مراهقون يعترفون بتأثير وسائل التواصل السلبي ويقللون استخدامها

مراهقون يعترفون بتأثير وسائل التواصل السلبي ويقللون استخدامها

في وقت تتصاعد فيه الضغوط على شركات التواصل الاجتماعي لحماية الصحة النفسية للمراهقين، يكشف تقرير جديد من مركز “بيو” للأبحاث عن تحول لافت في نظرة هذه الفئة الشابة إلى المنصات الرقمية. فبينما ظل الجدل العام يتمحور حول دور التكنولوجيا في حياة الأطفال والمراهقين، يبدو أن الوعي يتسلل إلى داخل الفئة المستهدفة نفسها، التي بدأت تدرك حجم التأثير – وأحياناً الخطر – الذي تشكله هذه الوسائل على حياتها اليومية.

وفقاً للاستطلاع الذي أجراه المركز على عينة شملت 1391 مراهقاً وأحد والديهم في الولايات المتحدة، فإن 48% من المراهقين يرون أن وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير “سلبي في الغالب” على أقرانهم، وهي زيادة كبيرة مقارنةً بنسبة 32% فقط عام 2022. في المقابل، انخفضت نسبة من يرون أن هذه المنصات “إيجابية في الغالب” من 24% إلى 11% فقط خلال الفترة ذاتها.

من اللوم الجماعي إلى الإدراك الذاتي

ورغم أن المراهقين أبدوا تشككًا متزايدًا حيال تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الآخرين في سنهم، إلا أنهم بدوا أقل قسوة تجاه أنفسهم. حيث أشار 14% فقط إلى أن هذه المنصات تؤثر عليهم هم شخصياً بشكل سلبي. التقرير لم يوضح سبب هذا التباين، لكنه أشار إلى تنامي الوعي المجتمعي بالمخاطر المرتبطة باستخدام هذه الوسائل، خاصة بعد تحذيرات صدرت عن الجراح العام الأمريكي عام 2023.

قلق متزايد بشأن الوقت والصحة النفسية

أحد أبرز ما سلط عليه التقرير الضوء هو وعي المراهقين المتزايد بمقدار الوقت الذي يمضونه على وسائل التواصل الاجتماعي. فقد أقر 45% منهم بأنهم “يقضون وقتًا طويلاً جداً” على هذه المنصات، وهي نسبة قفزت من 27% فقط في العام السابق. كما أفاد 45% أن استخدامهم يؤثر سلبًا على نومهم، بينما أشار 40% إلى انخفاض إنتاجيتهم بسبب التواجد المكثف على هذه التطبيقات. في مؤشر إيجابي، قال 44% إنهم بدأوا بالفعل تقليص استخدامهم للهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي.

رسالة للمشرعين وصناع السياسات

تأتي هذه البيانات في وقت يتزايد فيه الضغط على الحكومات والجهات التنظيمية لاتخاذ إجراءات ملموسة ضد التأثيرات السلبية للتكنولوجيا على الصحة النفسية للأطفال والمراهقين. وقد اقترح بعض المشرعين مؤخراً فرض حظر كامل على وصول الأطفال دون سن معينة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، أو على الأقل فرض قيود صارمة على استخدامها.

لكن الأهم من ذلك أن التقرير يشير إلى أن المراهقين أنفسهم بدأوا في تقييم عاداتهم الرقمية بعين نقدية، وربما هذا هو التطور الأكثر دلالة في هذه المعركة المستمرة. ففي عالم تُتهم فيه التكنولوجيا بتهديد التوازن النفسي والاجتماعي للشباب، قد يكون وعي المستخدمين أنفسهم هو أول خطوة حقيقية نحو التغيير.

وسائل التواصل الاجتماعي لم تعد تُنظر إليها بنفس البراءة أو الحماس الذي كانت تحظى به بين المراهقين. وبينما يستمر الجدل العام حول فوائدها ومخاطرها، يبدو أن صوت المستخدمين الأصغر سناً بدأ يعلو – لا بالصراخ، بل بالاعتراف والتغيير.