بيريز وكيفية تكوين جالاكتيكوس جديد بنصف الثمن

من منا لا يفضل شراء أشياء بجودة عالية وبأسعار متوسطة أو حتى بنصف الثمن؟ بالطبع الجميع يحب هذا الأمر ويحاول العثور على مثل هذه الأشياء من مستلزماته في كل مكان، ولكن الغريب أن يحدث ذلك في عالم الصفقات، والأغرب أن يحدث في نادٍ مثل ريال مدريد، الذي يُعتبر من بين الأغنى والأعلى قيمة تسويقية في العالم، ومع ذلك هذا ما فعله فلورنتينو بيريز.

فلورنتينو بيريز هو واحد من أذكى وأهم رؤساء الأندية على مر التاريخ، ليس فقط بسبب العدد الكبير من البطولات التي حصدها ريال مدريد تحت قيادته، بل أيضًا بسبب تعامله المميز دائمًا في ملف الصفقات، وهو ما ساهم سابقًا في فوزه بانتخابات رئاسة النادي الملكي للمرة الأولى.

ولكن فلسفة بيريز في التعاقدات تغيرت تدريجيًا بشكل كبير مع مرور السنوات خلال رئاسته لريال مدريد، بل إنه نجح في تطوير هذه الفلسفة وتخفيض النفقات، والاستمرار في ضم أفضل لاعبي العالم.

الانتخابات الأولى والجالاكتيكوس الباهظ الثمن

بداية الأمر مع بيريز كانت في عام 2000 عندما فاز بانتخابات رئاسة نادي ريال مدريد على حساب لورينزو سانز الذي كان أحد أبرز رؤوساء النادي في التاريخ وحصد لقب دوري أبطال مرتين خلال عامي 1998 و2000، ولكن لك ذلك لم يساعده في الفوز بالانتخابات.

ونجح بيريز بالفوز في هذه الانتخابات من خلال الوعد بسياسة انتقالات جديدة جريئة وتعاقدات جديدة باهظة الثمن، على وجه الخصوص التعاقد لويس فيجو من الغريم برشلونة، وبالفعل سدد ديون النادي القديم، وبنى ما يعرف بجيل جالاكتيكوس، الذي كان مليء بأساطير كرة القدم على مر التاريخ، وحصدوا العديد من البطولات.

وبالفعل تعاقد بيريز مع فيجو فور فوزه في الانتخابات، وكان ذلك مقابل 62 مليون يورو تقريبًا وقد كان مبلغًا قياسيًا آنذاك، بل ولم يكتف بذلك الأمر فقد كانت خطته التعاقد مع نجم عالمي كل عام تقريبًا لتكوين جيل جالاكتيكوس، وبالفعل جلب لاعبين أمثال ديفيد بيكهام، ورونالدو البرازيلي وغيرهم، وجميعهم كانوا في صفقات قياسية، وكل ذلك خلال فترته الأولى من 2000 حتى 2006

قيمة تعاقدات بيريز مع جيل جالاكتيكوس في فترته الأولى

وحقق هذا الجيل العديد من الإنجازات ونجح في حصد الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا والعديد من البطولات، ولكن فشل الفريق بشكل مفاجئ ورحل بيريز عقب نهاية فترته الأولى وجاء رامون كالديرون، ولكن سرعان ما عاد فلورنتينو مرة أخرى في فترة ثانية من 2009 إلى 2018.

الفترة الثانية وجالاكتيكوس جديد

وفي الفترة الثانية حرص بيريز على تكوين جيل جالاكتيكوس جديد بنجوم مميزين وبأسعار باهظة، وحققوا خلال هذه الفترة العديد من الإنجازات والبطولات التاريخية.

فقد حرص بيريز في فترة الثانية على التعاقد مع صفقات قوية وتعلم من أخطاء المرة الأولى والانتقادات التي تم توجيهها له، فقد تعاقد مع لاعبين أمثال كريستيانو رونالدو وجاريث بيل وتشابي ألونسو وغيرهم.

