهدم المنازل، ومصادرة الأراضي.

كما تشير أحدث البيانات إلى أن عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة
الغربية المحتلة قد تجاوز 700 ألف مستوطن، وهو ما يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون
الدولي الذي يحظر نقل السكان المدنيين إلى الأراضي المحتلة.

ونوهت الكاتبة إلى أن الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تتحمل
مسؤولية كبيرة في استمرار هذا الوضع غير القانوني؛ فالدعم السياسي والعسكري
والمالي غير المشروط الذي تقدمه هذه الدول لإسرائيل لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد
الصراع، ومن المفارقات الصارخة أن هذه الدول نفسها التي تدعي الدفاع عن قيم
الديمقراطية وحقوق الإنسان تتغاضى بشكل منهجي عن معاناة الشعب الفلسطيني التي
استمرت لعقود طويلة.

وترى بأن الحل الوحيد العادل والدائم لهذا الصراع يكمن في إقامة دولة
فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود عام 1967، مع القدس الشرقية عاصمة لها، وإيجاد
حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم
194، وكل ما تم ذكره ليس مجرد مطالب فلسطينية، بل هي شروط أساسية لتحقيق سلام
حقيقي ودائم في المنطقة.

وفي ختام مقالها، أكدت الكاتبة على حقيقة مفادها أن حق الوجود هو الأساس
الذي تنبني عليه جميع الحقوق الأخرى، فلا يمكن للعالم أن يتحدث بصدق عن التقدم أو
العدالة أو حقوق الإنسان بينما يُحرم شعب بأكمله من أبسط حقوقه الإنسانية، ولقد
حان الوقت لأن يقف الضمير العالمي موحدًا في الدفاع عن الحق الفلسطيني في الحرية
والعدالة، ليس فقط كقضية سياسية، ولكن كمسألة إنسانية وأخلاقية تمس جوهر إنسانيتنا
المشتركة.

/العُمانية/

خالد البوسعيدي/عبدالرحيم بشارة