سيلفي الملوك.. توتي فعلها في روما وصلاح كررها في آنفيلد

في عالم تتقاطع فيه الرياضة مع الهوّية، ويصبح الاحتفال لحظة سرد لا تُنسى، تبقى بعض الصور كأنها منحوتات في الذاكرة، ليست مجرد لقطة بكاميرا، بل اختصار لمسيرة، تلخيص لولاء، وإعلان غير مباشر عن من هو الملك الحقيقي، هكذا كانت لقطة فرانشيسكو توتي في روما، وهكذا جاءت لقطة محمد صلاح في ليفربول، مشهدان يفصل بينهما عقد من الزمان، لكنهما يلتقيان في المعنى: الملك لا يكتفي بالتسجيل.. بل يخلّد لحظته.
في الحادي عشر من يناير عام 2015، وبينما كانت العاصمة الإيطالية ترتجف بصخب ديربي الغضب بين روما ولاتسيو، وقف فرانشيسكو توتي، أسطورة النادي وأيقونته، ليصنع لحظة غير مسبوقة في تاريخ اللعبة، بعد أن سجّل هدف التعادل بطريقة بهلوانية جعلت جمهور الذئاب ينفجر، لم يركض توتي كعادته نحو المدرجات، بل اتجه نحو أحد أعضاء الجهاز الفني، تناول هاتف “آيفون 6″، ووقف أمام الجماهير ليلتقط صورة سيلفي خالدة.
لم تكن الصورة مجرد احتفال عفوي، بل خطة مدروسة شارك فيها مدرب الحراس غيدو ناني، الذي احتفظ بالهاتف تحسبًا للحظة، بعد أن طلب منه توتي أن يكون مستعدًا إذا سجّل، خطة بسيطة لكنها عبقرية، تكشف كيف بدأ توتي، في عمر الـ38، يرى أن لحظات المجد لا تُوثق بالكلمات فقط، بل بالصورة، ليُعلن أنه ملكًا لروما.
سيلفي محمد صلاح في آنفيلد.. حيث يُتوارث العرش
مرّت السنوات، وعبَر السيلفي حدود روما ليحطّ الرحال في ملعب آخر، على أرض أخرى، لكن بحضور ملك آخر، هذه المرة، المشهد كان في آنفيلد، والمُلك لصلاح، في ليلة من ليالي الحُمر المبهجة، يوم اكتسح ليفربول ضيفه توتنهام بخماسية، سطّر المصري محمد صلاح فصلًا جديدًا في الحكاية، أحرز الهدف الرابع، ثم استعار هاتفًا من أحد أعضاء الجهاز الفني، والتقط صورة سيلفي أمام المدرج المشتعل.
الصورة انتشرت كالنار، وحققت ملايين التفاعلات، لكن خلف الكواليس، كانت هناك تساؤلات: هل كانت مجرد لحظة عفوية؟ أم حملة تسويقية ذكية؟ فالهاتف الذي استخدمه صلاح كان من إنتاج Google Pixel، أحد رعاة ليفربول الرسميين.
ما تسمعونا حسكم ايه اللي حصل عندكم 😮💨 pic.twitter.com/m1Wew3k3s7— نادي ليفربول (@LFC_Arabic) April 27, 2025
بل إن بعض الجماهير اعتبرت أن الاحتفال قد يكون مخططًا له سلفًا، رغم أن صلاح نفى لاحقًا أن يكون الهدف معروفًا مسبقًا، وقال في مقابلة مع BBC: “عادةً ألتقط صورًا مع اللاعبين بعد الأهداف، لكن شعرت أن هذه اللحظة تستحق شيئًا مختلفًا. صورة ستعيش طويلًا، ففكرت: لمَ لا تكون صورة سيلفي؟”
قد يبدو الأمر بسيطًا، لكنه لم يكن كذلك، تمامًا كما فعلها توتي، كان لصلاح هدفٌ أعمق من مجرد الاحتفال: أن يُخلّد مكانته وسط الجماهير، فالصورة خرجت من كونها لحظة فرح إلى كونها إعلانًا ضمنيًا، هنا يقف الملك، وهذه هي مملكته.
توتي وصلاح.. تشابه بلا تقليد
ربما لم يكن محمد صلاح أول من التقط سيلفي بعد هدف، لكن كحال توتي، لحظته حملت رمزًا يتجاوز الهدف ذاته، كلاهما لم يحتفل فقط، بل أسس لذكرى، نُقشت في ذاكرة الجماهير الرقمية، والمثير أن كلا اللاعبين ارتبطا بلقب “الملك” عن جدارة: توتي كان “ملك روما”، وسلطانه لا يُنازع في الأولمبيكو، أما صلاح، فبات يُلقب بـ”ملك إنجلترا”، ليس فقط لعدد أهدافه أو بطولاته، بل لأنه أعاد تعريف العلاقة بين اللاعب والجمهور.
#RomaLazio: #TottiSelfie Part 3 The Original Selfie pic.twitter.com/ZM55QMoRBU— AS Roma (@OfficialASRoma) January 11, 2015
وهكذا، من قلب العاصمة الإيطالية إلى شمال غرب إنجلترا، تنقلت العدسة بين ملكين، خطّ كل منهما توقيعه في كتاب المجد، بنفس الطريقة، لقطة، ابتسامة، وصرخة انتصار، لأن في زمن السرعة والصورة، يظل السيلفي هو التاج الذي يضعه اللاعب بنفسه على رأسه، ليقول للعالم: أنا هنا.. أنا الملك.
إحصائيات نجوم الدوري الإنجليزي