“بينَ بواباتِ القدس”.. مجموعة قصص جديدة لصبحي فحماوي

عمّان ـ “راي اليوم”:
يواصلُ الرّوائي والقاص والأديب الأردني صبحي فحماوي انحيازه لفلسطين بوصفها قضيّة وطنية، من خلال مجموعته القصصيّة الجديدة “بين بوابات القدس”، والتي ارتأى إهداءها “إلى غزّة، التي فجّرتَ دُمّلاً بحجمِ دولةٍ أسيرةٍ، فسال منه فيضٌ كبيرٌ من الصَّدِيدِ، ألهب حوله سطح الكرة الأرضية، فأعاد لها بعض صحتها”.
وتقدم المجموعة صورة بانورامية للحياة الاجتماعية للناس خلال العدوان الصهيوني على غزّة، وعمّا يفعله بالناس بشكلٍ مباشرٍ، بل ، بما فيها من تفاصيل، غير أن العدوان الصهيوني يجعلها حياة معجونة بالمعاناة والألم والفقد، وهكذا يطلقُ فحماوي صرخته ضدّ هذا العدوان الشّرس بشكلٍ فني، وضدّ ممارساته الهمجيّة في حقّ الناس، بعيدًا عن الخطابيّة المباشرة.
وقد صدرت المجموعة اليوم عن دار «الآن ناشرون وموزعون»، في عمّان، وجاءت بعيدة عن التكلّف، لصالح قربها من اليومي والمعيش، كما تمّ توظيف الكثير من الكلمات والعبارات الدارجة على ألسنة العامة في قصص المجموعة، في حين كانت الأمثال الشعبية حاضرة بقوّة بين ثنايا المجموعة.
أولى قصص المجموعة جاءت بعنوان “التوأمان”، في إحدى وعشرين صفحة، وتتحدّث عن “منير جبران”، أحد سكان مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزّة، ومعاناته في مختلف تفاصيل الحياة اليوميّة، أسوة بسكّان القطاع جميعهم، “بسبب الحصار المفروض على القطاع من جميع الجهات؛ الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية، والمختوم بقُبّة سماوية تُغطي قِدْرَ القطاع الذي داخلهُ يغلي”.
وكان “منير” قد رُزق بمولودين توأمين: ذكر وأنثى، بعد سبع سنوات من الانتظار، وفي حين يعيشُ الناسُ حيوات يومية بشكل بسيطة، نجدها تتعقّد تدريجياً في ظل العدوان الصهيوني فتصبح تحديات كبيرة، إذ يقول منير: “صحيح أننا نبحث عن رغيف خبز في هذه السنوات الماطرة بالمتفجرات الأمريكية والرياح المُغبرّة الكانسة لنفايات المدينة التي لم يعُد يجمعها أحد بعد هذا الشر المستطير الذي يتدفق على القطاع من جميع الجهات.. إنه دمار لم يسبق له مثيل في تاريخ العالم..”.
وفي مكان آخر من القصّة ينقل لنا “منير” صورة تجسّد جانبًا مؤلما من معانة الأطفال في ظل الاحتلال، يقول: («انظر انظر». يكلم نفسه قائلاً:
«الأطفال الذين لم يموتوا بعد، تجدهم يلعبون داخل حفرة القبور الجماعية اللانهائية الاتساع، اسمع، اسمع ما يقولون وهم يُقهقهون:
«نريد أن نستغلَّ الوقت الضائع، فنحتفل ونضحك ونلعب ونتباطح، قبل أن نُدفن في هذه القبور». وأحدهم يصيح ضاحكاً:
«دعونا نلعب قبل أن نموت.. الواحد يودع الحياة باللعب وليس بالبكاء». وطفلة في حوالي التاسعة من عمرها تلعب معهم، وهي تقول لطفل يقف إلى جوارها:
«انظر يا يحيى، لقد لبست أحلى ثيابي، كي أموت، فأُودع الحياة وأنا جميلة».. وطفل قريب مني أسمعه يقول لرفيقه: «كلنا لها».
كلام عجائز، وكأن أطفالنا يولدون كباراً كالعجائز.. لا، بالعكس، إنهم في قمة الذكاء والنشاط الذهني، إنهم مشاريع علماء، إذ أن علماءنا لا يتصدى لحيواتهم ويُقصِّرُ أعمارهم سوى اغتيالات الأعداء الجبناء).
