بين “الوعد الصادق 3″ و”الأسد الصاعد” الإسرائيلي: ما هي آفاق المنطقة العربية في ظل الصراع الإيراني الإسرائيلي؟

بين “الوعد الصادق 3″ و”الأسد الصاعد” الإسرائيلي: ما هي آفاق المنطقة العربية في ظل الصراع الإيراني الإسرائيلي؟

في ضوء التصعيد المتسارع بين إسرائيل وإيران، تتصاعد المخاوف من انزلاق المنطقة العربية نحو صراع مفتوح، تتداخل فيه الشعارات العقائدية بالمصالح الجيوسياسية، وتتصارع فيه محاور إقليمية مدفوعة بأجندات متباينة.

إطلاق إيران لعملية “الوعد الصادق 3” – وهو الاسم الذي تُطلقه عادة على سلسلة مناورات أو عمليات تحمل طابعًا عقائديًا وتعبويًا- لا يمكن فصله عن معادلة الردع الإقليمي، خصوصاً في ظل الضربات الإسرائيلية المتكررة في سوريا ولبنان، واستهداف قيادات محسوبة على الحرس الثوري أو حلفائه.

العملية جاءت هذه المرة في سياق ملتهب، عقب اغتيال شخصيات إيرانية ولبنانية بارزة في ضربات نوعية، تبنّتها إسرائيل ضمن ما تسميه “الأسد الصاعد”، وهي استراتيجية جديدة تنتهجها تل أبيب لتوسيع نطاق المواجهة مع طهران وميليشياتها عبر ضربات استباقية محددة الأهداف وعالية الدقة.

“الأسد الصاعد”.. عقيدة إسرائيلية جديدة للردع والهجوم

تسويق إسرائيل لمرحلة “الأسد الصاعد” يعكس تحولًا في العقيدة الأمنية والعسكرية للدولة العبرية، تقوم على استباق التهديدات بدلًا من انتظارها. فبعد سنوات من استراتيجية “المعركة بين الحروب” التي كانت تهدف إلى تقويض قدرات العدو دون الدخول في حرب شاملة، يبدو أن إسرائيل باتت ترى ضرورة الانتقال إلى استراتيجية هجومية مكشوفة، تدفع بخصومها إلى حافة الانفجار.
هذه العقيدة الجديدة تنذر بإشعال ساحات متعددة، ليس فقط على الجبهة اللبنانية أو السورية، بل ربما تمتد لتشمل العراق واليمن، حيث للحرس الثوري أذرع فاعلة، قادرة على الرد أو التصعيد.

العالم العربي.. بين المطرقة والسندان

المعضلة الكبرى تكمن في موقع الدول العربية وسط هذا الاشتباك المفتوح. فمن جهة، تجد بعض الدول نفسها هدفًا محتملًا للصواريخ المتبادلة، خصوصاً تلك التي تستضيف قواعد أميركية أو تُعد شريكة ضمن ترتيبات أمنية إقليمية. ومن جهة أخرى، تبدو العواصم العربية الكبرى حذرة من التورط في محور ضد إيران خشية تداعيات أمنية واقتصادية، خاصة في ظل هشاشة بعض أنظمتها الداخلية وتصاعد التوترات الشعبية.

أما القوى العربية التي تسعى لتثبيت الاستقرار والتنمية، فتجد نفسها مطالبة بالتحرك في اتجاهين متناقضين: الحفاظ على شراكاتها الغربية الأمنية، وعدم إثارة استعداء طهران أو وكلائها.

التصعيد الأخير لا يشي بانفراجة قريبة، بل يعكس انتقالًا تدريجيًا إلى مرحلة أكثر خطورة، تتشابك فيها الجبهات وتتقاطع فيها المصالح الدولية والإقليمية.
فمع ازدياد وتيرة الاستهدافات المتبادلة، وانخراط أطراف غير تقليدية في المعركة (كالميليشيات العابرة للحدود)، يصبح خطر الانزلاق إلى حرب إقليمية مفتوحة قائمًا بقوة، خاصة إذا فشلت الولايات المتحدة وروسيا والصين في كبح جماح هذا التدهور عبر أدوات الضغط أو الوساطات.

من المؤكد أنه ما بين “الوعد الصادق” و”الأسد الصاعد”، تتحول المنطقة العربية إلى ساحة اختبار للنفوذ الإيراني والصهيوني، وسط غياب مشروع عربي موحّد قادر على تقديم رؤية بديلة أو فرض توازن ردع يحمي مصالح الشعوب.