مواضيع وآراء في الإعلام العالمي

مواضيع وآراء في الإعلام العالمي

عواصم في 2
يونيو /العُمانية/رصدت وكالة الأنباء العُمانية عيّنةً من الآراء حول قضايا
متنوّعة تناولتها الصحف العالمية عبر مقالات نُشرت في صفحاتها، وتطرّقت إلى دور
الحمض النووي الريبوزي المرسال في علاج الأمراض المعدية، ووضع الأمم المتحدة في
العصر التكنولوجي إضافةً إلى آفاق الذكاء الاصطناعي المستقل والمستقبلي.

فقد طرحت
الكاتبة “كاساندرا ويليارد” تساؤلًا في مقالها الذي نشرته صحيفة
“ذا نيتشر” البريطانية مفاده: هل يمكن أن تُحدث لقاحات “الحمض
النووي الريبوزي المرسال” ثورة في علاج الأمراض المعدية؟

وقالت الكاتبة
في مستهل مقالها: “تشهد لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA)، وهو عبارة عن جزيء ينقل
الشفرة الجينية من الحمض النووي إلى الخلية لتنتج بروتينات، تشهد تطوراً سريعاً،
مما يفتح آفاقاً جديدة لمكافحة الأمراض المعدية”.

وأضافت أن هذه
التكنولوجيا قد أثبتت فعاليتها خلال جائحة كوفيد-19، حيث أسهمت لقاحات مثل تلك
التي طورتها “فايزر-بيونتك” و”موديرنا” في إنقاذ ملايين
الأرواح، إلا أن الباحثين يتطلعون إلى تطبيق هذه التقنية على أمراض أخرى، مثل
الإنفلونزا والملاريا والسل، بل وحتى فيروس نقص المناعة البشرية.

ويقول العلماء
إن لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال”mRNA” تتميز بمرونة عالية، إذ يمكن تعديلها
بسرعة لاستهداف مسببات أمراض جديدة. كما أنها لا تحتاج إلى فيروسات حية أو مضعفة،
مما يقلل من المخاطر المرتبطة باللقاحات التقليدية.

وعلى الرغم مما
سبق ذكره، فإن التحديات لا تزال قائمة، بما في ذلك صعوبة الحفاظ على استقرار هذه
الجزيئات في درجات الحرارة العالية، وهو ما يتطلب بنية أساسية لسلسلة التبريد.

وفي هذا الصدد،
أشارت الكاتبة في مقالها إلى سعي فرق بحثية عديدة إلى تحسين تصميم هذه اللقاحات
لجعلها أكثر مقاومة للحرارة، مما سيسهل توزيعها في المناطق النائية. كما يجري
اختبار تقنيات جديدة لتوصيل لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال”mRNA” إلى الخلايا بشكل أكثر كفاءة، مما قد
يقلل من الجرعات المطلوبة ويخفض التكاليف.

ونوهت
إلى أن التوسع في استخدام هذه اللقاحات يواجه عقبات أخرى، مثل التكلفة المرتفعة
للمنتجات الحالية، وعدم توفر البنية الأساسية الكافية في بعض البلدان، مؤكدة على الحاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم الآثار الجانبية المحتملة على المدى
الطويل، رغم أن البيانات الحالية مطمئنة إلى حد كبير.

وعلى الرغم من
هذه التحديات آنفة الذكر، يرى الخبراء أن لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال “mRNA” تمثل نقلة نوعية في مجال الطب الوقائي،
فبالإضافة إلى الأمراض المعدية، يمكن تطبيق هذه التقنية في علاج مرض السرطان
والأمراض الوراثية، كونهاتعمل على تحفيز الجهاز المناعي لمهاجمة الخلايا السرطانية
أو تعويض الجينات المعيبة.

وقالت الكاتبة
في ختام مقالها “بينما لا تزال هناك أسئلة تحتاج إلى إجابات، فإن الإمكانات
الهائلة لهذه التكنولوجيا تجعلها واحدة من أكثر المجالات الواعدة في الطب الحديث.
ويعتمد تحقيق هذه الإمكانات على مواصلة الاستثمار في البحث والتطوير، وتعزيز
التعاون بين القطاعات العامة والخاصة”.