ومن خلال قصّة “قصة حب راشيل كوري”، يعرّفنا فحماوي بتلك الصبيّة الأمريكية الجميلة ، وهي من نساء منظمة حقوق الإنسان الدولية واسمها راشيل كوري، والتي (كانت تحب عشيقها، وحبيب عمرها (تود)، وأن هذا الحب استمر يتنامى بينهما، حتى اتفقا على عقد خطوبتهما، والالتزام بالزواج، ولكنها قالت له:
«إنني أنوي الذهاب إلى فلسطين لأتظاهر ضد الاحتلال الصهيوني المتخصص في جرائم قتل الأطفال والنساء الآمنات في بيوتهن، حسبما أشاهده في وسائل الإعلام من اضطهاد وتعذيب وقتل للفلسطينيين، وأنني سأعود من هناك منتصرة وقد أرضيتُ ضميري، فاستحققت معه أن أعيش حياة زوجية سعيدة، خاصة إذا استطعت أن أخفف من عذابات أولئك الفلسطينيين الذين تُجَرّفُ بيوتهم الطوبية المصابة بهشاشة العظام كل يوم، وأن أعمل على وقف تلك الجبال الآلية المجنزرة المجنونة المتحركة نحوهم، والتي لا تُبقي ولا تذر، سأشعر عندها أنني استطعت أن أدفع مهري لحبيبي تودّ على شكل ضمة من السلام، وأعتقد أنني بعد تحقيقه، سأفرح بزواجي منك، وسوف أستقرُّ بين يديك استقراري الأبدي، بعد أن أكون قد صنعت جنة من السلام هناك عند حافة الجحيم»).
ومن خلال سرد شائق يعرّفنا فحماوي على جانب آخر لم نكن نعرفه عن تلك الفتاة، من خلال تأثيثه لقصّتها بمفرداتٍ تجسّد معاناتها، معاناة الذين أرادت أن تساندهم من الفلسطينيين.
يقول السارد في القصّة: (وعلى حاجز المطار عرفوا أنها ناشطة مقاومة من جماعة «السلام الآن» فتمت معاملتها بقسوة مختلفة عن ترحيب موظفي مطارات العالم بها، إذ أن الصهاينة هناك كما هم في كل مكان تطؤه أقدامهم؛ متعجرفون، يتصرفون بمنتهى الشعور بالفوقية، متخيلين بجنون أنهم أبناء الله، مع أننا لا نعتقد أن الله يُخَلِّفُ شياطيناً مجرمين كهؤلاء، إذ تجدهم يعاملون من يمر من الفلسطينيين بالمطار أو من يدافع عنهم من الأجانب، وحتى الأمريكان أنفسهم بمنتهى الجلافة والغرور). أما نهاية القصّة فكلّنا نعرفها..
ومن خلال القصّة التي اتخذت المجموعة من اسمها عنوانًا لها، “بين بوابات القدس”، يضعنا فحماوي في خضمّ معاناة المقدسيين جرّاء الاحتلال، فبينما (كان حشد من عشيرة الخالدي في حارة السعدية المشهورة بين باب الساهرة وباب العمود في القدس المحتلة يحضرون حفل زفاف أحد شبابهم مع إحدى صباياهم فرحين، اقتحم الغرباء الصهاينة بيوتهم المغلقة بالمفاتيح، وذلك تحت حماية قوة الشرطة الإسرائيلية، فكسروا الأبواب، ودخلوا الغرف، وتحصنوا فيها).
أما باقي القصّة فنتخيّل في ظلّ الاحتلال كيف يتخذ من الاعتداء على حقوق المدنيين العُزّل شريعةً ومنهاجًا وسلوكًا.
أما عناوينُ القصص الأخرى التي تضمنتها المجموعة فكانت على النحو الآتي: “المختار أبو طامس”، “مقام الشيخ مصطفى الولهان”، و”مُجرّد حوالة”، و”دموع لِفِرَاقِ الحبيب”، و”حريق آرون بوشنل”، و”أُمُّنا الغولة!”، و”قصة و”الثلاجة الفارغة”، و”ابن العم أولى بلحمته”، و”لا سائل ولا مسؤول!”، و”بحيرة البجع!”، و”وظيفة محترمة”، و”الوالد تَسَهّل!”، و”المُهَجّر”، و”الغزالة الطائرة!”، و”لذّة حنان الأب”، و”قاطرة الحريم!”، و”بوّاب على قارعة الطريق!”، و”أفاعي صينية!”، و”الهوليجانز”.
