تصاعد التوترات: إسرائيل تقترب من حل الكنيست وسط أزمة قانون التجنيد التي تهدد ائتلاف نتنياهو وتدفع نحو انتخابات مبكرة.

تصاعد التوترات: إسرائيل تقترب من حل الكنيست وسط أزمة قانون التجنيد التي تهدد ائتلاف نتنياهو وتدفع نحو انتخابات مبكرة.

تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية حالة من التوتر الشديد نتيجة الخلاف المتصاعد حول قانون التجنيد، الذى يهدد بتفكيك الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو. فى ظل تمسّك الأحزاب الحريدية بإعفاء طلاب المعاهد الدينية من الخدمة العسكرية، ومعارضة تيارات داخل الائتلاف لذلك، تبدو البلاد على أعتاب أزمة سياسية عميقة قد تنتهى بحل الكنيست والذهاب إلى انتخابات مبكرة.
تصاعد التوتر داخل الائتلاف
تصر الأحزاب الحريدية، وعلى رأسها “يهدوت هتوراه” و”شاس”، على تشريع قانون يعفى الطلاب الحريديم من الخدمة العسكرية بشكل كامل، وترفض أى صيغة تتضمن فرض عقوبات على الرافضين للتجنيد.
وفى المقابل، يواجه نتنياهو ضغوطًا من رئيس لجنة الخارجية والأمن فى الكنيست، يولى إدلشتاين، الذى يرفض التنازل عن بند العقوبات ويصر على تفعيله فور إقرار القانون، دون تأجيل لعام كما يطالب الحريديم.
ويبدو أن نتنياهو يحاول جاهدًا تأجيل التصويت النهائى على مشروع قانون حلّ الكنيست، آملاً فى كسب الوقت والتوصل إلى تسوية تبقى على تماسك الائتلاف. لكن مصادر داخل الحكومة تؤكد أن المحادثات حول قانون التجنيد وصلت إلى “طريق مسدود”، ما يزيد من احتمالات انهيار الحكومة.
ضغوط داخلية وخارجية
وسط هذه الأزمة، برزت محاولة من السفير الأمريكى فى إسرائيل، مايك هاكابي، للتأثير على موقف الأحزاب الحريدية وثنيها عن تأييد قانون حل الكنيست.
وقد أثارت هذه المحاولة ردود فعل غاضبة، حيث اعتبر رئيس حزب “يسرائيل بيتينو”، أفيغدور ليبرمان، أن “تدخل هاكابى سابقة غير مقبولة”، بينما شكك زعيم المعارضة، يائير لبيد، فى صحة تلك المعلومات، مشددًا على أن “إسرائيل ليست دولة تابعة”.
من جانب آخر، أكد مصدر سياسى إسرائيلى لصحيفة “هآرتس” أن التصويت على مشاريع قوانين حل الكنيست، والمقرر يوم الأربعاء، لا يعنى بالضرورة انهيار الحكومة، حيث إنه لا يزال فى مراحله التمهيدية، ويمكن تأخيره من خلال اللجنة البرلمانية التى يسيطر عليها حزب الليكود.
الموقف الحريدى لا يتغير
رغم محاولات نتنياهو المستمرة لتهدئة الأحزاب الدينية، أكدت كتلة “يهدوت هتوراه” أنها لا ترى إمكانية لقبول أى مشروع قانون لا يلبى مطالبها بشكل كامل، معتبرة أن حتى من لا يدرس التوراة “لا يجب أن يُجبر على الخدمة العسكرية”. بل إن بعض الحاخامات البارزين أصدروا فتاوى تمنع أى تأييد لقانون يحدد أعداد المجندين من الحريديم، فى إشارة إلى عمق التمسك برفض التجنيد.
دعم متزايد لحل الكنيست
أظهرت نتائج استطلاعات الرأى التى نُشرت مؤخرًا أن الغالبية العظمى من الإسرائيليين باتوا يؤيدون حلّ الكنيست والتوجه إلى انتخابات مبكرة. فقد بيّن استطلاع القناة ١٢ أن ٥٧٪ من المواطنين يدعمون إجراء انتخابات جديدة، بينما عارض ذلك ٣٣٪. ووفق استطلاع القناة ١٣، عبّر ٥١٪ عن تأييدهم لهذا الخيار، مقابل ٣٩٪ رفضوا ذلك.
وما يزيد من تعقيد المشهد السياسى أن نسبة كبيرة من الإسرائيليين ترفض مشاركة الأحزاب الحريدية فى أى ائتلاف حكومى مقبل.
وعبّر ٥٥٪ من المشاركين فى استطلاع القناة ١٢ عن رفضهم لهذا النوع من التحالفات، وهو ما يشير إلى تصاعد الاحتقان الشعبى تجاه الامتيازات الممنوحة لهذه الأحزاب، خاصة فى ما يتعلق بالخدمة العسكرية.
إخفاق ٧ أكتوبر يتصدر
فى حال جرت الانتخابات قريبًا، فإن الفشل فى أحداث ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ سيكون فى صدارة القضايا التى تؤثر على قرار الناخبين، بحسب ٤٣٪ من المستطلعة آراؤهم. تليه أزمة الجهاز القضائى بنسبة ٢٠٪، ثم قانون التجنيد بـ١٧٪، فيما تراجعت قضية إيران إلى ٩٪ فقط، فى انعكاس لتغير أولويات الجمهور الإسرائيلي.
بينيت يتقدم ونتنياهو يتراجع
أشارت نتائج الاستطلاعات إلى تغير كبير فى توازن القوى داخل الكنيست فى حال جرت الانتخابات اليوم. فحسب استطلاع القناة ١٢، يتصدر حزب جديد بقيادة نفتالى بينيت المشهد بـ٢٤ مقعدًا، متقدمًا على الليكود بقيادة نتنياهو الذى حصل على ٢٢ مقعدًا فقط. أما استطلاع القناة ١٣ فرفع عدد مقاعد بينيت إلى ٢٧ مقابل ٢٤ لليكود.
فى المقابل، تراجعت أحزاب الائتلاف الحالي، بما فى ذلك “شاس” و”يهدوت هتوراه”، التى أظهرت المؤشرات انخفاضًا ملحوظًا فى شعبيتها. وبحسب نتائج القناة ١٣، لن تتجاوز مقاعد ائتلاف نتنياهو الحالى ٤٨ مقعدًا، مقابل ٧٢ للمعارضة المحتملة، وهو ما يجعل استمرار نتنياهو فى السلطة موضع شك كبير.