من جانب آخر،
نشرت صحيفة “ديلي صباح” التركية مقالاً للكاتب “إرمان أكيلي”
يتساءل فيه عما إذا كانت الأمم المتحدة 2.0 – رؤية تحديث المنظمة الأممية بمهارات
متطورة وثقافة استباقية لتعزيز أهداف التنمية المستدامة – يمكن أن تكون حافظاً
للسلام في عصر الذكاء الاصطناعي أم مجرد أداة خوارزمية تخضع لأجندات القوى العظمى.

واستفتح الكاتب
مقاله بالإشارة إلى أنه في عالم يمكن فيه للبيانات التنبؤ بفشل المحاصيل وتوقع
الاضطرابات الاجتماعية قبل وقوعها، تتغير آليات السلام والأمن بشكل جذري.

وبينما يقدم
الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة لمنع الصراعات، فإنه يثير أيضاً تساؤلات حول
شرعيته وعدالته، خاصةً عند استخدامه في سياقات جيوسياسية غير متكافئة.

وقال إن الأمم
المتحدة، التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية لضمان الاستقرار عبر الدبلوماسية
الجماعية، تواجه تحدياً وجودياً مع تسارع التطور التكنولوجي، فالقدرات المتقدمة
للذكاء الاصطناعي – من أنظمة الأسلحة الذاتية إلى المراقبة التنبؤية – تفوق قدرة
المنظمة على التكيف.

ويرى الكاتب أنه مع الجمود المتكرر في مجلس الأمن، أصبح من الصعب اعتبار الأمم المتحدة قوة فاعلة
في السلام الدولي. ومع ذلك، عليها أن تقود إعادة تصور آليات السلام في العصر
الرقمي إن أرادت الحفاظ على مصداقيتها، حسب رأي الكاتب.

ولفت إلى أن
الأمم المتحدة بدأت بالفعل في تبني مبادرات تجريبية مثل برنامج “نبض
العالمي”، الذي يستخدم البيانات الضخمة للإنذار المبكر، كما تعتمد على صور
الأقمار الصناعية المعززة بالذكاء الاصطناعي لرصد النزوح والتعدين غير القانوني.

ويمكن لمعالجة
اللغة الطبيعية رصد خطابات الكراهية والمعلومات المضللة. ونظرياً، يمكن لهذه
الأدوات تعزيز الدبلوماسية الاستباقية، لكنها تحمل مخاطر جسيمة.

ووضح الكاتب أن
الذكاء الاصطناعي يعكس تحيزات من قاموا بتصميمه، وقد تُستخدم أنظمة الشرطة
التنبؤية – المدربة على بيانات متحيزة – في بعثات الأمم المتحدة، مما يعمق عدم
المساواة.

كما أن تقنيات
التعرف على الوجوه في مخيمات اللاجئين قد تنتهك الخصوصية. ولفت إلى أن الأخطر من
ذلك هو تحول العقوبات والمراقبة الخوارزمية إلى أدوات هيمنة، حيث تفرض الدول
الكبرى قيمها عبر أنظمة ذكاء اصطناعي تفتقر إلى الشفافية.

ويعتقد الكاتب بأن من شأن هذا التصور أن يضع الأمم المتحدة أمام مفترق طرق، حيث إن غياب إطار
حوكمة ملزم للذكاء الاصطناعي يجعلها عاجزة عن مواكبة التحولات التكنولوجية، بينما
تتشكل قواعد اللعبة خارج نطاقها.

ولتجنب هذا
الإهمال المحتمل، يقترح الكاتب في مقاله اتخاذ خطوات عاجلة تتمثل في إنشاء
“مجلس لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي” تحت مظلة المجلس الاقتصادي والاجتماعي
لمراقبة استخدامه في عمليات السلام، ووضع “بروتوكولات حفظ السلام
الرقمي” لضمان الشفافية وحقوق الإنسان في نشر الذكاء الاصطناعي، ودعم
“معاهدة عالمية للذكاء الاصطناعي” بمشاركة دول الجنوب لموازنة الهيمنة
التكنولوجية، وأخيرا “تعزيز مشاركة الدول النامية” في حوكمة البيانات
وتطوير معايير أخلاقية مشتركة.

