اقتراح أمريكي لتخفيف العقوبات على روسيا يثير توترات في محادثات السلام الأوكرانية
القاهرة (خاص عن مصر)- مع استمرار الحرب في أوكرانيا، قدّمت الولايات المتحدة اقتراحًا لتخفيف العقوبات على روسيا لتسهيل التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا.وفقا لتقرير بلومبرج، أثارت هذه الخطة، التي تتضمن تخفيف العقوبات على موسكو مقابل وقف إطلاق نار دائم، جدلًا واسعًا، لا سيما بشأن تداعياتها على سلامة أراضي أوكرانيا وعلاقتها المستقبلية مع حلف شمال الأطلسي (الناتو).إعلانمع استمرار المناقشات في باريس وخارجها، يطرح الاقتراح أسئلةً جوهرية حول مسار السلام والتنازلات التي ينطوي عليها.
اقتراح الولايات المتحدة: إطار عمل للسلام
في 18 أبريل 2025، قدّم مسؤولون أمريكيون اقتراحًا إلى حلفائهم الأوروبيين يُحدد الشروط المحتملة لإنهاء الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا.يهدف الاقتراح في جوهره إلى ضمان وقف إطلاق نار كامل في غضون أسابيع، مع إمكانية تخفيف العقوبات الاقتصادية على روسيا في حال صمود الهدنة.مع ذلك، يأتي الاتفاق مع محاذير هامة: فالأراضي الخاضعة حاليًا للاحتلال الروسي، بما في ذلك شبه جزيرة القرم وأجزاء من دونيتسك ولوغانسك وزابوريزهيا وخيرسون، ستبقى تحت سيطرة موسكو، وستُهمّش طموحات أوكرانيا في حلف الناتو.شملت المناقشات، التي عُقدت في باريس، اجتماعات رفيعة المستوى بين المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالإضافة إلى ممثلين من أوكرانيا وألمانيا والمملكة المتحدة. والهدف الرئيسي هو إنهاء القتال مع التعامل مع الحقائق السياسية والعسكرية المعقدة على الأرض.بينما تُبدي الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون تفاؤلًا بشأن الاقتراح، أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن معارضته الشديدة، لا سيما لأي اقتراح بالتنازل الدائم عن الأراضي الأوكرانية لروسيا.
الشروط الرئيسية لاقتراح السلام
بموجب الإطار المقترح، من شأن وقف إطلاق النار أن يُجمّد الوضع الإقليمي الراهن، مع بقاء الأراضي الأوكرانية التي تحتلها روسيا تحت سيطرة موسكو في الوقت الراهن. كما سيتم سحب عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو هدفٌ سعت إليه أوكرانيا منذ زمن طويل، من طاولة المفاوضات، وهو تنازلٌ أثار غضبًا في كييف.مع ذلك، أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو على أهمية ضمان استدامة اتفاق السلام واحترام سيادة أوكرانيا. وبينما وافقت أوكرانيا على وقف إطلاق النار بشرط أن ترد روسيا بالمثل، لا تزال تفاصيل كيفية تطبيقه غير واضحة. ومن أهم جوانب الخطة إدراج قوة لحفظ السلام، تُكلَّف بمراقبة وقف إطلاق النار وضمان التزام الطرفين ببنوده.
المعارضة والمخاوف الأوكرانية
واجه الاقتراح انتقاداتٍ شديدة من المسؤولين الأوكرانيين، حيث رفض الرئيس زيلينسكي بشدة أي فكرة عن التنازل عن الأراضي. وفي ردٍّ حادٍّ على المحادثات التي تقودها الولايات المتحدة، صرّح زيلينسكي بأن أوكرانيا لن تعتبر أراضيها ملكًا لروسيا أبدًا، مؤكدًا أنه لن تُجرى أي مناقشات بشأن التنازلات الإقليمية حتى يتم تثبيت وقف إطلاق النار بشكل كامل.كما انتقد المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، متهمًا إياه بتبني استراتيجية مدعومة من روسيا تُقوّض وحدة أراضي أوكرانيا.تُبرز تصريحات زيلينسكي الانقسامات العميقة حول مستقبل الأراضي الأوكرانية. ولا تزال كييف متمسكة بموقفها الراسخ بأن أي اتفاق سلام يجب أن يصون سيادتها الإقليمية، دون أي مجال للتفاوض بشأن المناطق التي تحتلها القوات الروسية.اقرأ أيضا.. ثغرات العمود الفقري المالي الأمريكي.. كيف ستتطور أزمة الدولار؟
دور العقوبات والضمانات الأمنية
من السمات الأساسية للاقتراح تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على روسيا في حال الاتفاق على وقف إطلاق النار والحفاظ عليه.تُعدّ هذه العقوبات، التي شلّت الاقتصاد الروسي، نقطة ضغط مهمة في المفاوضات. ومع ذلك، فإن رفع العقوبات في ظل استمرار احتلال روسيا لأجزاء كبيرة من الأراضي الأوكرانية يُشكّل تحديًا، لا سيما بالنسبة لأعضاء الاتحاد الأوروبي الذين سيحتاجون إلى الموافقة بالإجماع على مثل هذه الإجراءات.بالإضافة إلى تخفيف العقوبات، يتضمن الاقتراح تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، على الرغم من أن تفاصيل هذه الضمانات لم تُحدّد بالكامل، أكد المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون على ضرورة تقديم ضمانات أمنية قوية لضمان صمود أي اتفاق سلام على المدى الطويل.مع ذلك، وكما أقرّ روبيو، يجب أن تكون هذه الضمانات الأمنية مقبولة لدى كل من أوكرانيا والمجتمع الدولي الأوسع.
التحديات المقبلة: مسألة ثقة وصبر
تمر محادثات السلام بمرحلة حرجة، حيث تستعد جهات فاعلة رئيسية من الولايات المتحدة وأوروبا وأوكرانيا لمزيد من المناقشات في لندن. وبينما تسعى الولايات المتحدة جاهدةً للتوصل إلى حل سريع، أوضح روبيو استعداد الولايات المتحدة “للمضي قدمًا” في المفاوضات إذا لم يُحرز أي تقدم في الأسابيع المقبلة.يشير هذا التصريح إلى تزايد نفاد الصبر في واشنطن، حيث يتوق المسؤولون إلى رؤية نتائج ملموسة لجهودهم الدبلوماسية.مع ذلك، فإن تعقيد الوضع وانعدام الثقة العميق بين الطرفين يجعلان من غير المرجح تحقيق انفراجة بسهولة. تُبرز الهجمات الصاروخية الروسية المستمرة على المدن الأوكرانية، بما في ذلك الهجوم القاتل على سومي في 13 أبريل، التحديات المستمرة أمام التوصل إلى وقف إطلاق النار.