العمليات الإسرائيلية وحرب غزة يخيمان على عيد الفصح لدى مسيحيي الضفة الغربية
الزبابدة (الاراضي الفلسطينية) – (أ ف ب) – في بلدة الزبابدة الفلسطينية التي تسكنها أغلبية مسيحية، طغت العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تجري على مقربة منها والتي توسّعت في الضفة الغربية المحتلة في موازاة الحرب على غزة، على فترة الاستعداد لعيد الفصح.
هذا العام، تحتفل كل المذاهب المسيحية في البلدة، الكاثوليكية والأرثوذكسية والإنجيلية، على غير عادة، بعيد الفصح في اليوم نفسه، وقد حاول السكان أن يشغلوا أنفسهم بالتقاليد الاحتفالية، مثل صنع الكعك أو الاستعداد لمواكب الكشافة.
لكن أفكارهم في مكان آخر.
لجأت عشرات العائلات من مدينة جنين المجاورة إلى بلدة الزبابدة هربا من العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة والتي دمرت المدينة ومخيم اللاجئين المجاور لها هذا العام.
وقالت جانيت غنام (57 عاما) وهي إنجيلية من سكان الزبابدة “هناك خوف دائم. في أحد الأيام، دخل الجيش (الاسرائيلي) إلى جنين، وبدأ الأولاد والناس يهربون. الكل كان مذعورا”.
وأضافت غنام قبل دخولها الكنيسة للمشاركة في الصلوات الأخيرة قبل عيد الفصح “ننام على شيء ونصحو على شيء آخر”.
ومضت بالقول إن ابنها أبلغها بأنه لن يتمكن من زيارتها في عيد الفصح هذا العام خوفا من أن يعلق على الحواجز العسكرية الإسرائيلية التي انتشرت في كل أنحاء المنطقة.
تبدو الزبابدة بلدة مثالية، وهي تقع في تلال شمال الضفة الغربية… لكنّ أزيز الطائرات الإسرائيلية يطغى في بعض الأحيان على قرع أجراس كنيستها.
وقال سليم كسابرة، وهو شماس إنجيلي في البلدة “يفكر الناس في وضعهم الوجودي في الضفة الغربية لأنه مهدد أيضا، لأننا في الواقع نتحرك نحو مستقبل مبهم، كأننا نعبر الظلام دون أن نعرف إلى أين نحن ذاهبون”.
– “تهديد وجودي” –
تحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ العام 1967، وفي الأشهر الأخيرة، دعا وزراء اليمين المتطرف في الحكومة إلى ضم المزيد من الأراضي.
وأشار كسابرة إلى أن هذا “التهديد الوجودي” تفاقم بسبب “الكآبة” الناجمة عما يحدث في غزة حيث بلغت حصيلة الشهداء جراء الحرب التي شنّتها إسرائيل ردا على هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 حتى الآن 51 ألف شخص وفق وزارة الصحة في القطاع الذي تسيطر عليه الحركة.
ونجت بلدة الزبابدة من الدمار الذي لحق بقطاع غزة، لكنّ مكتب رئيس البلدية أفاد بأن 450 شخصا من سكانها خسروا وظائفهم في إسرائيل عندما ألغيت تصاريح العمل الممنوحة للفلسطينيين بعد هجوم حماس.
وقال المزارع ابراهيم داوود (73 عاما) عندما “أتى 7 أكتوبر (تشرين الأول)، حرب غزة” حوصروا للمرة الأولى إذ إن “إسرائيل لم تسكّر علينا أبدا، نحن في الضفة، إلا في هذه الحرب. في السابق كانت(الحدود) مفتوحة ونعمل بشكل عادي”. وأضاف “لا أحد يعرف ما سيحدث”.
وهناك خشية من انحسار أعداد المسيحيين في الأراضي المقدسة مع رحيل عدد كبير منهم إلى الخارج.
وقال أستاذ الرياضيات طارق ابراهيم البالغ 60 عاما “لا يستطيع الناس البقاء بدون عمل والحياة ليست سهلة”.
وأكد رئيس البلدية غسان دعيبس من جهته ذلك قائلا “لكي يبقى المجتمع المسيحي موجودا، لا بد من يكون هناك استقرار وأمن وظروف معيشية كريمة. إنه الواقع، وليس دعوة إلى الهجرة”.
وأوضح “لكنني أتحدث من واقع تجربة حية: كان المسيحيون يشكلون 30% من سكان فلسطين، أما اليوم، فإن نسبتهم أقل من واحد في المئة … وعددهم في تناقص مستمر”.
من جهته، تبنى الكاهن الكاثوليكي إلياس طبان موقفا أكثر إيجابية، مؤكدا أن “في كل مرة تمر الكنيسة بأوقات صعبة… ترى الإيمان يكبر”.