انفلات الأسعار يلتهم أحلام الإصلاح الاقتصادى

 

4 مستهدفات للشركة فى عام 2025

إذا أردت أن تعرف من أنت، فلا تطرح السؤال.. بل ابدأ، فهويتك تُكتب بخطواتك، لا بالكلمات ولا الأمانى.. لا تخف من خوض المجهول، ففى كل تجربة جديدة تكتشف قدراتك، وتدرك أنك أقوى مما كنت تظن، فالمستحيل ليس سوى حد تخليت يوماً عن تجاوزه.. مع كل إشراقة شمس بداية لصفحة جديدة فى كتابك، لا تكتب فيها ما يؤلمك، بل ما يلهمك.. اجعله فصلاً نقياً تُدوّن فيه خطواتك نحو الحلم، وتترك فيه بصمتك على درب النجاح.. وكذلك محدثى يؤمن أن الأحلام لا تُقطف إلا بعد طول سعى.

ازرع فى أرضك بذور الإصرار، واسقها بماء الطموح، وانثر فوقها نور الأمل.. لتخلق حقلاً خصباً ينمو فيه النجاح، وتثمر فيه أحلامك واقعاً ناضجاً، وعلى هذا كانت مسيرة محدثى منذ الصبا.

سيد أيوب، العضو المنتدب لشركة تايكون لتداول الأوراق المالية ونائب رئيس مجلس إدارة شركة الإسكندرية الوطنية للاستثمارات المالية.. أفكاره تتحدث بلغة النجاح، قوة إرادته تكمن فى قدرته على تحديد المسار، فى قاموسه أن أعظم الإنجازات تتولد من التحديات، والتوقف عن السعى يعنى فقدان الفرص.

بالمنطقة النابضة بالخضرة والجمال، وعلى مساحة 150 متراً، يمتد مشهدٌ طبيعى، تتزين الأرض بأحواض عشبية ناعمة، تتناثر بينها النباتات العطرية والورود بألوانها الزاهية، لتشكل معاً لوحة فنية تنبض بالحياة، يحيط بالمكان سور خرسانى، وشبكة حديدية تحفظ الخصوصية وتضفى لمسة تنظيم. وبين الأحواض، تنساب ممرات جيرية بيضاء تُضفى على المشهد رونقا، يجعل من المكان ملاذاً لكل باحث عن الصفاء.

الواجهة صممت بأسلوب هندسى راقٍ، عند المدخل الرئيسى لون هادئ يطغى عليه البيج، يعكس دفء المكان وهدوءه. تزيّن الحوائط رسومات تراثية تحكى عن عصور مضت، وتحمل بين خطوطها حكايات مجتمعات بسيطة عاشقة للحياة.. تتوزع اللوحات والأنتيكات والفازات النادرة بين الممرات بدقة، تضيف طابعاً تاريخياً أصيلاً.. بالطابق العلوى، تتجلى غرفة المكتب بهدوئها وبساطتها، تصميمها بعيد عن التكلف، لوحات معلقة على الجدران تحكى بفخر مسيرة أسرته الناجحة، بينما تتراص الكتب والمجلدات على الأرفف الخشبية بعناية، على سطح المكتب، تنتظم القصاصات الورقية كأجزاء من لوحة فكرية متكاملة، كل ورقة تدون تقييماً دقيقاً.. هناك، تستقر أجندة الذكريات، كتابه الخاص، يحتضن محطات رحلته الطويلة، بكل ما فيها من عثرات تجاوزها وتجارب شكّلت ملامح نجاحه.. يفتتح مذكراته بكلماتٍ صادقة وعميقة بقوله.. «الصديق المخلص هو الذى يضىء الدروب، والسند الذى لا يتزعزع».

هادئ فى تحليله، دقيق فى تعبيراته، يستند إلى الأرقام لتعزز تفسيراته، ويجعل من المنطق رفيقاً دائماً فى قراراته، رؤية تحمل التفاؤل للمشهد الاقتصادى، يرى أن الاقتصاد الوطنى قد واجه العديد من الأزمات والمتغيرات الخارجية، والتى كان لها الأثر البالغ، مما حال دون تحقيق تعافٍ اقتصادى كامل، ورغم التحديات الداخلية التى تلقى بثقلها على كاهل الاقتصاد، من اضطرابات فى سعر الصرف، وتصاعد أعباء الاقتراض الخارجى، إلى الارتفاعات المتلاحقة فى معدلات التضخم، إلا أن رؤية الرجل تنبض بالتفاؤل حيال المستقبل القريب، ويستند هذا التفاؤل إلى الزيادة الكبيرة فى تدفقات الاستثمارات الأجنبية والعربية، والتى من شأنها أن تُحدث أثراً إيجابياً على قيمة العملة المحلية، خاصة أن تطبيق سياسة مرونة سعر الصرف يتطلب بالضرورة توافر وفرة مستدامة من العملة الصعبة.

