كريستيانو رونالدو أداة تجسس – جهاز المخابرات الروسي يتنكر في زي البرتغالي!

عند التحدث عن كرة القدم؛ لا يمكن أن لا يُذكر اسم أكثر شهرة وتأثيرًا من كريستيانو رونالدو، النجم البرتغالي لاعب نادي النصر السعودي، الذي أسر قلوب الملايين من عشاق الرياضة، وجعل من مستطيل الملعب منصة لعرض مهاراته المذهلة، يعتبر اليوم أحد أكبر الأيقونات الرياضية في العصر الحديث.
لكن في مفارقة غريبة، تبدو هذه الشهرة الكبيرة وكأنها أصبحت سيفًا ذا حدين، فبينما يستمتع الملايين بمشاهدته داخل الملعب، استخدم جواسيس المخابرات الروسية هذه الشعبية الهائلة كغطاء مثالي لنقل معلومات مشفرة إلى موسكو، بعيدًا عن الأنظار.
بدأت هذه القصة المذهلة عندما تم الكشف عن أن أندرياس وهايدرون أنشلاغ، الزوجين الذين عاشا حياة هادئة في مدينة ماربورغ الألمانية، كانا في الواقع عميلين للمخابرات الروسية بأمر من فلاديمير بوتن رئيس روسيا، وقد استخدما وسائل غير تقليدية للتواصل مع موسكو، مستغلين في ذلك شعبية نجم كرة القدم العالمي كريستيانو رونالدو.
من الملعب إلى المخابرات.. كيف استخدم الجواسيس الروس شهرة كريستيانو رونالدو في مهام سرية؟
بالنسبة لجيرانهم في ماربورغ، لم يكن هناك ما يميز أندرياس وهايدرون عن أي عائلة أخرى، كانا يتنقلان بين الحياة اليومية العادية: أندرياس يعمل كمهندس سيارات، بينما كانت هايدرون تهتم بالمنزل وابنتهما، ولكن، رغم هذه الحياة الهادئة، كانت الحقيقة أن الزوجين كانا يتقاضيان 80 ألف جنيه إسترليني سنويًا من الحكومة الروسية للتجسس على الغرب، وتحديدًا على الاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي، والأمم المتحدة.
وقد استمرت هذه الأنشطة السرية لمدة 23 عامًا، منذ فترة ما قبل سقوط جدار برلين في عام 1989، وقد تمكنا من نقل آلاف الأسرار والمعلومات الحساسة إلى موسكو باستخدام طرق تقليدية وحديثة على حد سواء، بدأت هذه الأنشطة من خلال رسائل مشفرة باستخدام أجهزة الراديو والأقمار الصناعية، ولكن مع تطور الإنترنت، ظهر نوع جديد من التواصل.
هدف لاعب @AlNassrFC كريستيانو رونالدو 🇵🇹
الفائز بـ #هدف_الأسبوع_BSF للجولة 24 والجائزة المقدمة من @BSF_sa 🏆#دوري_روشن_السعودي | #للجماهير pic.twitter.com/0qFNndp1H8— دوري روشن السعودي (@SPL) March 10, 2025
في عام 2011، مع صعود شبكة الإنترنت، اكتشف الزوجان وسيلة جديدة لإرسال رسائلهم المشفرة؛ موقع يوتيوب، هذه المنصة، التي كانت تحمل مقاطع فيديو عن كريستيانو رونالدو وتستقطب ملايين المتابعين، أصبحت هي الميدان المثالي للتواصل بين الزوجين وجهاز المخابرات الروسي.
كما قام الزوجان بإنشاء حساب على يوتيوب يحمل اسم @Aplenkuh1، والذي يُترجم إلى “البقرة الألبية 1″، وبالتوازي معه، قام جهاز المخابرات الروسي بإنشاء حساب باسم @crsitanofootballer، مستغلين في ذلك الشهرة الضخمة للبرتغالي كريستيانو رونالدو.
