مختار غميض: هل يتم توحيد الحكومتين في ليبيا؟

مختار غميض: هل يتم توحيد الحكومتين في ليبيا؟

 

مختار غميض

تحركات أممية وعسكرية وأمنية وسياسية في ليبيا، هل تتقاطع كل هذه المسائل لإيجاد مخرج جديد نحو حكومة ليبية موحدة أم تتصارع نحو تصعيد جديد؟
ما علاقة وصول الأسطول الأمريكي السادس إلى طرابلس ثم بنغازي؟
انتهاء بتصريحات السيدة هانا تيتيه الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا خلال إحاطتها الأيام الأخيرة أمام مجلس الأمن، ودعوتها إلى توحيد المؤسسات وإنهاء الإجراءات الأحادية شرقيا وغربا.
تفاهم بين مجلسي النواب والدولة لتعيين المناصب السيادية، وفق الاتفاق السياسي، بما يضمن الكفاءة والحياد في الاختيار.
البعثة الأممية طالما أعربت عن عدم ارتياحها لحالة التصعيد والاحتقان الأمني الذي يوازيه تحركات عسكرية بمناطق حفتر جنوبا وغربا بمناطق حكومة طرابلس.
فمنطقة القطرون، عرفت مؤخرا توترا داميا بين قوات حفتر نفسها، شق موال لصدام نجل حفتر وآخر موال للواء حسن الصادمة، على إثر قرار بهيكلة اللواء في الجنوب، وحصر عملياته بالجفرة.
لكن رغم إشارة أمين عام الأمم المتحدة إلى هشاشة الوضع إلا أن أي إجراءات لم تتخذ في اللجنة العسكرية المشتركة، مما أثار الجدل حول إمكانية التحشيد العسكري خاصة بعد الدفع بقوة تتبع محمد المزوغي آمر الكتيبة 77 الموالية لحفتر إلى القطرون، مما قد يزيد في ضراوة المواجهات خاصة مع الاحتكاك بالمنطقة الغربية.
غير أن وصول السفينة الأمريكية ماونت ويتني بقيادة نائب الأدميرال جيه تي أندرسون، قائد الأسطول السادس الأمريكي، إلى العاصمة طرابلس ثم بنغازي قد يؤشر إلى وجود خارطة طريق جديدة.
البيان الصادر عن السفارة الأمريكية قال إن الغاية من إرسال السفينة والاجتماعات هو تأمين المنطقة وتعزيز التعاون الأمني والإقليمي، دون توضيح أكثر.
لكن يبدو أن الإشارة واضحة إلى النفوذ الروسي المتزايد.
تزايد النفوذ الروسي منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق خريف 2020 ، ويزداد أكثر وفق عدة تقارير غربية، بعد نقل روسيا معدات وقيادات من سوريا إلى ليبيا ومطالبتها بإحداث موانئ وقواعد صحراوية وساحلية لتعزيز نفوذها نحو الداخل الإفريقي.
لذلك تحاول الولايات المتحدة منافسة الروس لكن دون التورط في تأجيج الوضع العسكري، وذلك عبر الضغط على الفيلق الروسي لتقليص دوره عسكريا مع المحافظة على استثماراتها الاقتصادية في قطاعات مثل النفط والغاز.
قد يعتبر البعض أن الزيارة الأمريكية في هذا التوقيت هي رسالة إلى طرابلس والغرب الليبي فحسب، هذا أمر وإن كان صحيحا فإنه لا يمكن استثناء الشرق الليبي والمنطقة عموما حيث أن السفينة كانت قد رست في ميناء حلق الواد قبل أن تسلم تونس زورقين لخفر السواحل، ثم مواصلة سيرها إلى ليبيا.
بالتالي، قد قد نرى قادم الأيام، نتائج هذه الزيارة المهمة وغير المسبوقة للأسطول الأمريكي التي أثارت ضجة كبيرة في الأوساط السياسية، في وقت تشهد المنطقة توترا كبيرا حيث تشارك أمريكا حاليا في حرب واسعة بالشرق الأوسط.
ورغم التكتم الرسمي على فحوى اللقاءات مع الاجتماعات الكبيرة بين قادة الأسطول السادس والأطراف السياسية والعسكرية الليبية، فإن ذلك يعني حتما أن أمريكا تسعى إلى تثبيت وضع الاستقرار على حاله شرقا وغربا ووأد التصعيد.
أما سياسيا فقد يبدأ الحديث قادم الأيام، عن تكوين حكومة ليبية جديدة لدمج حكومة السيد حماد والسيد الدبيبة كمنطلق لفترة انتقالية جديدة.
فالجميع يتحدث عن انتخابات عامة، لكن الجميع أيضا يدرك صعوبة إجرائها، بل كيفية إجرائها، وقد أقرت ممثلة الأمين العام الأممي هانا تيتيه أنه لم يتم احترام نتائج الانتخابات البلدية في بعض الأماكن وتم تزويرها من سلطات الأمر الواقع.
بالتالي فإن زيارة الأسطول السادس بمثابة رسالة طمئنة بالحفاظ على الوضع القائم عبر ترضيات سياسية، لكن نحو مزيد من التوحيد والاستقرار.
وفي المحصلة فإن الزيارة الأمريكية لا تخرج عن فرض إملاءات أو تدخلات على الأقل ضمن تدخلات لاعبين آخرين، هم روسيا، وتركيا، خاصة كما ذكرنا مع ازدياد نفوذ الفيلق الروسي وأخيرا تجدد مخاوف أمريكية قديمة من حدة المنافسة التركية، بعد زيارة نجل قائد القوات المسلحة الشرقية، صدام حفتر إلى تركيا في لقاء كبير.
عنوان تلك اللقاءات الأبرز كان توقيع اتفاقيات تعاون عسكرية للتدريب العسكري وخاصة للتسليح وإبرام صفقات لشراء مسيرات تركية على غرار ما تم مع الحكومة في طرابلس.
كل تلك التطورات تؤكد أن الملف الليبي لا يزال يسيل لعاب القوى الكبرى في مطامعه، مع ملاحظة تراجع الدور المصري نسبيا ربما لانشغالها بما يجري على حدودها مع فلسطين المحتلة.
كاتب تونسي