وصبحي فحماوي: بعد خمسة وخمسين كتابًا منشورًا له وعن أعماله، بين الرواية والقصة والأقصوصة والمسرحية والنقد؛ عقدت له جامعة شعيب الدكالي المغربية، المؤتمر الدولي الثالث للرواية العربية بعنوان: «دورة الروائي صبحي فحماوي» (نيسان 2019). ولقد حاز الجائزة الأولى في التأليف المسرحي من جامعة الإسكندرية، مسرحية «ثورة فلاحين». وحاز على جائزة الطيب صالح العالمية، 2014، عن مسرحية «حاتم الطائي المومياء». وحاز على جائزة أفضل رواية مقدسية عام 2023 من اتحاد كتاب فلسطين ومن زهرة المدائن.
صدرت له حتى الآن خمس عشرة رواية هي: 1- رواية (عذبة) “طبعة ثالثة”- دار الفارابي – بيروت 2005- اتحاد الكتاب العرب- 2008 2- رواية (الحب في زمن العولمة) ط-1- صادرة عن دار الهلال – القاهرة- 2006-ط-2 “ترجمت إلى الإسبانية” 2006 دار الهلال-القاهرة- دار الفارابي- بيروت- 2008 3-رواية (حرمتان ومحرم) طبعة ثانية-دار الفارابي- بيروت- 2010 -4-رواية (قصة عشق كنعانية) دار الفارابي-2009- مكتبة الأسرة- عمان- 2022- 5-رواية (الإسكندرية 2050) طبعة ثانية “ترجمت إلى الإنجليزية” 2009- 6-رواية (الأرملة السوداء) ط 2-دار الهلال- القاهرة- 2011-7-رواية (على باب الهوى) صادرة عن- ط-1- 2014- دار الفارابي- بيروت- ط 2-الهيئة المصرية للكتاب-2014- 8- رواية(سروال بلقيس) صادرة عن- مكتبة كل شيء الحيفاوية- 2014 9 -رواية (صديقتي اليهودية) صادرة عن- المؤسسة العربية للدراسات–بيروت. 10- رواية (قاع البلد) صادرة – 2018. مكتبة كل شيء- حيفا .11- رواية (اخناتون ونيفرتيتي الكنعانية) عن الدار الأهلية – بيروت- عمان.-12- رواية (حدائق شائكة) صادرة- الأهلية للطباعة والنشر 2021-بيروت- عمان. 13- رواية (هاني بعل الكنعاني) الدار الأهلية للطباعة والنشر- بيروت- عمان.2022-14- خنجر سليمان- الدار الأهلية للنشر-عمان- بيروت- 2023. 15- رواية (كليوبترا الكنعانية) الصادرة عن دار العين المصرية2024.
له عشر مجموعات قصصية هي: 1-(موسم الحصاد.) (رجل غير قابل للتعقيد) 3*(صبايا في العشرينات) ط2. 4- ( الرجل المومياء) مثّل الفنان ياسر العظمة بعض قصصها في لوحات (مرايا) 5- قصص بعنوان (فلفل حار) 6- أقصوصات- بعنوان (مواقف) 7- أقصوصات بعنوان (كل شيء للبيع.) 8- أقصوصات – بعنوان ( قهقهات باكية) 9- أقصوصات بعنوان (فوضى منظمة).10- مجموعة قصص(بين بوابات القدس) عن دار الآن ناشرون 4/ 2025. و * له سبع مسرحيات ومشاهد مسرحية. و*حصل عدد كبير من الباحثين العرب ومن تركيا والهند على شهادات الدكتوراه، وحصل عدد لا يحصى من الباحثين على شهادات الماجستير في رواياته وقصصه..* أصدر عنه عدد كبير من الباحثين كتبًا نقدية أهمها؛
كتاب أ. د. محمد حسن عبد المحسن – أستاذ الأدب الحديث والدراسات العليا في جامعة حلب- بعنوان: (البنية السردية في رواية صبحي فحماوي “حرمتان ومحرم.”) صادر عن دار الحوار- اللاذقية-2011، كتاب الدكتورة سوسن البياتي-جامعة تكريت، بعنوان: (رؤية جمالية في قصص صبحي فحماوي) صادر 2011 عن دار الحوار- اللاذقية- وكتاب أ.د. ماجدة صلاح (المأساة الفلسطينية في روايات صبحي فحماوي) دار وائل للنشر والتوزيع- عمان-2018. و4-كتاب أ.