صفقة دفاعية غير مسبوقة تعزز الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وواشنطن: المغرب يحصل على 600 صاروخ ‘ستينغر’ المتطور لمواجهة التهديدات الجوية وتعزيز قدراته العسكرية بقيمة 825 مليون دولار

صفقة دفاعية غير مسبوقة تعزز الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وواشنطن: المغرب يحصل على 600 صاروخ ‘ستينغر’ المتطور لمواجهة التهديدات الجوية وتعزيز قدراته العسكرية بقيمة 825 مليون دولار

الرباط – “رأي اليوم” – نبيل بكاني:

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، مساء أمس الثلاثاء، موافقتها على صفقة عسكرية استراتيجية لتزويد المملكة المغربية بـ600 صاروخ مضاد للطائرات من طراز “FIM-92K Stinger”، في صفقة بلغت قيمتها 825 مليون دولار، ما يُعدّ من أبرز صفقات التسلح التي أبرمتها الرباط مع واشنطن في السنوات الأخيرة.
ووفقاً لما نشرته وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأميركية على موقعها الرسمي، فقد تم إرسال إخطار رسمي إلى الكونغرس الأميركي لإتمام الصفقة المقترحة، والتي لا تقتصر على الصواريخ فحسب، بل تشمل أيضاً خدمات متكاملة من الدعم الفني والهندسي واللوجستي، إضافة إلى توفير قطع الغيار والتدريب، عبر تعاون مباشر مع الحكومة الأميركية وعدد من المتعاقدين العسكريين.
وأكدت الوكالة، في بيانها، أن الصفقة تأتي في إطار تعزيز التحالف الدفاعي بين الولايات المتحدة والمغرب، حليفها الأساسي من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)، معتبرة أن هذه الصفقة “تدعم السياسة الخارجية والأمن القومي الأميركي من خلال تحسين القدرات الدفاعية لدولة شريكة محورية تساهم في تعزيز الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في شمال إفريقيا”.
ويُنتظر أن تُحدث هذه الصفقة تحوّلاً نوعياً في المنظومة الدفاعية المغربية، لا سيما في مجال الدفاع الجوي قصير المدى، من خلال تمكين القوات المسلحة الملكية من التصدي بفعالية للتهديدات الجوية الحديثة، بما في ذلك الطائرات المسيّرة والمروحيات والطائرات منخفضة التحليق.
يُعد صاروخ “ستينغر” واحداً من أكثر أنظمة الدفاع الجوي المحمولة فاعلية في العالم، وهو مخصص للتعامل مع الأهداف الجوية المنخفضة مثل الطائرات المقاتلة والمروحيات والطائرات بدون طيار. ويبلغ طول الصاروخ 1.52 متراً، بقطر 70 ملم، ويزن نحو 10.1 كيلوغرام، فيما يصل وزنه الكامل مع منصة الإطلاق والمعدات المدمجة إلى 15.2 كيلوغرام.
وفق تقرير لـ”بي بي سي” البريطانية، يمتاز الصاروخ برأس حربي يزن ثلاثة كيلوغرامات يحتوي على مادة شديدة الانفجار، ويعتمد على نظام توجيه بالأشعة تحت الحمراء لتتبع الهدف وإصابته بدقة، حتى في ظل ظروف مناورات جوية معقدة. كما أن منظومة التوجيه الحديثة مزودة بخاصية التدمير الذاتي بعد 17 ثانية من الإطلاق، ما يقلل من احتمالات الخطر في حال عدم إصابة الهدف.
يصل مدى الصاروخ إلى خمسة كيلومترات، بقدرة اشتباك تصل إلى ارتفاعات تناهز 4800 متر، ويمكن إطلاقه يدوياً أو من عربات مجهزة أو مروحيات هجومية. ويمكّنه محرّكه ثنائي الدفع من بلوغ سرعات تتجاوز 2.5 ماخ، ما يجعله سلاحاً فعالاً في البيئات القتالية السريعة والمتغيرة.
تندرج هذه الصفقة في سياق سعي المغرب لتحديث ترسانته الدفاعية، خاصة في ظل التوترات الإقليمية وتزايد التهديدات المرتبطة بالطائرات بدون طيار والهجمات الجوية غير التقليدية. وتعكس كذلك رغبة الرباط في توطيد تعاونها العسكري مع القوى الكبرى، لا سيما واشنطن، التي تعتبر المغرب شريكاً استراتيجياً خارج حلف الناتو.
وقد جاء الإعلان عن هذه الصفقة في وقت حساس دولياً، تزايد فيه الطلب العالمي على منظومة “ستينغر”، لا سيما بعد نجاحها اللافت في الحرب الروسية الأوكرانية، حيث استخدمها الجيش الأوكراني بكثافة في مواجهة المروحيات الروسية والمسيرات، وهو ما دفع دولاً أوروبية مثل ألمانيا وهولندا وإيطاليا إلى التقدم بطلبات شراء عاجلة من نفس الصواريخ عام 2023 بقيمة 780 مليون دولار.
وحسب التقرير، فان النسخة التي طلبها المغرب تُعد من أحدث طرازات “ستينغر”، وتضم مستشعرات مطورة تعزز من دقة التوجيه واستقرار الصاروخ خلال الطيران، ما يمكنه من التعامل مع أهداف سريعة الحركة مثل الطائرات المسيّرة وصواريخ الكروز. كما جرى تحسين برنامج التحكم في الطيران ليوسّع من نطاق الاشتباك ويمنح الصاروخ قدرة أعلى على تتبع أهداف صغيرة في فضاءات اشتباك محدودة.
وقال كريستوفر كاليو، المدير التنفيذي لشركة RTX المنتجة للصواريخ، إن “ستينغر” يعتبر “من أكثر أنظمة الدفاع الجوي المحمولة موثوقية في العالم”، مضيفاً أن “فاعليته في الحروب الحديثة تضعه في طليعة أنظمة الحماية القتالية ضد التهديدات الجوية المعاصرة”.
إضافة إلى الجانب التسليحي، تسعى الصفقة إلى تعزيز التكامل العملياتي بين القوات المسلحة المغربية ونظيرتها الأمريكية، في إطار شراكة استراتيجية طويلة الأمد تشمل تبادل المعلومات، التدريبات المشتركة، والتحديث المستمر للبنية الدفاعية للمغرب.
ويُشار إلى أن المغرب يعتمد بشكل كبير على الأسلحة الأمريكية في تطوير منظومته العسكرية، حيث سبق أن اقتنى مقاتلات F-16 ودبابات أبرامز ومروحيات أباتشي، إلى جانب أنظمة رادارية ومعدات اتصال متطورة.
ويرى مراقبون، أن الصفقة تحوّلاً نوعياً في استراتيجية المغرب الدفاعية، خصوصاً في مجال الدفاع الجوي القصير المدى، كما تعكس موقع الرباط كلاعب إقليمي فاعل يسعى إلى تعزيز أمنه القومي من خلال تحالفات استراتيجية قائمة على الثقة والمصالح المشتركة. كما أن الحصول على هذه المنظومة المتطورة من الصواريخ سيمنح القوات المسلحة الملكية قدرة إضافية على مواجهة التهديدات المعاصرة بكفاءة عالية واستعداد دائم.