الخيارات الصعبة لخامنئي: القائد الإيراني لم يعد لديه ما يخسره بعد الهجمات الإسرائيلية

الخيارات الصعبة لخامنئي: القائد الإيراني لم يعد لديه ما يخسره بعد الهجمات الإسرائيلية

مع انقشاع غبار الضربات القاسية التي أصابت القيادة العسكرية الإيرانية وتضرر منشآتها النووية، يقف المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي عند مفترق طرق خطير، ونظامه أكثر ضعفًا من أي وقت مضى منذ عقود.
فالضربات الإسرائيلية الشاملة التي شنتها ليلًا، والتي أودت بحياة العديد من كبار القادة الإيرانيين وألحقت أضرارًا جسيمة بمواقع رئيسية مثل منشأة نطنز للتخصيب، جعلت خيارات طهران محدودة للغاية.
وسارع الرئيس دونالد ترامب إلى استغلال هذه اللحظة، حيث نشر على موقع “تروث سوشيال” أن على حكام إيران الآن “عقد صفقة، قبل أن ينهار كل شيء”، بالنسبة لخامنئي، البالغ من العمر ٨٦ عامًا والذي يواجه اختبارًا وجوديًا لقيادته، فإن هذه الكلمات أكثر من مجرد ثرثرة، بل تعكس واقعًا دوليًا،بعد انكشاف زيف استراتيجية الردع الإيرانية، التي بُنيت على مدى عقود.
تأتي الضربات التي تلقاها الجيش الإيراني بعد سلسلة من الخسائر الاستراتيجية، فقد أدت حملة إسرائيل في لبنان إلى تفتيت قيادة حزب الله، أقوى وكلاء إيران منذ زمن طويل، ومفتاح ردعها الإقليمي، كما أدت الضربات الإسرائيلية في أكتوبر إلى تجريد إيران من دفاعاتها الجوية، مما ألغى خيار الرد غير المباشر ضد إسرائيل.
ويؤكد محللون، بمن فيهم مايكل ستيفنز من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، على حدة معضلة خامنئي: “إما التفاوض الآن من موقع ضعف والتنازل، أو السماح للوضع بالتفاقم وتكبد المزيد من الأضرار، مما قد يقوض النظام بشدة ويؤدي إلى زعزعة استقرار أوسع نطاقًا داخليًا. كلا الخيارين ليس جيدًا.”
إن الاستسلام والسعي إلى اتفاق يعني الاعتراف بالهزيمة في حرب “المنطقة الرمادية” الطويلة ضد إسرائيل والغرب، وهي خطوة تُخاطر بتحطيم الأساس الأيديولوجي للنظام الإيراني، وستُكشف للشعب الإيراني أن سنوات من المعاناة والعقوبات والعزلة الدولية لم تُثمر.
مخاطر التصعيد
قد يسعى خامنئي، الذي اتخذ نظامه من “المقاومة” شعارًا له، إلى الانتقام. لكن مع رحيل العديد من كبار قادته وضعف القدرة العسكرية التقليدية لإيران بشكل كبير، فإن خيارات الرد الفعال محدودة ومحفوفة بالمخاطر.
وتم تحييد الرد الإيراني الأول والذي شمل موجات من هجمات الطائرات المسيرة على إسرائيل، إلى حد كبير بواسطة الدفاعات الجوية الإسرائيلية وحلفائها.
ولا تزال هناك تدابير أكثر صرامة مطروحة. يمكن لإيران استهداف منشآت عسكرية أمريكية أو حتى ضرب خصوم إقليميين مثل الإمارات العربية المتحدة أو المملكة العربية السعودية، اللتين يُرجّح أن طهران لا تثق بإداناتهما العلنية لإسرائيل. ومع ذلك، فإن أي خطوة من هذا القبيل ستؤدي إلى رد انتقامي ساحق، ومن شبه المؤكد أنها ستجر الولايات المتحدة مباشرة إلى الصراع – وهي نتيجة قد تُدمر النظام.
ويتكهن البعض بشن هجمات على أهداف مدنية – كالمطارات والوجهات السياحية – كانت تُعتبر في السابق محظورة، لكن هذه الهجمات قد تجعل إيران دولة منبوذة، وقد تُعتبر بمثابة مهمة انتحارية استراتيجية.
الإغراء النووى: الورقة الأخيرة
أم المقامرة النهائية؟
لعل الخيار الأخطر المتاح أمام خامنئي هو تسريع البرنامج النووي الإيراني، إذا بقيت القدرات التقنية متوفرة. وتشير التقارير إلى أن إيران تمتلك ما يكفي من اليورانيوم متوسط التخصيب لصنع قنبلة؛ وإذا ظلت البنية التحتية سليمة، فقد يكون الآن هو الوقت المناسب لاندفاع يائس نحو تجربة نووية.
ومثل هذه الخطوة من شأنها أن تجعل إيران في مصاف كوريا الشمالية كدولة منبوذة عالميًا، لكن خامنئي قد يُدرك أن سلالة كيم لا تزال في السلطة رغم الغضب الدولي.
إرث على المحك
قد تُحدد الأيام القادمة ليس فقط مستقبل البرنامج النووي الإيراني، بل مصير النظام نفسه، بالنسبة لخامنئي، الخيار واضح: التفاوض من منطلق الضعف والمخاطرة بالشرعية، أو التصعيد أكثر والمخاطرة ببقاء النظام.
في حين ينظر ترامب والمجتمع الدولي إلى ما يحدث، يتعين على المرشد الأعلى لإيران أن يقرر أي من خياراته المتضائلة يجرؤ على اتخاذها، إن جاز التعبير.