وتابع أنه «رغم المساعى التى بذلتها الحكومة لتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادى، إلا أن نجاحها لم يكتمل، إذ اصطدمت بواقع معاناة الأغلبية من تصاعد الأسعار وتفاقم معدلات التضخم، ولا سيما الطبقة المتوسطة التى تعانى الزيادات المستمرة فى تكاليف المعيشة فى ظل غياب رقابة فعالة على الأسواق، وتهميش دور الخبراء والمتخصصين فى توجيه السياسات الاقتصادية».

يعرض تحليله بشفافية تامة، دون تزيين، يتبين ذلك بوضوح فى تناوله لملف السياسة النقدية. إذ يرى أن اتجاه البنك المركزى إلى رفع أسعار الفائدة فى الفترة الماضية لم يكن هدفه الحفاظ على تدفقات الأموال الساخنة، بل جاء استجابة مباشرة لكبح جماح التضخم والحد من آثاره السلبية. كما يرجّح أن خفض أسعار الفائدة، معدلات تدريجية، لضمان تحقيق توازن دقيق بين استقرار سعر الصرف وتعافى العملة المحلية.

• إذن ما سر التفاؤل بتحقيق معدلات نمو فى الاقتصاد خلال الفترة القادمة؟

– بثقة وموضوعية يجيبنى قائلا إن «التزام الحكومة بتنفيذ متطلبات وشروط صندوق النقد الدولى يعكس جدية مسار الإصلاح الاقتصادى، خاصة أن هذه الخطوات ستدفع الصندوق إلى صرف الدفعات المتبقية من القرض الممنوح للحكومة، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار والنمو».. متوقعاً أن تبدأ نتائج هذه الإصلاحات بالظهور الفعلى خلال عام 2026، بشرط أن تهدأ الأوضاع الإقليمية، وتنحسر حدة الصراع التجارى بين كبرى الاقتصاديات العالمية.

السعى والاجتهاد سِمتان بارزتان فى شخصيته، ويبدو ذلك فى تحليله لملف الأموال الساخنة.. يرى أن خروجها من السوق خلال الفترة الماضية لم يكن دائماً، بل ظرفياً ومؤقتاً، مرجّحاً عودتها بقوة إلى السوق المحلى مع تحسن الأوضاع العالمية واستقرار المتغيرات الخارجية، مشيراً إلى أن جزءًا من هذه الأموال قد لا يعود بالشكل التقليدى، بل مرشّح للتحول إلى استثمارات أجنبية مباشرة، وهو ما يمثل قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطنى ويعزز من قوة السوق المحلى على المدى الطويل.

المثابرة من السمات المكتسبة من والده، يتكشف ذلك بوضوح فى تحليله لملف الاقتراض الخارجى. حيث يؤمن بأن الحل لا يكمن فى المزيد من الديون، بل فى اتخاذ خطوات عملية ومستدامة، وعلى رأسها توسع الحكومة فى التخارج وبيع الأصول غير الحيوية، كخيار استراتيجى لسد فجوة عجز الموازنة والوفاء بالالتزامات المالية، حيث إن هذا النهج سيسهم بشكل مباشر فى تخفيف الضغوط الواقعة على الاقتصاد، ويعيد ترتيب الأولويات المالية بصورة أكثر كفاءة واستدامة.

• إذن ما تقييمك لمسار ملف السياسة المالية بعدما بات أكثر مرونة؟

– علامات ارتياح ترتسم على ملامحه قبل أن يجيبنى قائلا إن «الملف شهد مرونة كبيرة، مؤخرا فى ظل إعفاءات ضريبية، وتسهيلات للممولين، بما يسهم فى استقطاب للاستثمارات، والتوسع فيها سواء استثمارات أجنبية أو محلية، مما يمنح ميزة تنافسية للسوق المحلى، مع أيضاً التوسع فى الشمول المالى، والعمل على ضم الاقتصاد غير الرسمى إلى المنظومة الرسمية، والذى ظل فترة طويلة يمثل نسبة كبيرة من الاقتصاد، حيث إن الوصول إلى أكبر قطاع من هذا الاقتصاد، يسهم فى زيادة كبيرة فى الحصيلة الضريبية».

