الضربة الإسرائيلية لإيران: طهران تعاني من صدمة استخباراتية بعد اغتيال قادتها العسكريين وانهيار كبير في نظام الدفاع الجوي.

الضربة الإسرائيلية لإيران: طهران تعاني من صدمة استخباراتية بعد اغتيال قادتها العسكريين وانهيار كبير في نظام الدفاع الجوي.

جاءت الضربات الجوية التي شنّتها إسرائيل على أهداف داخل إيران فجر 23 يونيو كواحدة من أوسع وأعمق العمليات العسكرية التي تستهدف البنية العسكرية والأمنية لإيران منذ عقود. 

الهجوم لم يكن فقط دقيقاً في أهدافه، بل حمل بصمة تكتيكات استخدمتها إسرائيل في حروبها الأخيرة ضد “حزب الله” و”حماس” عبر استهداف القيادة ومراكز تطوير السلاح لتكبيل قدرة الخصم على الرد الاستراتيجي.

العملية نُفّذت في توقيت بالغ الحساسية، إذ تزامنت مع التحضيرات الإيرانية لجولة مفاوضات جديدة كانت مقررة مع الولايات المتحدة في عُمان. 

عنصر المفاجأة كان محورياً، إذ أظهرت إسرائيل تفوقها الاستخباراتي من خلال قدرة وحداتها على اختراق العمق الأمني الإيراني وتحديد مواقع قيادات عليا ومرافق عسكرية شديدة التحصين.

ننشر أسماء القادة الإيرانيين المغتالين

وفقاً لمصادر أمنية وتقارير دولية، فإن الغارات أسفرت عن اغتيال عدد من كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين، في مقدمتهم:

اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة.

اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني.

اللواء غلام علي رشيد، قائد مقر خاتم الأنبياء المركزي.

اللواء أمير علي حاجي زاده، قائد القوات الجو-فضائية في الحرس الثوري.

اللواء مهدي رباني، نائب رئيس العمليات في الحرس الثوري.

علي شمخاني، مستشار خامنئي للشؤون الاستراتيجية ومسؤول البرنامج النووي.

كما أكدت مصادر مقتل عدد من العلماء البارزين العاملين في برامج تطوير الأسلحة النووية والمسيّرات، ما شكّل ضربة معرفية عميقة قد تعرقل تطور البرنامج النووي الإيراني لسنوات مقبلة، رغم عدم انهياره الكامل.

انهيار شبه كامل لمنظومة الدفاع الجوية الإيرانية

وما زاد من وطأة العملية، هو الانهيار شبه الكامل لمنظومة الدفاع الجوي الإيرانية، التي فشلت في رصد أو اعتراض الطائرات أو الصواريخ المستخدمة في الضربة. 

الأمر الذي أعاد إلى الواجهة الشكوك المتكررة بشأن كفاءة المنظومات الروسية الصنع التي تعتمد عليها إيران، ومدى قدرتها على الصمود أمام تفوق إسرائيل الجوي والتقني.

الضربات طالت أيضاً منشآت حساسة، أبرزها مرافق نووية في نطنز، والتي يُعتقد أنها تضم أجهزة طرد مركزي متطورة ومرافق تخصيب تحت الأرض، إلى جانب استهداف مصانع صواريخ ومخازن طائرات مسيّرة مدفونة في مناطق جبلية غرب البلاد. 

وتشير التقارير إلى تدمير مئات الصواريخ والمسيّرات، في ضربة تُعد من الأشد إيلاماً لقدرات إيران الهجومية.

وتكشف هذه العملية، وفق محللين، عن تغلغل استخباراتي غير مسبوق للموساد في العمق الإيراني، بحيث استطاع تحديد أماكن تواجد قيادات أمنية وعسكرية رفيعة في توقيت دقيق. 

تحذيرات سابقة أطلقها مسؤولون إيرانيون كبار، من ضمنهم وزير الاستخبارات الأسبق علي يونسي، بدت اليوم أكثر واقعية، حيث كان قد حذر من أن “الاختراق الإسرائيلي بلغ مستوىً ينبغي معه للقيادات العليا أن تخشى على حياتها”.

في السياق ذاته، تشير معطيات إلى أن الضربة لم تكن مجرد ردّ فعل على تهديدات أو تصعيدات سابقة، بل تأتي ضمن استراتيجية إسرائيلية جديدة تهدف إلى تقويض القدرة العسكرية الإيرانية بشكل استباقي. 

فبدلاً من احتواء الخطر، تسعى تل أبيب الآن إلى تفكيك بنيته قبل أن يتحول إلى تهديد مباشر، خاصة في ظل تراكم قدرات الصواريخ والمسيّرات الإيرانية واستخدامها عبر وكلاء في الإقليم.

إسرائيل، بحسب ما أفادت به مصادر رسمية، تعتبر أن هذه العملية ليست سوى بداية “سلسلة ضربات محسوبة”، تستند إلى بنك أهداف تم تحديده مسبقاً، ويتضمن منشآت ومرافق وشخصيات قد تُسهم في إعادة بناء القدرات العسكرية أو النووية الإيرانية. 

وبهذا، فإن تل أبيب تُعيد تكرار نموذجها العسكري المعروف في قطاع غزة وجنوب لبنان: ضرب القيادة، تدمير الردع، ثم فرض واقع استراتيجي جديد.

الرسالة الإسرائيلية كانت واضحة: لا حصانة لأحد داخل إيران، حتى في قلب العاصمة أو المقرات العليا. 

أما على الجانب الإيراني، فقد جاء الرد مرتبكاً، إذ صرّح عدد من المسؤولين بأن طهران “ستحتفظ بحق الرد”، فيما تحدث آخرون عن “أثر التوقيت” وتعمد إسرائيل تخريب مسار التفاوض. 

غير أن الموقف الأبرز كان إعلان وزارة الخارجية الإيرانية أن “المفاوضات الآن لم تعد ذات معنى”.

في المجمل، يبدو أن معادلة الردع القديمة التي اعتمدت عليها إيران تواجه انهياراً تدريجياً، في وقت تُظهر فيه إسرائيل استعداداً لتغيير قواعد الاشتباك عبر عمليات نوعية تستهدف العمق الإيراني بجرأة غير مسبوقة.