تصاعد التوترات الكلامية: إسرائيل تهدد بحرق طهران وإيران تنذر بالحملة العسكرية “الوعد الصادق 3” وتوجه تحذيرات للحلفاء الغربيين.

دخلت المواجهة بين إيران وإسرائيل منعطفاً خطيراً وغير مسبوق في منطقة الشرق الأوسط، بعدما شكل الرد الإيراني، الذي استهدف العمق الإسرائيلي بعشرات الصواريخ، تحولاً جذرياً في طبيعة الصراع، ناقلاً إياه من مجرد عمليات محدودة ومتفرقة إلى ما يشبه بداية لحرب فعلية ومباشرة.
وبالتوازي مع هذه الحرب العسكرية المحتدمة، تشتعل حرب تصريحات نارية وخطيرة بين الجانبين، تزيد من تأجيج الموقف وتدفع بالمنطقة نحو المجهول.
في إطار الرد الإسرائيلي، أصدر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، بياناً شديد اللهجة أكد فيه أن “العلماء القتلى في الضربات الإسرائيلية على إيران، هم مراكز معرفة وخبرات ولهم عقود من التجربة في مجال تطوير السلاح النووي”. وفي خطوة لافتة، نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي قائمة بأسماء بعض العلماء الإيرانيين الذين تم استهدافهم، من بينهم: “خبير الهندسة الذرية فريدون عباسي، وخبير الفيزياء محمد مهدي طهرانجي، وخبير الهندسة الكيميائية أكبر مطلب زاده، وخبير هندسة المواد سعيد برجي، وخبير الفيزياء أمير حسن فكهي”.
وتوعدت إسرائيل بـ”حرق طهران” إذا استمرت إيران في إطلاق الصواريخ على أراضيها. وفي هذا السياق، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بأن “طهران ستحترق” إن واصلت ضرباتها على إسرائيل. يأتي هذا التهديد بعد أن ردت إيران خلال ليل أمس الجمعة على الضربات الإسرائيلية بإطلاق صواريخ باليستية. كما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه سيستأنف مهاجمة أهداف في طهران، مؤكداً أنه دمر مبنى لإنتاج اليورانيوم المعدني وبنية تحتية لتحويل اليورانيوم المخصب ومختبرات في مدينة أصفهان الإيرانية.
وأكد الجيش أنه استهدف منشأة نووية في أصفهان، معلنا مواصلة التصدي لتهديدات إيران، وأن القوات الجوية تواصل مهاجمة أهداف في الأراضي الإيرانية بهدف “منع إيران من تطوير أسلحة نووية”، وأضاف المتحدث باسم الجيش أن “الجيش سيصل إلى أي مكان يُطلب منه من أجل الدفاع عن إسرائيل”.
من جانبه، قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصريحاته الأخيرة أن الهدف من العمليات الإسرائيلية لا يقتصر على تحجيم التهديد النووي والصاروخي الإيراني، بل يتضمن أيضاً “تغيير النظام” في طهران.
وقال عامي أيالون، الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي “الشاباك” والقائد السابق لسلاح البحرية، إن إسرائيل تنظر إلى الصراع الحالي مع إيران على أنه “حرب دفاعية”، وفي مقابلة مع برنامج “نيوز آور” على شبكة “بي بي سي”، أوضح أيالون أن “معظم الإسرائيليين يرون في إيران تهديداً وجودياً كبيراً”. وأشار إلى أن “إيران باتت قريبة جداً من امتلاك قدرة نووية عسكرية. وبحسب معلوماتنا الاستخباراتية، أصبح من الواضح أننا لن نتمكن من توجيه ضربة فعالة إذا لم نتحرك الآن”. وأكد أيالون أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل كامل في هذا الصدد. وفي سياق متصل، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحذيراً شديد اللهجة إلى إيران، داعياً طهران إلى “إبرام اتفاق” نووي قبل أن “يفوت الأوان”.، وأضاف ترامب: “على إيران أن تبرم اتفاقاً، قبل ألا يبقى شيء. لقد منحنا إيران فرصة تلو الأخرى لإبرام اتفاق”.
في المقابل، أعلنت إيران عن إطلاق عملية “الوعد الصادق ٣” رداً على الهجوم الإسرائيلي، وأكد الحرس الثوري الإيراني أن عملية “الوعد الصادق ٣” هي جزء من الرد الإيراني الشامل على الاعتداءات الإسرائيلية.
وفي خطوة تعكس تصاعد التوتر الدبلوماسي، أعلنت الخارجية الإيرانية عن إلغاء المحادثات التي كانت مقررة مع الولايات المتحدة يوم غد الأحد. وقال وزير الخارجية الإيراني إن المحادثات النووية مع واشنطن “لا معنى لها” بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير. ووجهت إيران تحذيراً شديد اللهجة إلى كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا من تقديم أي دعم عسكري لإسرائيل في مواجهة الضربات الإيرانية، بحسب ما نقلته وسائل إعلام رسمية إيرانية.
وأفادت التقارير بأن طهران ستستهدف قواعد عسكرية وسفناً في المنطقة إذا ما قدمت هذه الدول الثلاث أي مساعدة لإسرائيل خلال التصعيد المستمر بين الجانبين.
وتوعد المتحدث باسم الجيش الإيراني بأن “إطلاقنا الصاروخي القادم سيشمل حوالي ٢٠٠٠ صاروخ، أي ما لا يقل عن ٢٠ ضعف حجم الإطلاق السابق”، في تهديد واضح بتوسيع نطاق الرد الإيراني.
وقال قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء أحمد وحيدي: “عملية “الوعد الصادق ٣” ستستمر ما دام ذلك ضرورياً، وفي الخطوة الأولى، وجّهنا صفعة قوية للصهاينة”.
وتشير هذه التطورات المتسارعة والمواقف المتشددة من كلا الجانبين إلى أن المنطقة تقف على شفا مواجهة عسكرية واسعة النطاق، قد تكون لها تداعيات كارثية على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. ويبقى العالم يترقب بحذر شديد ما ستؤول إليه هذه المواجهة، وما إذا كانت الجهود الدبلوماسية الدولية ستنجح في نزع فتيل الأزمة قبل فوات الأوان.