يفتش عن الأفكار الجديدة، ويحرص على أن تحمل تحليلاته قيمة مضافة، عند الحديث عن ملف الاستثمار الأجنبى المباشر، يزداد تركيزه، حيث يرى أن الدولة بحاجة إلى تقديم حزمة أكثر جاذبية من المحفزات للمستثمرين، تشجعهم على ضخ رؤوس أموالهم فى السوق المحلى والتوسع فيه بثقة، ويرى أيضاً أن دراسة التجارب الناجحة لدول الجوار فى استقطاب الاستثمارات الأجنبية يمكن أن توفر للدولة رؤى عملية قابلة للتطبيق. كما يشير إلى أن تدفق الاستثمارات العربية لا يقتصر أثره على دعم الاقتصاد، بل يسهم كذلك فى تقليل الحاجة إلى الاقتراض الخارجى، وهو ما بدأ ينعكس بالفعل على تحسن التصنيف الائتمانى للدولة، إلى جانب خلق فرص عمل جديدة تسهم فى خفض معدلات البطالة تدريجياً.

لا يزال دور القطاع الخاص محل جدل مستمر بين الخبراء والمراقبين، وسط تباين فى الآراء بشأن مدى فاعليته والتحديات التى يواجهها، غير أن محدثى يمتلك رؤية مختلفة فى هذا الصدد، إذ يؤكد أن القطاع الخاص يمثل ركيزة أساسية فى بنية الاقتصاد الوطنى، ويسهم بنسبة كبيرة فى الناتج المحلى الإجمالى. لكنه فى الوقت ذاته، يواجه ضغوطاً حادة نتيجة ارتفاع معدلات التضخم وتزايد تكلفة الأجور، مما يحد من قدرته على التوسع والنمو. ومن هنا، يرى أن دعم الحكومة للقطاع بات ضرورة، من خلال تخفيف أعباء تكاليف الطاقة والكهرباء، بما يتيح له استكمال دوره الحيوى فى دفع عجلة التنمية الاقتصادية.

حصيلة طويلة من التجارب العملية صقلت خبراته، وهو ما يبدو فى نظرته لملف برنامج الطروحات الحكومية. إذ يميل بوضوح إلى خيار الطرح لمستثمر استراتيجى، باعتباره الأنسب فى المرحلة الحالية، خاصة فى ظل الحاجة الملحة لتوفير العملة الصعبة، ويرى أيضاً أن الطرح فى البورصة، رغم أهميته، يستغرق وقتاً طويلاً لا يتناسب مع وتيرة الاحتياجات الراهنة، فضلاً عن أن الظروف الإقليمية المضطربة لا تشجع على اكتتابات جديدة فى سوق الأسهم.. كما يشير إلى أن المبالغة فى تقييم أسعار الأسهم المطروحة تمثل عقبة إضافية أمام إنجاح هذا المسار.

• كيف تستعيد البورصة المصرية ريادتها فى المنطقة؟

– لحظات صمت تسود المكان قبل أن يجيبنى قائلا إن «البورصة فى حاجة إلى المزيد من التسهيلات لاستقطاب الشركات للقيد والطرح بسوق الأسهم، والعمل على تفعيل المنتجات المالية المتنوعة، بما يسمح بجذب شرائح المستثمرين المختلفة».

الثقة بالنفس نقطة البداية لأى إنجاز حقيقى. التجارب الجديدة هى بوابات التغيير، وهو ما تحقق خلال مشواره، نجح مع مجلس الإدارة فى تحقيق استراتيجية الشركة، والتى اعتمدت بالحفاظ على ترتيب الشركة، فى المراكز المتقدمة، خاصة على مستوى الأفراد، وكذلك العمل على توسع قاعدة المتداولين بنسبة 75%، وجذب المزيد من المستثمرين، عبر «موبايل أبلكيشن»، بالإضافة إلى النمو الكبير فى المركز المالى بنسبة تجاوزت 40%.. من خلال عمله يقدم إضافة حقيقية وترك بصمة لا تُنسى وهو ما يسعى إليه عبر تحقيق 4 مستهدفات للشركة خلال عام 2025 تتركز على التطوير المستمر للبنية التكنولوجية، لزيادة قاعدة العملاء المحليين والأجانب، وكذلك دراسة التوسع فى فروع الشركة بدول الخليج، والعمل على نشر الثقافة المالية بين شرائح المجتمع، وطلاب الجامعات.

يختلف عن الآخرين.. وهو سر تميزه، يحث أولاده على الرضا، والسعى والاجتهاد، لكن يظل شغله الشاغل الحفاظ مع مجلس الإدارة على ريادة الشركة.. فهل يستطيع ذلك؟