من هي شيلا إيبانا والدة لامين يامال؟

حين تكون الأم وطنًا والسند الأول لأسطورة تولد من رحم التحديات
في عالم كرة القدم، تسطع أسماء اللاعبين وتتناقل الصحف تفاصيل مسيراتهم، لكن قلما يُروى ما خلف الأضواء، حيث تُحاك الحكايات الحقيقية.
فكل نجم، مهما بلغ من المجد، يحمل في داخله قصة دفء وحب وبدايات صعبة، وغالبًا ما تكون الأم هي أول من خطّ سطور تلك القصة.
وفي حالة لامين يامال، الجوهرة الإسبانية الصاعدة، تقف والدته شيلا إيبانا كأعظم من آمن به، وأكثر من ضحى لأجله.
من غينيا الاستوائية إلى كتالونيا.. جذور أفريقية وقلب لا يعرف الاستسلام
وُلدت شيلا إيبانا في غينيا الاستوائية، تلك الدولة الصغيرة الواقعة في غرب إفريقيا، والتي تحمل في طيّاتها تراثًا ثقافيًا غنيًا وحبًا للحياة رغم التحديات.
اختارت الهجرة إلى إسبانيا بحثًا عن مستقبل أفضل، وهناك، في مدينة ماتارو الواقعة في إقليم كتالونيا، بدأت رحلتها كأم مهاجرة تسعى لتوفير الأفضل لأسرتها.
وفي إسبانيا، تزوجت شيلا من رجل مغربي، وأنجبت منه طفلها البكر؛ لامين يامال، لكن هذه الأسرة الصغيرة لم تكن بمنأى عن الأزمات.
Skales & Lamine Yamal’s Mother dancing to the Classic “Shake Body”🤩🔥
pic.twitter.com/GbLgCfthvF— HYPETRIBE (@hypetribeng) April 25, 2025
وبعد سنوات من الزواج، انفصلت شيلا عن زوجها، وقررت أن تبدأ من جديد، ولكن هذه المرة وحدها… ومعها ابن يحمل حلمًا أكبر من عمره.
البداية من الصفر.. أم تعمل في ماكدونالدز لتمنح لامين يامال كرة القدم
بعد الطلاق، غادرت شيلا مدينة ماتارو، واصطحبت لامين معها إلى “جرانويرس”، في خطوة لم تكن سهلة من الناحية المعيشية أو النفسية.
هناك، بدأت تعمل في أحد فروع مطاعم ماكدونالدز لتعيل نفسها وابنها، وسط ظروف اقتصادية صعبة.
لكن رغم ضغوط الحياة، لم تغفل شيلا عن شيء واحد؛ شغف ابنها بكرة القدم، كانت تدرك أن في قدميه شيئًا مختلفًا، شيئًا يستحق المحاولة من أجله، فسجّلته في نادي لا توريتا، حيث لمس لامين الكرة بجدية للمرة الأولى.
لم تكن تدري وقتها أن تلك الخطوة الصغيرة ستغيّر حياتهما إلى الأبد.
تضحيات لا تُعد.. ونجاح يُبنى على حب الأم
منذ لحظة تسجيله، كانت شيلا هي من تصطحب لامين إلى التدريبات، وتتابع مبارياته، وتؤمّن احتياجاته الكروية رغم الدخل المحدود.
View this post on Instagram A post shared by Sheila Ebana (@sheila_ebana)
لم تكن فقط أمًا، بل كانت سائقًا ومدربًا نفسيًا وطباخة ومعلمة، وحتى حين لاحظت الموهبة الفريدة في عيني طفلها، لم تستسلم للواقع الصعب، بل راهنت عليه… وربحت الرهان.
مع الوقت، انضم لامين إلى أكاديمية برشلونة الشهيرة “لا ماسيا”، وهناك بدأ اسمه يلمع في أوساط الكرة الإسبانية، لكن حتى حين أصبح معروفًا، بقيت شيلا في الظل، تتابعه من بعيد، وتحرص على ألا تسرق شهرة ابنها هدوءهما العائلي.
حين بدأ لامين يامال يلفت أنظار الصحافة، بدأت بعض الأصوات تتساءل عن أصوله، وتشير إلى جذوره الأفريقية والعربية، لم يكن ذلك مزعجًا لشيلا فقط، بل كان جارحًا.
فاختارت أن ترد؛ ليس عبر التصريحات الصحفية، بل من خلال حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّرت بكل وضوح عن فخرها بكونها إكواتوجينية، وأكدت أن ابنها كذلك.
كتبت: “نحن إكواتوجينيون قبل أي شيء، ولا نخجل من أصولنا”، لم يكن هذا الموقف مجرد دفاع عن الهوية، بل إعلان حب وفخر تربويّين، ورسالة إلى كل أم تعاني من أحكام المجتمع: تمسّكي بجذورك، فهي شجرة ابنك التي سيثمر منها العالم.
ورغم أنها اختارت الخصوصية، إلا أن شيلا لم تُخفِ حبها لابنها في مناسبات خاصة، ففي عيد ميلاده السابع عشر، نشرت على حسابها رسالة بسيطة، لكنها اختزلت كل مشاعر الأمومة التي زرعتها لسنوات: “عيد ميلاد سعيد لحبيبي الأول… نحبك كثيرًا“.
View this post on Instagram A post shared by Sheila Ebana (@sheila_ebana)
كلمات قصيرة، لكنها كشفت عن العلاقة المتينة، العاطفة العميقة، والرابط الذي لا يتغير رغم النجومية والأضواء.
والدة نجم.. لكنها تبقى الأم أولًا
اليوم، لامين يامال يُعد من أبرز نجوم برشلونة والمنتخب الإسباني، ومرشحًا مستقبليًا لجوائز كبرى، لكن شيلا لم تتغيّر، لا تزال تعمل، وتعيش بعيدًا عن بهرجة الإعلام، وتكتفي بمتابعة مسيرة ابنها من الخلف، كما كانت تفعل وهو صغير.
لا تطمح للظهور في البرامج، ولا تلهث خلف الشهرة، كل ما تريده هو أن ترى طفلها سعيدًا، ناجحًا، وأمينًا لجذوره.
قصة شيلا إيبانا ليست قصة والدة لاعب كرة قدم وحسب، بل قصة امرأة نحتت طريقًا من العدم، وأثبتت أن الحب وحده قد يصنع المعجزات.
لم تحتج إلى ميكروفونات أو أضواء لتقول إنها كانت السبب في نجاح ابنها؛ فكل هدف يسجله لامين يامال، وكل تحية جماهيرية يتلقاها، هي انعكاس لعرق وجهد وسهر امرأة آمنت به عندما لم يفعل أحد.
وربما، خلف كل هدفٍ يهز الشباك… هناك دمعة فخر تلمع في عين شيلا.
إحصائيات مواهب الدوري الإسباني