لقاء الحضارات

عشق رؤساء فرنسا وشعبها لمصر ليس صدفة وإنما هو ارتباط حضارات، فشغف الفرنسيين بالحضارة الفرعونية لا ينتهى، بل يزداد مع مرور الوقت، وليس أدل على ذلك من حرص الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون على أن تكون محطته الأولى فى زيارته الحالية للقاهرة هى المتحف المصرى الكبير.. ماكرون ليس أول رئيس فرنسى يقع فى هوى الآثار الفرعونية بل سبقه الرئيس الراحل فرانسوا ميتران، الذى كان يحرص على قضاء عطلات الكريسماس فى أسوان وزار مختلف المواقع الأثرية فى مصر..
الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزى قضى الكثير من العطلات فى الأقصر برفقة زوجته، سواء خلال وجوده فى الحكم أو بعد مغادرته قصر الإليزيه.. زيارة ماكرون، للمتحف المصرى الكبير، وقيامه بجولة بين مقتنياته، وانبهاره الشديد بالمعروضات التى تنتمى لمختلف الحضارات التى تعاقبت على مصر دليل على معرفه وفهم رئيس فرنسا لمصر وللحضارة المصرية.. هذا عن مصر أما فرنسا هى واحدة من أكثر البلدان زيارة فى أوروبا! باريس هى واحدة من أجمل مدن العالم. تشتهر فى جميع أنحاء العالم بمتحف اللوفر وكاتدرائية نوتردام وبرج إيفل. باريس مدينة رومانسية وثقافية، فمصر وفرنسا هما تاريخ حافل من الثقافة والمعرفة والحضارة.. ولكن ما حدث فى زيارة ماكرون الحالية لمصر يعد المرة الأولى التى يصطحب الرئيس عبدالفتاح السيسى نظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون فى جولة سياحية بمنطقة الحسين وخان الخليلى، أحد أقدم الأسواق التاريخية فى العالم، حيث قاما بجولة وسط أجواء شعبية وتاريخية نابضة بالحياة، وشاهدا الحرف اليدوية المصرية الأصيلة.
واختتما الجولة بعشاء مصرى وضيافة مصرية خالصه فى مطعم «نجيب محفوظ»، الذى يحمل اسم الأديب العالمى الحائز على جائزة نوبل فى الأدب، قهوة نجيب محفوظ تجمع بين الأجواء التراثية الراقية والمذاق المصرى الأصيل.. زيارة الرئيس الفرنسى لخان الخليلى عكست الطابع الإنسانى والثقافى للعلاقات المصرية الفرنسية، وأبرزت الوجه الحضارى للقاهرة.. خان الخليلى كان وما زال وسيبقى مصدر إلهام للعديد من الكتاب والأدباء أبرزهم الأديب الكبير نجيب محفوظ الذى ألف إحدى رواياته التى تدور أحداثها بالحى وتحمل اسمه «خان الخليلى».. خان الخليلى العتيق، والذى تجاوز عمره ستمائة عام والذى سمى بهذا الاسم نسبة إلى منشئه الشريف (الخليلي) وهو من الخليل بفلسطين المحتلة وكان شهبندر التجار أيام العصر المملوكى.. اصطحاب الرئيس السيسى لضيفه الرئيس الفرنسى ماكرون فى فسحة للقاهرة الفاطمية القديمة وشوارعها الدقيقة وحاراتها ومحلاتها وزحامها الشديد وسط المواطنين الذين حرصوا على أن يتصورها «سيلفى» مع الرئيسين شىء من الخيال.. تأمين زيارة لحى شعبى سياحى مزدحم وكثافة سكانية عالية يعنى مصر بلد الأمن والأمان وتصديقًا لقول رب العزة فى كتابه الكريم وفى سورة يوسف «ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ».
أما الرسالة الثانية فهى ترويج لمصر ولسياحة بلدنا بالمجان وما كتبه الرئيس الفرنسى وما رفعه من صور على حسابه وصفحته الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعى خلال جولته فى معالم مصر السياحية وتراثها وحفاوة الاستقبال وبراعة التأمين وجمال بلدنا له مكاسب عديدة يعجز الكلام عن حصرها.. ما شهده العالم من جمال لبعض معالم مصر الحضارية والأثرية يدعونا إلى مطالبة الحكومة بالكف عن هدم أو إزالة أى أثر تاريخى أو معلم حضارى لشق طريق أو بناء كوبرى أو بناء هياكل خرسانية تشوه وجه مصر الحضارى.
شكرًا لكل من خطط لهذه الزيارة وشكرًا لمن تحمل عبء تأمين هذه الزيارة وشكرا لشعب مصر العظيم الذى احتضن هذه الزيارة.
[email protected]