وقال في ختام
مقاله: “قد يكون الذكاء الاصطناعي أداة للسلام أو للهيمنة، وفقاً لمن يتحكم
به، والأمم المتحدة أمام خيار واحد إما أن تتبنى دوراً قيادياًّ في تشكيل حوكمة
أخلاقية للذكاء الاصطناعي، أو أن تصبح مؤسسة بالية في عالم تكنوقراطي تتشكل قواعده
دونها.

وفي سياق متصل،
نشرت منصة “بروجكت سينديكت” الإعلامية مقالًا بعنوان: “نموذجان
للذكاء الاصطناعي المستقل والمستقبلي” بقلم الكاتب “دارون
أسيموغلو” وهو الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2024.

وتناول الكاتب في
مقاله مستقبل الذكاء الاصطناعي المستقل، ويطرح نموذجين متعارضين لتطوره وهما
الذكاء الاصطناعي باعتباره مستشارًا حيث يقدم النصح للبشر مع بقاء السلطة النهائية في
أيديهم، والذكاء الاصطناعي المستقل الذي يتخذ القرارات نيابة عن البشر دون تدخل
بشري.

ويرى الكاتب أن
اختيار أحد النموذجين سيحدد ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيعزز الازدهار البشري أو
يقوضه، مع تحذيره من مخاطر النموذج المستقل.

ووضح أن مخاطر
الذكاء الاصطناعي المستقل تكمن في فقدان الوكالة البشرية حيث يعتقد الكاتب بأن
اتخاذ القرارات جزء أساسي من التعلم والإبداع البشري. إذا تولى الذكاء الاصطناعي
هذه المهمة، سيُفقد الإنسان إحساسه بالسيطرة والغاية.

وأضاف أن الخطر
الآخر هو تآكل التعاون البشري إذ إن البشر يتفاعلون بناءً على العواطف والمصالح
المشتركة، بينما قد يصمم الذكاء الاصطناعي المستقل ليكون عدوانيًّا في المفاوضات،
مما يؤدي إلى صراعات غير مجدية.

وقال إن الخطر
الآخر يكمن في تفاقم عدم المساواة، حيث قد تستخدم الشركات والأثرياء الذكاء
الاصطناعي المستقل لتعزيز مصالحهم على حساب الآخرين، مما يزيد الفجوة الاقتصادية.

وتطرق الكاتب
إلى مزايا الذكاء الاصطناعي باعتباره مستشارًا وهي تحسين القرارات دون إلغاء الدور
البشري حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم معلومات دقيقة وسريعة، لكن القرار النهائي
يبقى للإنسان، مما يحافظ على التوازن بين التكنولوجيا والإرادة الحرة.

ومن ضمن المزايا
أيضًا-بحسب الكاتب- حماية الوظائف حيث إن النموذج الاستشاري يقلل من خطر الأتمتة
الكاملة، مما يحفظ فرص العمل ويضمن توزيعًا عادلًا لمنافع التكنولوجيا.

وحذر الكاتب من
عواقب إهمال هذا الخيار، قائلًا: “إذا ساد النموذج المستقل، قد نواجه مجتمعًا
أكثر قسوة حيث تتصارع أنظمة الذكاء الاصطناعي لتحقيق المصالح بأقصى ضرر ممكن
للخصوم، كما سينهار التعاون الاجتماعي بسبب غياب المرونة البشرية في التفاوض.

ودعا الكاتب في
ختام مقاله إلى تبني نموذج “الذكاء الاصطناعي باعتباره مستشارًا” لأنه يحافظ على
القيم الإنسانية ويجنبنا مخاطر النموذج المستقل، محذرًا من أن ترك صناعة
التكنولوجيا يقود التطور دون ضوابط وقد يؤدي إلى عالم أكثر استقطابًا وخطورة.

وأكد على ضرورة
توجيه التكنولوجيا لتعزيز الإنسانية، لا لاستبدالها.

/العُمانية/

خالد
البوسعيدي/أحمد البلوشي