اغتيال سلامي: ضربة موجعة كشفت نقاط ضعف طهران وأثارت القلق في إيران.

اغتيال سلامي: ضربة موجعة كشفت نقاط ضعف طهران وأثارت القلق في إيران.

أعلنت مصادر مطلعة أن طائرة إسرائيلية قطعت مسافة تُقدّر بـ1600 كيلومتر من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ونفذت عملية اغتيال دقيقة استهدفت اللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني، داخل شقته السكنية في قلب العاصمة طهران، ضمن مجمع سكني محصن. هذه العملية الصادمة لم تكن مجرد استهداف عسكري، بل خرقاً أمنياً واستخباراتياً صاعقاً يضع علامات استفهام كبيرة على منظومة الردع الإيرانية التي طالما تباهت بقدراتها.

مفارقة قاسية برزت في هذه العملية: فبينما فشلت إسرائيل طوال شهور في اغتيال يحيى السنوار أحد قادة المقاومة في غزة، رغم القرب الجغرافي وساعات التحليق المستمرة فوق القطاع، فإنها نجحت هنا، من مسافة شاسعة، في تنفيذ اغتيال دقيق وفي عمق العاصمة الإيرانية، وليس ضد قائد ميداني فحسب، بل ضد رأس الهرم الأمني العسكري الإيراني.

الأسوأ أن قائد الأركان قُتل أيضاً في اللحظات الأولى، ما يُشير إلى اختراق مزدوج في المعلومات والتحرك الميداني، ويدل على انتشار واسع للعملاء داخل البنية القيادية العليا.

فشل منظومة الاستخبارات الإيرانية في رصد العملية أو حتى استشعار مؤشراتها، رغم تصاعد الإنذارات قبيل الهجوم ـ أبرزها قرار الولايات المتحدة بترحيل عائلات العسكريين من العراق ـ يعكس خللاً استراتيجياً في فهم التهديدات، وربما أيضاً تراخياً متعمداً داخل أجنحة النظام. هذه الثغرة أدت إلى اغتيال قادة الحرس خلال دقائق، في وقت لم تستطع فيه إسرائيل تحقيق نجاح مماثل ضد حزب الله في لبنان، رغم مراقبته الدقيقة منذ سنوات.

الهجوم لم يكن فقط ضربة عسكرية، بل زلزالاً نفسياً وسياسياً. فقد بدا وكأن أربعين عاماً من بناء قوة ردع، وتوسيع النفوذ، قد تهاوت في دقائق أمام عدو لا يُحارب فقط من السماء، بل من الداخل أيضاً. السؤال الذي يُطرح بإلحاح: من هو صاحب نظرية “النَفَس الطويل” داخل القيادة الإيرانية؟ هذه النظرية التي ظلت تعوّل على كظم الغيظ وضبط النفس، شلت فاعلية الرد الإيراني، حتى بات من شبه المستحيل الآن تنفيذ ردّ متوازن بعد أن تغيرت موازين القوة ميدانياً ونفسياً.

تساؤلات متسارعة

تطرح هذه التطورات المتسارعة تساؤلات حارقة:
هل بات المرشد الأعلى في المتناول، ولكن تم تحييده عمداً بموجب تفاهمات أو تعليمات أمريكية بعدم التعرض له حالياً؟ ولماذا؟

هل تقف إيران اليوم على أعتاب انفجار داخلي يعيد إشعال صراع القوميات في بلاد تتعدد أعراقها وتتنازعها هويات مركّبة؟

ما هو موقف روسيا من هذا الزلزال الإيراني، وهي التي تعتمد على الدعم الإيراني ـ خصوصاً الطائرات المسيّرة ـ في حربها ضد أوكرانيا؟ هل تفتح هذه الضربة جبهة ضعف إضافية في خاصرتها العسكرية؟

وإذا ما خرجت إيران من معادلة الردع في المنطقة، هل سيُكتب فعلاً الفصل الأخير من حروب الشرق الأوسط؟ وهل تصبح إسرائيل الفاعل المطلق دون كابح أو موازن؟