الحصار والإبادة الإسرائيليان يحوّلان الطفل أسامة إلى هيكل عظمي بغزة

غزة/ محمد ماجد/ الأناضول
على سرير بأحد مستشفيات جنوبي قطاع غزة، يرقد الطفل أسامة الرقب (4 أعوام) كهيكل عظمي، وهو في وضع مأساوي يعكس الانهيار الصحي والمعيشي الذي خلفته حرب الإبادة والحصار الإسرائيلي على القطاع.
كان أسامة حتى وقت قريب، طفلا يتمتع بصحة جيدة، لكن ظروف الإبادة الجماعية ونقص الغذاء والدواء، تسببت في تدهور حالته إلى حد بات فيه وزنه لا يتجاوز 9 كلغ، في حين أن متوسط وزن طفل في مثل عمره لا يقل عن 16 كلغ.
وداخل مستشفى ناصر في مدينة خان يونس (جنوب)، ظهر الطبيب أحمد الفرا، في مقطع فيديو نشرته وزارة الصحة بغزة، وهو يشرح حالة الطفل الذي يرقد بلا حراك، فاقدا للقوة، وسط عجز المستشفى عن تقديم الرعاية اللازمة له بسبب نفاد المستلزمات الطبية.
ويظهر الفيديو عظام صدر الطفل وبطنه بشكل بارز، بينما تحدق عيناه الواسعتان بالألم والضعف.
** 9 كلغ
وقال الطبيب الفرا، في المقطع المصور: “أسامة الرقب، 4 سنوات، من أشد حالات سوء التغذية التي نراها في قطاع غزة”.
وأضاف: “الوزن المتوقع لطفل في عمره يتراوح بين 15 إلى 16 كلغ، بينما وزنه الحالي 9 كلغ فقط، وضعه مأساوي للغاية، وهو من أسوأ حالات سوء التغذية التي تعاملنا معها”.
وأوضح الطبيب أن الطفل يعاني من هزال شديد، نقص في النسيج الشحمي، فقر دم حاد، نقص في الفيتامينات، وتعب شديد.
وقال: “السبب في هذا التدهور الكارثي هو إغلاق المعابر، وعدم توفر الغذاء والعلاج، فالطفل بحاجة إلى حمية غذائية عالية من البروتين، ولو توفرت له تلك العناصر لما وصل إلى هذه الحالة”.
** موت بطيء
إلى جانب سرير أسامة، تقف والدته التي كانت تنظر في صورة له قبل الحرب، حيث كان يتمتع بصحة ونشاط طبيعيين.
وأوضحت والدة أسامة، في المقطع المصور، أن حالته الصحية تدهورت بسبب إغلاق إسرائيل للمعابر، والحرب المستمرة التي تسببت في نقص حاد في المواد الغذائية.
وقالت: “لا يوجد بيض، ولا حليب، ولا لحوم، كل الأشياء التي تعطينا الطاقة مفقودة”.
وأضافت أن طفلها “يعاني من موت بطيء”.
وناشدت الأم، المنظمات الدولية بأن تهب لإنقاذ حياة طفلها وتمكينه من السفر خارج قطاع غزة لتلقي العلاج.
ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تواصل إسرائيل إغلاق معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، ما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين وفق ما أكدته تقارير حكومية وحقوقية ودولية.
بينما حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، من اقتراب غزة من حالة “الجوع الشديد للغاية” جراء استمرار الحصار الإسرائيلي.
هذه المرحلة الجديدة من المجاعة، تأتي في وقت لم يتعافَ فيه أصلا فلسطينيو غزة من موجة سابقة، إذ عمدت إسرائيل خلال عام ونصف من الإبادة إلى تقنين المساعدات الواصلة إلى القطاع ما حرم مئات الآلاف من العائلات الفقيرة الحصول على حصصها الغذائية المجانية.
وبنهاية 1 مارس/ آذار 2025 انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين “حماس” إسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أمريكي، والتزمت به الحركة الفلسطينية.
لكن نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، تنصل من بدء مرحلته الثانية، واستأنف الإبادة الجماعية بغزة في 18 مارس، استجابة للجناح الأشد تطرفا في حكومته اليمنية، ولتحقيق مصالحه السياسية، وفق إعلام عبري.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.