فاطمة: من تكون جدة أمين يامال وما العلاقة التي تجمعهما؟

حين تكون الجدة حضنًا لا يُهرم، وحكمة تمسك بخيط حلم من الطفولة حتى المجد
في رحلة النجومية، غالبًا ما تُسلّط الأضواء على الأهداف، العقود، والبطولات، لكن خلف هذه المشاهد البراقة، هناك دائمًا شخص خافت الضوء، عظيم الأثر.
شخص لم يركل كرة، لكنه أبقى أقدام البطل ثابتة على الأرض، وفي قصة لامين يامال، النجم اليافع لنادي برشلونة ومنتخب إسبانيا، تقف الجدة فاطمة كقلب عتيق يحتضن الحاضر والمستقبل.
عقد حتى 2031.. لكنه لن يُوقع رسميًا بدون فاطمة
في لحظة انتظرها الكتلان طويلاً، أعلن نادي برشلونة رسميًا تجديد عقد لامين يامال حتى عام 2031، بعقد يتضمن شرطًا جزائيًا خرافيًا بقيمة مليار يورو.
حضور الرئيس خوان لابورتا والمدير الرياضي ديكو أعطى المناسبة طابعًا رسميًا، لكن شيئًا واحدًا كان مفقودًا؛ فاطمة.
يامال، الذي أدهش العالم بموهبته، فاجأ النادي حين رفض إجراء جلسة التصوير الرسمية لتوقيع العقد، السبب؟ جدته لم تتمكن من الحضور.
The first big salary Lamine Yamal got he bought his grandmother a house with that money. pic.twitter.com/BYitO0pWOg— Frank Khalid OBE (@FrankKhalidUK) July 10, 2024
فقرر تأجيل جلسة الصور حتى يوليو المقبل، حيث يُكمل عامه الثامن عشر، لتكون “ستي فاطمة” حاضرة إلى جانبه.
جدة من المغرب.. تحمل تاريخ لامين يامال في عينيها والصبر في كفيها
ولدت فاطمة في المغرب، وفي مطلع التسعينيات، غادرت إلى كتالونيا برفقة أبنائها الخمسة، من بينهم منير نصراوي، والد لامين يامال، في حيّ روكافوندا الشعبي بماتارو، زرعت فاطمة أول جذورها في الغربة، وبنت حياةً رغم كل العوائق.
حين انفصل منير عن زوجته شيلا إيبانا، وجدت فاطمة نفسها أمام مسؤولية جديدة؛ تربية حفيدها، لم تتردد، لم تشتكِ، بل أعادت ترتيب الأولويات، واحتضنت لامين كما لو كان ابنها السادس.
كانت الأم التي تربّي، والجدة التي تحنو، والمعلمة التي تهمس بحكمة الأجداد في أذنه، علّمته أن الهدوء لا يعني الضعف، وأن الأصل لا يُنسى، وأن الرمز البريدي لا يُمحى من القلب.
عندما بدأ يامال يجني ثمار موهبته، عرض على جدته أن يشتري لها منزلًا فاخرًا، كان يريد أن يرد لها شيئًا من الجميل، لكن فاطمة رفضت، قالت له إن سعادتها ليست في الجدران الجديدة، بل في ذكريات الجدران القديمة.
🚨 Lamine Yamal chose not to take an official photo during the signing of his new contract yesterday because his grandmother wasn’t in town.
Given how much she means to him, Lamine refused to take photos unless she was there. It’s now expected to take place on July 13th, which… pic.twitter.com/0mQLxOYz8G— BarçaTimes (@BarcaTimes) May 28, 2025
اختارت أن تبقى في روكافوندا، نفس الحي الذي شهد بداياته، حيث البساطة والجيران والألفة، وهناك، ما زالت تعيش وسط الناس الذين يعرفونها بـ”أم منير” أو “ستي لامين”، تلك المرأة التي أنجبت مجدًا دون أن تهتف باسمه.
304.. الرقم الذي كتبته فاطمة في قلب لامين
كلما سجّل لامين يامال هدفًا، رفع يديه ليشكّل الرقم 304، الرمز البريدي لروكافوندا، كثيرون ظنوا أنه مجرد احتفال رمزي، لكنه في الحقيقة تحية صامتة إلى من صنعت هذا الرقم في قلبه: فاطمة.
إنه إعلان انتماء، وتذكير بأن الأبطال لا يُولدون في الملاعب فقط، بل في الأحياء المتواضعة، في أحضان الجدات، وفي أطباق الكسكس والقصص قبل النوم.
في مشواره مع برشلونة، ومع المنتخب الإسباني، ظل اسم الجدة فاطمة بعيدًا عن الإعلام، لكنها كانت دائمًا حاضرة، ليس فقط في قلب لامين، بل في قراراته، سلوكه، وهدوئه الملحوظ أمام الأضواء.
الصحافة الإسبانية وصفتها مؤخرًا بأنها: “أهم امرأة في حياة لامين يامال“، ووصفها اللاعب نفسه ذات مرة بأنها: “الركيزة التي ثبتتني حين اهتز كل شيء“.
في الحقيقة، هذا الترابط بين لامين وجدته ليس غريبًا على من نشأ في بيئة مماثلة، الانفصال المبكر بين والديه جعله يبحث عن الثبات، فوجد في فاطمة الحضن الذي لا يغادر، وجد فيها الحكاية، الدعاء، والمثل الأعلى.
View this post on Instagram A post shared by FC Barcelona (@fcbarcelona)
لم تكن صارمة كالأب، ولا مشغولة كالأم، كانت “الوقت” ذاته؛ الزمن الذي يتسع للإنصات، للضحك، وللدمعة، ولعلها أيضًا مَن ربّته على ألا يُفتن بالشهرة، ولا يُغيّبه المال، ولا ينسى الحارة التي كبُر فيها.
قد لا تقف فاطمة على منصات التتويج، ولا يظهر اسمها في الإعلانات، لكنها حجر الأساس في قصة نجمنا، وربما، حين يرفع لامين الكرة الذهبية يومًا ما، سيتذكر أنها بدأت من يد جدته… يدٍ مجعدة لكنها كانت أول من ناوله الحلم.
فاطمة ليست مجرد جدة، إنها جذور مجد زرعته بقلب مغربي ودمعة صامتة.
إحصائيات مواهب الدوري الإسباني