قيمة تعاقدات بيريز مع جيل جالاكتيكوس في فترته الثانية

وكان فترة الجالاكتيكوس الثانية في ريال مدريد تاريخية، فقد حصد هذا الجيل العديد من البطولات وحقق إنجازات خيالية، وأصبح الفريق هو الأكثر تتويجًا بلقب دوري أبطال أوروبا، وأثبت بيريز نجاحه بشكل كبير هذه المرة، وكسب شعبية ضخمة لدى جماهير الميرينجي.

بل ومنذ الفترة 2009 حتى 2018، نجح فريق ريال مدريد في حصد دوري أبطال أوروبا 3 مرات على التوالي،  ليصبح أول فريق يحقق هذا الإنجاز منذ عام 1976، ولم يجري الكثير من التدعيمات على الجالاكتيكوس بل رحل عنه لاعبين وتعاقد النادي مع صفقات جديدة أمثال تيبو كورتوا وإيدين هازارد وغيرهم.

لماذا غير بيريز خطته؟

ولكن في السنوات الأخيرة وبالرغم من النجاحات الكبرى التي حققها ريال مدريد بقيادة بيريز، قرر رئيس الملكي تغيير استراتيجيته في الصفقات بشكل كبير جدًا ليقرر تقليل النفقات بل وواصل ضم لاعبين تحظى بنجومية وموهبة ضخمة.

فقد اتجه بيريز إلى 3 اتجاهات جديدة إما التعاقد مع المواهب الصغيرة التي لن تكلفه الكثير من الأموال، أمثال فينيسيوس جونيور وردريجو وأردا جولر، أو الاعتماد على الأكاديمية مثلما حدث مؤخرًا مع راؤول أسينسيو.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Vinicius Jr. ⚡️🇧🇷‎‏ (@‏‎vinijr‎‏)‎‏

أما الاتجاه الثالث فهو السائد حاليًا في خطة بيريز وهو التعاقد مع النجوم في صفقات انتقال حر فور انتهاء عقودهم مع أنديتهم، ويكتفي بدفع مكافأة توقيعه له، خاصة وأنه إذا حسم الصفقة بكسر الشرط الجزائي أو عن طريق التفاوض مع ناديه كانت ستكلفه الكثير من الأموال.

فقد نجح بيريز في التعاقد مع النمساوي دافيد ألابا من بايرن ميونخ في صفقة انتقال حر من بايرن ميونخ ولكنه حصل على 17.5 مليون يورو مكافأة توقيع بجانب 20 مليون يورو كمرتب سنوي، كما ضم أنطونيو روديجير من تشيلسي بنفس الطريقة وحصل على 35 مليون يورو مكافأة توقيع و11 مليون يورو مرتب سنوي.

بل وضم بيريز صفقتان بشكل مجاني ويعتبران الأقوى في تاريخ النادي السنوات الماضية وهما، كيليان مبابي الذي جاء من باريس سان جيرمان بعد نهاية عقده وحصل على 125 مليون يورو مكافأة توقيع وسيحصل على راتب 36 مليون يورو سنويًا.

والصفقة الكبرى الثانية هي ضم ترينت ألكسندر أرنولد نجم ليفربول الذي سيأتي في الصيف المقبل 2025 بشكل مجاني بعد نهاية عقده وسيحصل على 20 مليون يورو مكأفاة توقيع و15 مليون يورو راتب سنوي.

بل والاتجاه الذي يتبعه بيريز في التعاقد مع الصفقات بشكل مجاني جعله يضحي بالتعاقد مع العديد من اللاعبين المميزين، أمثال ليني يورو الذي رفض ضمه مقابل المال وفضل أن ينتظر حتى ينتهي عقده مع ليل ولكن اللاعب لم يعجبه هذا الأمر ليوافق على الانضمام إلى مانشستر يونايتد في الصيف الماضي لعام 2024، والأمر نفسه حدث مع ألفونسو ديفيز الذي فضل التجديد مع بايرن ميونخ بدل من الانتظار حتى نهاية الموسم الحالي.

وهذه الاستراتيجية الجديدة قد توحي بأن بيريز يبني جالاكتيكوس جديد يمكن التعبير عنه مجازيا بأنه “بنصف الثمن” مقارنة بالجيلين السابقين، ولكن هل ستثبت هذه التجربة نجاحها في السنوات المقبلة ويحقق الميرينجي نفس المجد الذي حققه خاصة مع الجيل الثاني/ أم سيعود لصرف الأموال الطائلة؟.