د. ماجدة صلاح بعنوان ( الخيال العلمي في رواية الإسكندرية 2050) لصبحي فحماوي- 2018- دار جليس الزمان – عمان. و5— كتاب أسعد سعدون حيدر بعنوان (الفضاء القصصي عند صبحي فحماوي) وذلك بعد أن حصل على ماجستير في دراسة قصصه. صدر 2011 عن دار الحوار- اللاذقية- و6- أصدر د. فليِّح السامرائي، و، د. شفاء العزاوي من العراق كتابًا بعنوان (التورية الدرامية – تحليل الرؤية في مسرحية حاتم الطائي المومياء لصبحي فحماوي)، 7-كتاب أ. د. نبهان حسون السعدون بعنوان: “شعرية الفضاء السرديّ قراءة في رواية (الأرملة السوداء)” لصبحي فحماوي، و8-كتاب الدكتور إبراهيم الحمد (جامعة تكريت) بعنوان (الفن الروائي عند صبحي فحماوي) وذلك بعد أن حصل على درجة الدكتوراه في أعماله الروائية، في يناير2012. وصدر له وعنه كتب نقدية عديدة، وحصل 68 دارس لرواياته وقصصه على الماجستير والدكتوراه. و9- أصدرت له جامعة شعيب الدكالي في المغرب كتابًا نقديا في 506 صفحات قطع كبير بعنوان (الشكل والمضمون في روايات صبحي فحماوي) شارك فيه41 دكتورًا ناقدًا صدر عن دار جليس الزمان- عمّان- 2019
10- أصدر له الأستاذ الدكتور المصري عزوز إسماعيل سالم كتابًا نقديًا بعنوان”الغرابة في الرواية العربية، صبحي فحماوي أنموذجًا” 2020 عن دار جليس الزمان- عمان- الأردن. و11- أصدر له الناقد الشاعر نضال برقان مدير التحرير في صحيفة الدستور الأردنية كتابًا نقديًا بعنوان “العذوبة والعذاب في رواية عذبة لصبحي فحماوي.”2021 عن دار جليس الزمان- عمّان-الأردن. و12- أصدر له الناقد عفيف قاووق من لبنان كتابًا نقديًا بعنوان “تأملات في رواية الحب في زمن العولمة، لصبحي فحماوي.” وذلك من دار جليس الزمان في عمان- الأردن. و13-أصدر د. أمين دراوشة- رام الله – كتابًا نقديًا بعنوان (الشخصيات في روايات صبحي فحماوي) عن دار جليس الزمان– عمان
14- أصدر أ.د. محمد حسن عبد المحسن كتابًا نقدياً يجمع ما كُتب عن رواية (حرمتان ومحرم) بعنوان (الاحتفاء النقدي برواية حرمتان ومحرم) لصبحي فحماوي. و15- أصدر كتابًا نقديًا يجمع ما كُتب عن رواية “صديقتي اليهودية” بعنوان (جماليات السرد في رواية صديقتي اليهودية)
16- أصدر كتابًا يضم 7 مسرحيات ومشاهد مسرحية، بعنوان (الأعمال المسرحية) دار جليس الزمان- عمان-2014
17- أصدر كتابًا يضم 3 مجموعات قصصية- (موسم الحصاد، رجل غير قابل للتعقيد، صبايا في العشرينات) – طبعة ثانية- عن دار جليس الزمان- عمان- 2023
18-أصدرت طالبة الدكتوراه إلهام الشرع كتابًا نقدياً عن دار جليس الزمان- بعنوان (10 روايات لصبحي فحماوي) 2024.19- أصدرت له دار زين للإتصالات – السودان كتابًا مسرحيًا بعنوان (حاتم الطائي المومياء) 2014 و20- أصدرت له الكاتبة هالة الحيالي كتابًا نقديًا عن دار غيداء للطباعة والنشر2013- عمان- بعنوان (الإدهاش في رواية الحب في زمن العولمة) حصلت بموجبها على الماجستير من جامعة الموصل. و21- أصدر له د. جميل كتاني -من فلسطين 1948 – كتاباً نقدياً عن دار جليس الزمان-عمان- في 12/2023 – بعنوان “الحضور الكنعاني في روايات صبحي فحماوي” و 22-أصدر له د.عبد المجيد صديقي- المغرب – من المغرب- كتاباً نقدياً بعنوان (الأسطورة والواقع في روايات صبحي فحماوي) ” عن دار جليس الزمان- عمان- في 2024.
*شارك (بدراسة حول الخيال العلمي في الرواية ) في ملتقى الرواية العربية في القاهرة- 2010 . وشارك في تكريم أ. د.عبد اللطيف أبو هيف في إدلب- سوريا. •شارك في مهرجان عبد السلام العجيلي الروائي في الرقة- سوريا 2007. و•حصل من وزير الثقافة الفلسطيني على درع “معرض رام الله الدولي للكتاب” 2014. وهو؛*مهندس حدائق، زرع أكثر من مليون شجرة في الأردن، وملايين الشجيرات والحوليات.