كشف أثري جديد .. مستوطنة مصرية تعود لـ3500 عام تحت أطلال يونانية قرب الإسكندرية
في تطورٍ ملحوظ اكتشف علماء الآثار مستوطنة مصرية قديمة تحت أنقاض مدينة يونانية قرب الإسكندرية، مما يُلقي الضوء على حضارة المملكة الحديثة المفقودة منذ زمن طويل.
وفقا لتقرير موقع بوبيولار ميكانيكس، تم اكتشاف هذه المستوطنة، التي يعود تاريخها إلى حوالي 3500 عام، في موقع كوم النجس، وهو موقع أثري لم يُعثر فيه سابقًا إلا على آثار يونانية من عصر الإسكندر الأكبر.إعلان
العصر الذهبي لمصر .. لمحة عن مستوطنة مصرية
لطالما كانت كوم النجس، الواقعة على سلسلة صخرية صحراوية غرب الإسكندرية، بين البحر الأبيض المتوسط وبحيرة مريوط، موضع تساؤل لسنوات عديدة. وبينما ارتبطت معظم الاكتشافات هناك سابقًا بمقبرة يونانية من عهد الإسكندر الأكبر، كشف بحث أعمق أن المنطقة كانت في السابق موطنًا لمستوطنة مصرية مزدهرة.
يُقدم هذا الاكتشاف رؤى جديدة حول عظمة المملكة الحديثة في مصر، التي غالبًا ما تُعتبر ذروة الحضارة المصرية، والتي تميزت بملوك أسطوريين مثل توت عنخ آمون وسيتي الأول ورمسيس الثاني.
اشتهرت المملكة الحديثة، التي ازدهرت من عام 1550 إلى عام 1070 قبل الميلاد، بإنجازاتها الهائلة في العمارة والثقافة والسلطة. وتُقدم المستوطنة المكتشفة في كوم النجس، والتي يعود تاريخها إلى هذا العصر، لمحة نادرة عن الحياة خلال إحدى أكثر فترات مصر ازدهارًا.
القطع الأثرية ورؤى ثاقبة عن الحياة المصرية القديمة
من بين القطع الأثرية المهمة التي اكتُشفت في الموقع بقايا معبد، وأوانٍ فخارية، وأدوات متعلقة بإنتاج النبيذ، بما في ذلك آلة لعصر العنب. يشير هذا إلى أن المستوطنة ربما كانت منخرطة في إنتاج النبيذ، وهو سلعة فاخرة في العالم القديم.
من بين القطع الأثرية المثيرة للاهتمام بشكل خاص، أمفورا، وهي نوع من الأواني الخزفية، مختومة باسم “ميريت آتون”، الابنة الكبرى للفرعون إخناتون ونفرتيتي. يشير اكتشاف هذا الختم إلى أن النبيذ ربما كان ملكًا لإحدى العائلات الملكية، مما يزيد من ارتباط المستوطنة بطبقة النخبة في مصر.
بالإضافة إلى الأمفورا، كشفت أعمال التنقيب عن شظايا من آثار حجرية، بما في ذلك كتلة من أحد المعابد العديدة التي كرّسها رمسيس الثاني العظيم. تُصوّر المنحوتات رع حوراختي، إله الشمس، في هيئته برأس صقر، تذكيرًا بالممارسات الدينية التي ازدهرت خلال عصر الدولة الحديثة.
نظرة على هندسة المستوطنة وتخطيطها
بُنيت مباني المستوطنة من الطوب اللبن، وتشير الأدلة إلى تخطيط مدينة منظم. وتشير بقايا شارع يمتد جنوبًا، تصطف على جانبيه المباني ومجهز بنظام لتجميع المياه، إلى فهم متقدم للتخطيط الحضري. ويثير إعادة بناء المستوطنة عدة مرات احتمال استخدامها بشكل متقطع – ربما كمستوطنة موسمية أو مؤقتة، ربما كانت مرتبطة بالحاميات العسكرية.
استمرار الحفريات.. المزيد لاكتشافه
على الرغم من الاكتشافات الرائعة التي تم الكشف عنها بالفعل، إلا أن علماء الآثار ما زالوا في بداية الطريق لاستكشاف ما قد يكون أحد أهم المواقع الأثرية في مصر. ومن المقرر إجراء المزيد من الحفريات خلال الأشهر المقبلة، على أمل أن تُقدم القطع الأثرية والبقايا الهيكلية الإضافية مزيدًا من الرؤى حول الحياة اليومية والثقافة في هذه المستوطنة القديمة.
رغم أن الكنوز التي عُثر عليها في كوم النجس قد لا تُضاهي الثروة التي اكتُشفت في مقبرة توت عنخ آمون، إلا أنها تُمثل مساهمة كبيرة في فهمنا للحضارة المصرية القديمة. تُبرز الاكتشافات في هذا الموقع التاريخ المُعقد والمتعدد الطبقات لمصر، كاشفةً عن مجتمع ازدهر قبل وصول الإسكندر الأكبر بوقت طويل.
بوابة إلى ماضي مصر
لا يُثري هذا الاكتشاف في كوم النجس فهمنا لمصر القديمة فحسب، بل يُذكرنا أيضًا بالإرث الخالد للثقافة المصرية. ومع استمرار علماء الآثار في عملهم، من المُرجح أن تظهر المزيد من القطع الأثرية الرائعة، مما يُقدم لمحة أعمق عن روعة وحياة حضارة شكلت مسار التاريخ.