حقن التربة الرملية.. مشروع وطني يتحدى الصحراء بغرب المنيا لتحويلها إلى سلة غذاء

في خطوة طموحة نحو السعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية وعلى رأسها محصول القمح لدعم الأمن الغذائي المصري من خلال رفع خصوبة الصحاري المصرية وتحسين إنتاجيتها، نجح مشروع حقن التربة الرملية على مساحة 100 فدان بمزرعة إنتاجية في غرب المنيا، وهي أراضي رملية بكر تُزرع لأول مرة.
من جهته قال الدكتور علي عبد العزيز، الأستاذ المساعد بشعبة مصادر المياه والأراضي الصحراوية ورئيس مشروع حقن التربة الرملية بمركز بحوث الصحراء، إن المشروع تحت رعاية علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، والدكتور حسام شوقي رئيس مركز بحوث الصحراء، والدكتور محمد عزت نائب رئيس مركز بحوث الصحراء للمشروعات والمحطات البحثية.
وأوضح لـ القاهرة 24، أن الأرض التي نجح عليها المشروع، تُزرع لأول مرة وتعاني من ملوحة مرتفعة، ويأتي هذا المشروع الواعد ضمن توجه الدولة المصرية لتعزيز الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية وتطبيق مخرجات البحث العلمي على أرض الواقع.
دعم مواجهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية
وأوضح عبد العزيز أن الفريق البحثي قام بمعالجة وحقن التربة الرملية المتأثرة بالملوحة بحبيبات السلت والطين فقط، دون إضافة أي أسمدة عضوية، لتحسين خصوبتها بشكل طبيعي، مشيرًا إلى أن زراعة القمح في هذه الأراضي تمت باستخدام نظام الري بالتنقيط، حيث كانت تُروى الأراضي المعالجة والمحقونة بالسلت والطين كل 15 يومًا، مقارنة بالأراضي الرملية غير المحقونة، التي تُروى كل 4 أيام، مما يسهم في توفير كميات كبيرة من مياه الري، والأسمدة الكيميائية والعضوية المضافة، كما يُسهم في ترشيد استهلاك الطاقة وتقليل الانبعاثات الضارة الناتجة عن ماكينات الري.
وأكد أن المشروع يمثل نموذجًا للمشروعات الخضراء الذكية التي تدعم جهود الدولة في مواجهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية على قطاع الزراعة، حيث يُحدث تحولًا حقيقيًا في الخواص الطبيعية والكيميائية والمائية للأراضي الصحراوية، من خلال تقنيات علمية بسيطة وفعّالة.
ومن جانبه، عبّر المهندس محمد الطويل، صاحب المزرعة الإنتاجية بمنطقة غرب المنيا التي طُبق عليها المشروع، عن فخره ورضاه بتجربته مع مشروع حقن التربة الرملية بالطين، مؤكدًا أن النتائج فاقت توقعاته منذ بداية التنفيذ.
تحويل الأرض من قاحلة إلى مصدر إنتاج وغذاء
وقال لـ القاهرة 24: “هذه الأرض كانت بكرًا، ولم تُزرع من قبل، فهي أراضٍ رملية عديمة البناء، متأثرة بالملوحة، وخصوبتها منخفضة”.
وأشار إلى أن إضافة حبيبات السلت والطين فقط إلى التربة الرملية، دون شحنها بالعناصر الغذائية الكبرى والصغرى، أعطى نتائج جيدة جدًا، منافسة لعمليات الخدمة التقليدية (كالسماد البلدي والطمي المنقول)، حيث تم تحويلها في وقت قياسي إلى أراضٍ منتجة، قادرة على زراعة القمح بكفاءة غير مسبوقة.
وتابع: “ماذا لو تم شحن حبيبات السلت والطين بالعناصر الكبرى والصغرى قبل حقنها في التربة الرملية، وهي المرحلة الثانية من المشروع؟ بالتأكيد ستُعطي نتائج أفضل بكثير”.
وأضاف الطويل، أن المزرعة تقع على مساحة 100 فدان، وقد لاحظ منذ البداية فرقًا جوهريًا في معدلات استهلاك المياه، والأسمدة، والطاقة، حيث كانت تُروى الأراضي المحقونة كل 15 يومًا فقط، مقارنة بالأراضي غير المحقونة التي كانت تُروى كل 4 أيام، مما ساهم بشكل كبير في تقليل تكاليف التشغيل، وزيادة الكفاءة الاقتصادية للمشروع.
وأشار إلى أن ما حدث في مزرعته ليس مجرد تجربة، بل تحول حقيقي من أرض قاحلة إلى مصدر إنتاج وغذاء، معبرًا عن سعادته بكونه من أوائل المستثمرين في غرب المنيا الذين آمنوا بالتقنية وطبّقوها على أرض الواقع، داعيًا باقي المستثمرين والمزارعين إلى تبنّي هذه التكنولوجيا التي تُحدث فرقًا حقيقيًا في قلب الصحراء.