شريف سلامة: الصراع بين إسرائيل وإيران يتصاعد… ومصر تواجه صعوبات في ظل اقتصاد الحرب

شريف سلامة: الصراع بين إسرائيل وإيران يتصاعد… ومصر تواجه صعوبات في ظل اقتصاد الحرب

مع تسارع التطورات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما بعد التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران، تتزايد التساؤلات حول التداعيات المحتملة على اقتصادات دول المنطقة، وفي مقدمتها مصر.
فعلى الرغم من أن نطاق المواجهة لم يتوسع بعد إلى مستويات تؤثر مباشرة على الداخل المصري، إلا أن التحركات الاستباقية أصبحت ضرورة لتعزيز الاستقرار وحماية الأمن الاقتصادي والغذائي.

والأن، تبرز الحاجة إلى قراءة اقتصادية متأنية لما يمكن أن يُصنّف باقتصاد “الطوارئ” أو “اقتصاد الحرب”، خاصة في ما يتعلق بأمن السلع الأساسية التي تمس حياة المواطن المصري بشكل مباشر.

استعداد اقتصادي في زمن الترقب

تفرض طبيعة الأوضاع الإقليمية الحالية على الحكومة المصرية أن تتعامل مع الملف الاقتصادي بمنطق إدارة الأزمات، بعيدًا عن الانتظار أو ردود الأفعال.
فالتحرك المبكر في هذا السياق لا يعني القلق، بل يعكس الجاهزية والقدرة على التعامل مع أي متغيرات محتملة.

أولًا: مراجعة المخزون الاستراتيجي للسلع الأساسية

تمثل السلع الأساسية مثل القمح والزيت والسكر والوقود عناصر رئيسية في أمن المواطن الغذائي، ومن هنا تبرز أهمية مراجعة دقيقة لحجم المخزون الاستراتيجي منها، والتأكد من توافقه مع المعايير الآمنة في حال استمرار التوتر أو حدوث اضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية.

ثانيًا: ترشيد الإنفاق الحكومي وتوجيهه للأولويات

في مثل هذه الظروف، يصبح ترشيد الإنفاق غير الضروري خيارًا استراتيجيًا، لا تقشفيًا.
فالهدف ليس خفض النفقات من أجل التقشف، بل إعادة توجيه الموارد نحو القطاعات ذات الأولوية، مثل دعم السلع والطاقة، وحماية الفئات الأكثر احتياجًا، وتعزيز قدرة الدولة على مواجهة أي صدمات مستقبلية.

ثالثًا: تعزيز أمن الطاقة ووضع خطط بديلة

مع احتمال تقلبات في سوق الطاقة العالمي، تصبح الحاجة ماسة لتحديد الحد الأدنى من مخزون الوقود بأنواعه، ومراجعة قدرات التكرير المحلي، وتفعيل خطط للطوارئ تُعطي الأولوية للاستهلاك في القطاعات الحيوية، مثل الزراعة والصناعة والخدمات الأساسية.

رابعًا: من الدراسات إلى الإجراءات

الأزمات لا تنتظر طويلًا، لذا فإن التحول من مرحلة التحليل إلى التنفيذ أمر ضروري.
يتطلب ذلك تفعيل الخطط المعدّة مسبقًا للتعامل مع سيناريوهات مثل:

ارتفاع أسعار السلع عالميًا.نقص الإمدادات.تراجع تدفقات النقد الأجنبي.ضغط تضخمي على الشرائح الأقل دخلًا.

وينبغي في هذا السياق تشكيل لجنة عليا للأزمات تضم ممثلين عن الوزارات المعنية والجهات الاقتصادية والمجتمعية، لضمان التنسيق السريع والفعال.

بين الاستعداد ورد الفعل.. الخيار واضح

إن تعزيز الجاهزية ليس تعبيرًا عن القلق، بل عن وعي استراتيجي بمتطلبات المرحلة من دولة كبيرة بحجم مصر، ففي عالم متسارع التغير، تصبح المرونة والتخطيط المبكر من أهم عناصر إدارة الدول لمصيرها الاقتصادي.
ومصر، بما لها من ثقل سياسي واقتصادي في المنطقة، تملك القدرة على تحويل التحديات الإقليمية إلى فرصة لصياغة نموذج فعّال في إدارة الأزمات.

إن الوقت الراهن يتطلب رؤية واضحة، وقرارات حاسمة، وتواصلًا دائمًا مع المواطن لشرح طبيعة التحديات والخطط الموضوعة لمواجهتها، فالثقة تبنى على الشفافية، والاستقرار يُصان بالاستعداد، لا بالانتظار.