في البداية، كانت التعليقات على مقاطع الفيديو الخاصة بكريستيانو تظهر كما لو كانت تعليقات عادية من متابعين رياضيين، على سبيل المثال، كتب الزوجان: “إنه فيديو جميل جدًا والأغنية جيدة جدًا أيضًا”، لكن الملاحظات الدقيقة تُظهر أن هذه التعليقات كانت تحتوي على رسائل مشفرة.
مع مرور الوقت، بدأ جهاز المخابرات الروسي بالتفاعل مع هذه التعليقات بشكل مشبوه، مثل التعليق بـ”إنه يركض ويلعب مثل الشيطان”، وهي عبارة كانت تحمل معنى معينًا في دلالاتها الاستخبارية.
في هذا السياق، يقول جوردون كوريرا، مراسل الشؤون الأمنية في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): “لقد استخدم الزوجان جهاز المخابرات الروسي حساباتهم على يوتيوب للتواصل بشكلٍ علني ولكن مشفر، وسط سيل من التعليقات اليومية التي لا يلاحظها الكثيرون”.
هـو الأن مجـرد هـدف .. لكنه سيُصبح قصّةً تُروى للأحفـاد في سنين قادمة 📜
حينما نقـول : شاهدنا كريستيانو رونالدو يسجل هدفًا بقميص نادينا #النصر 💛 pic.twitter.com/cotMbb0xZK— نادي النصر السعودي (@AlNassrFC) February 8, 2025
وقد أضاف أن بعض التعليقات كانت تحتوي على علامات ترقيم يمكن تحويلها إلى أرقام أو رموز يمكن فك شفرتها لاحقًا، في خطوة مشابهة لتقنيات الجاسوسية القديمة مثل محطات الأرقام.
تُعد هذه الطريقة بمثابة تطور مثير في عالم الجاسوسية، إذ أن منصات مثل يوتيوب تتيح التفاعل مع الجمهور بشكل غير ملاحظ، مما يجعلها مثالية لجمع الرسائل المشفرة ونقل المعلومات بين الجواسيس وعملاء المخابرات.
النهاية الدراماتيكية لـ “كريستيانو رونالدو”.. الجاسوس الوهمي
لكن مثلما هي الحال مع كل العمليات الاستخباراتية، لم تستمر هذه الأنشطة في الخفاء طويلًا، في أكتوبر 2011، اكتشفت قوات الاستخبارات الألمانية الأمر وقامت بمداهمة منزل الزوجين في ألمانيا، كان الزوجان في ذلك الوقت يواصلان إرسال رسائل مشفرة عبر جهاز إرسال في مكتبهم، والذي تم اكتشافه أثناء الغارة، مما أدى إلى القبض عليهما، وفي مفاجأة أخرى، تسببت صدمة الاقتحام في سقوط هايدرون من على كرسيها أثناء تلقي رسالة مشفرة عبر الجهاز.
في يوليو 2013، حُكم على الزوجين بالسجن لفترات متفاوتة؛ أندرياس لمدة ست سنوات ونصف، وهايدرون لمدة خمس سنوات ونصف، ولكن، كما جرت العادة في بعض العمليات الاستخباراتية، تم إطلاق سراحهما في عام 2015، ليتم ترحيلهما إلى روسيا، حيث استُقبلوا كأبطال من قبل المخابرات الروسية.
قد تكون هذه الحكاية من بين أغرب طرق الجاسوسية التي شهدها العالم في العصر الرقمي، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل يمكن أن تكون هذه القصة مجرد البداية؟ مع تزايد الاعتماد على منصات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في العصر الحديث، يبدو أن الجاسوسية قد دخلت عصرًا جديدًا من التحايل على الأنظمة الأمنية.
في ظل وجود أدوات رقمية يمكن أن تكون محاطة بعلامات “رياضية” أو “فنية” تتيح للأعين غير المدربة اختراقها دون أن يلاحظها أحد؛ فكما تم استخدام اسم كريستيانو رونالدو للقيام بعمليات تجسس تخص جهاز المخابرات الروسية، من المتوقع أن يكون حولنا حسابات تخص لاعبي كرة قدم آخرين تتبع أجهزة استخباراتية ونحن لا نعلم!